“تأجيل الأقساط” بين “أعباءٍ زائفةٍ” يدفعها المواطن وأحلام قطاعٍ تجاريٍ بتحريك السوق

“تأجيل الأقساط” بين “أعباءٍ زائفةٍ” يدفعها المواطن وأحلام قطاعٍ تجاريٍ بتحريك السوق

عمّان – رائد صبيح  

ارتفعت وتيرة الإشاعات التي تتحدث عن احتمالية قرارٍ حكوميٍ مرتقب يصدره البنك المركزي بتأجيل أقساط شهر نيسان الحالي، بمناسبة قرب حلول عيد الفطر السعيد، وما يرتبه من أعباءٍ على المواطنين، وسط حالة ترقبٍ شديدٍ من القطاع التجاريّ الذي ينتظر بـ”فارغ الصبر” مثل هذا القرار الذي يمكن أن يكسر حالة الركود والكساد التي تعانيها الأسواق وينقذ قطاعاتٍ متضررة بشدة، بحسب مراقبين.

وبين من يرى أنّ تأجيل الأقساط ما هو إلإ قرارٌ زائفٌ حال صدوره سيتحمّل كلفته المواطن ويستفيد منه التجار فقط ، وآراءٍ اخرى تطالب بصيغة أكثر حيوية عبر فرض البنك المركزي لاختيارية تأجيل الأقساط دون فرض فوائد على هذا التأجيل أو توزيع القسط المؤجل بنسب بسيطة على باقي الأقساط بما يخدم المواطنين والحالة الاقتصادية الصعبة ولا يؤثر على أرباح البنوك التي كشفت أرقام ميزانياتها المنشورة في الصحف أرباحًا تضاعفت خلال العام الماضي وستتضاعف مع فرض البنك المركزي سياسات رفع الفائدة وربطها بالفيدرالي الأمريكي.

تأجيل الأٌقساط  عبء جديد ولكن!

من جانبه يرى الخبير الاقتصادي محمد البشير أنّ “تأجيل الأقساط يعني مزيدًا من الأعباء، باعتبار أنه يحمّل المدينين أعباءً جديدة وجدولة جديدة إن كان هناك جدولة، أو تأجيل القسط لفترة لاحقة، وتحمّل كلفة هذا التأجيل مستقبلاً”.

وقال البشير في تصريحاته لـ “البوصلة“: إنّ الجانب الآخر المهم بتأجيل الأقساط يتمثل بالحاجة، فعندما نتحدث عن التزامات شهر رمضان الفضيل والتزامات العيد وما تتطلبه الحالة من اعباء من جهة، ومن أسعار مرتفعة بسبب الكلف العالية للسلع الإستراتيجية وانعكاسها على السلع المتعلقة باستهلاك المواطنين، سواءً ذات كان علاقة بالمعاش اليومي، أو ذات علاقة بمتطلبات العيد المختلفة.

الباحث الاقتصادي محمد البشير: يمكن للبنك المركزي فرض سيناريو اختياري لتأجيل الأقساط يحرك السوق ولا يفرض أعباء على المواطنين

ولفت للقول: لا شك أنّ هذا الموضوع يتوجب أن يكون متروكًا ومفتوحًا أمام من يرغب ومن لا يرغب، لكن كلفته الاقتصادية عالية على المواطنين، ولكنّه يساعد في فكفكة شيء من الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها القطاعات المختلفة، وخاصة قطاع الألبسة على وجه الخصوص وقطاع الحلويات وغيره من القطاعات المرتبطة بالغالبية العظمى من المواطنين، ولا نتحدث هنا عن القلّة القليلة التي تستطيع أن تتعامل مع العيد بتعبيرات أخرى ذات علاقة بالسياحة والسفر.

إقرأ أيضًا: خبير لـ “البوصلة”: السيولة تنعش الأسواق والحكومة مطالبة بتحسين “اقتصاد المواسم”

وتابع البشير: “نحن نتحدث عن هؤلاء الذين يتواصلون مع ذويهم تأكيدًا لسنة اتبعت خلال الفترات الماضية ولا يستطيع أن يتخلى عنها المواطن، وبالنتيجة انعكاسها مباشر على اقتصاديات الوطن بأشكاله المتعددة التي قد تبدأ بالملبس والمأكل وتنتهي بالمساعدة النقدية المباشرة”.

وأكد أنّ “هذا كله رهن التفاهم بأن يكون مفتوحا من خلال تعليمات البنك المركزي، وأن تدعو البنوك لجعل موضوع تأجيل الأقساط اختياريًا أفضل من أن يكون إلزاميًا، باعتبار أنّ البنوك تعرف جيدًا إمكانيات الناس وقدراتهم، وبالتالي التعامل معه بمرونة مطلوب بشكلٍ أو بآخر”.

إمكانية تاجيل الأقساط دون فرض فوائد

وحول إمكانية صدور قرار بتأجيل القروض على المواطنين دون فرض أعباء إضافية وفوائد، أوضح البشير أنّ البنك المركزي يستطيع أن يفعل الكثير من خلال التفاهمات مع البنوك، على اعتبار أن رفع الفوائد لمواجهة التضخم أو استجابة لضغوط الفيدرالي الأمريكي، نتائج ذلك كله هي أرباح للبنوك.

وقال الخبير الاقتصادي: واضح تمامًا أنّ الميزانيات التي تمّ نشرها في الصحف المحلية تؤشر على أنّ أرباح البنوك كانت مضاعفة لبعض البنوك، وبعضها ربحت 50% زيادة عن السنة الماضية، وبالتالي السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي كانت لصالح البنوك.

واستدرك بالقول: حيث أنّ هناك فائدة جنتها البنوك خلال الفترة الماضية وما زالت تجنيها، يستطيع البنك المركزي تعويض ذلك من خلال تأجيل الأقساط من دون فوائد أو التعامل مع موضوع هذا القسط بتأجيله وتوزيعه على بعض الأقساط بنسب بسيطة من دون أن تحصل فوائد وكلف إضافية على القرض.

إقرأ أيضًا: دعوات تأجيل أقساط البنوك تتعاظم وسط تحذير من سلبياتها على المقترضين وتشكيك بجدواها

ونوه البشير إلى أنّ “كل شيء ممكن ووارد، ويستوجب من القوى الفاعلة في المجتمع أن تدفع البنك المركزي ليفعل ذلك، والمشكلة الرئيسية أنّ الفائدة الرئيسية بين العميل والبنك الممول بشكل عام هي معومة منذ عام 1990، والبنك المركزي لا يتدخل بين الطرفين، وترك آلية للسوق أن تتفاعل بالمنافسة, ولاحظنا كيف تتراوح نسب الفائدة بين البنوك وتصل في بعض الأحيان إلى 12% وأكثر على مختلف السلع التي تقدمها البنوك على شكل قروض سيارات أو قروض إسكان أو قروض تجارية أو قروض مدينة”.

وختم البشير تصريحاته لـ “البوصلة”: في النهاية التعامل بشقي الموضوع ما هو إلا تأجيل لأزمة السيولة التي يعيشها كثير من الناس، وفي الشق الآخر إذا تحدثنا عن مبلغ 300 مليون مجموع الأقساط المتوقعة، فإنها تحرك السوق وتساعد اقتصاديًا كثيرًا من المتضررين من التجار.

تأجيل زائف يدفع كلفته المواطن

وتحدث الكاتب ماهر أبو طير في مقالته بصحيفة الغد عن عودة موجة الإشاعات عن تأجيل محتمل للقروض بمناسبة العيد، مؤكدًا أنّه لن يكون هناك تأجيل لأقساط شهر 4 بسبب العيد، إلا إذا حدثت معجزة في اللحظات الأخيرة، لكن المؤشرات والمعلومات تقول أن لا توجه لتأجيل أقساط قروض المصارف.

وطالب أبو طير الحكومة بحسم هذا الأمر وعدم تركه للتشاغل والتداول وصناعة الإشاعات، معبرًا عن أسفه ممّا يسود اليوم من تبادل الاتهامات في أعلى مستوياته، فالقطاع التجاري في المملكة، يعاني من الكساد، وقلة المبيعات، والذي يتجول في الأسواق يلمس حالة الهدوء إلى درجة كبيرة، بسبب قلة السيولة، وهذا القطاع يريد تحريك مبيعاته، وهذا حقه، لكنّه يضغط أيضًا من خلال الدعوات لتأجيل الأقساط، وفاتورة التأجيل على حساب المواطن الذي سيؤجل قسطه، والمعنى أنّ الحركة التجارية التي ستنجم عن التأجيل زائفة، يستفيد منها التاجر، ويتحمّل كلفتها المواطن.

وقال أبو طير: في كل الأحوال لا يمكن أن ننكر مجددا أن هناك ظرفا صعبا جدا، وأن الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية تتزايد، وأن أغلب الأردنيين مدينين للمصارف، وأنشر هنا مجددا أرقامًا مذهلة (…) نشرتها صحيفة الغد تشير إلى أن ودائع الجهاز المصرفي تبلغ 42 مليار دينار، تم تقديم تسهيلات مصرفية منها لمختلف القطاعات الاقتصادية بقيمة تقترب من 32 مليار دينار، وهناك أكثر من 10 مليارات دينار تم إقراضها للحكومة بواسطة السندات، بمعنى آخر، فإن جميع موجودات البنوك مستغلة في التسهيلات.

إقرأ أيضًا: “تأجيل الأقساط البنكية”.. حل لركود الأسواق أو ترحيل للأزمة وتفاقمها؟

ولفت إلى أنّ “هذا يعني أن الكل تقريبا مدين للمصارف، ولم تعد القصة قصة تأجيل شهر أو شهرين، لأننا أمام ديون لم تترك أحدا، والأرقام السابقة تثبت حجم الاستدانة التي شملت المواطنين وحكومتهم الرشيدة، على حد سواء، بما يجعلنا أمام مشهد معقد لهذه الديون وكلفتها، برغم أن نسبة التعثر في السداد، من أقل النسب العالمية، وفقا لتصريحات الخبراء والمختصين”.

وختم أبو طير بالقول: “هذه مطالعة لا تقف ضد أي أحد يرغب بتأجيل قسطه، لأن متطلبات البيوت، جعلت الحلول منعدمة، والأحوال شبه متعثرة، لكن هذه المطالعة تريد أن تقول بشكل مباشر، أن مشكلتنا الأعمق، ليست في قسط، ولا قسطين، بل في مجمل أوضاعنا الاقتصادية، وإلى أين نذهب؟”.

دراسة المبررات

وكان مدير جمعية البنوك الأردنية، ماهر المحروق، قال في تصريحات منتصف الشهر الماضي إنّ تأجيل أقساط القروض يتطلب دراسة مبرراته ومدى توفرها.

وأضاف محروق، أن تأجيل أقساط القروض مرتبط بالبحث عن مبررات التأجيل، ومدى توفرها من عدمه، حيث إنّ العام الحالي ليس أول عام يكون فيه شهر رمضان أو أي مناسبات أخرى، وفق ما ذكره للمملكة.

وكان عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن، أسعد القواسمي، طالب بتأجيل أقساط القروض بما لا يقل عن 3 أشهر بدون فوائد أو غرامة الفائدة؛ مما سينعكس إيجابا من ناحية تدويرها بدون أي التزامات أخرى على المقترضين.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: