محمد أبو رمان
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

خارج التغطية

محمد أبو رمان
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

صُدم الشارع الأردني باستشهاد نائب مدير الشرطة في محافظة معان (جنوب) عبد الرزاق الدلابيح، أول من أمس، وبإصابة ضابطين آخَرين، خلال التعامل مع احتجاجاتٍ لسائقي الشاحنات والأهالي المعتصمين، من دون أن يُعرف من أطلق النار حتى كتابة هذا المقال، وقد هزّت الواقعة الرأي العام بأسره، وأحدثت حالة من الذعر من تطوّر الأحداث.

للأسف، كان سياق التطورات المتلاحقة والمتصاعدة، على خلفية رفع أسعار المحروقات، ينذر بحدوث الأسوأ، إذ كانت الاحتجاجات والسقوف ترتفع، وفي الوقت نفسه، عصيان مدني ناجح تماماً في مدينة معان، وامتداد الحركة إلى محافظات أخرى، وتعطّل ميناء العقبة والسياحة، بما يجرّه ذلك من خسارات مالية فادحة، والأخطر تهشيم صورة الأردن سياحياً، وهو لا يزال يتعافى بعد وباء كورونا. وأمام ذلك كلّه، كانت الصدمة الحقيقية في اختفاء الحكومة عن المشهد بالكليّة، بعد رفع الأسعار وانتشار الاحتجاجات، ما أوجد مساحات واسعة من الاشتباك والاحتكاك بين الأمن والمواطنين من دون ماكينة أو حلول سياسية في الأفق.

وإذا كان بيان أهل معان، حيث وقعت الاحتجاجات الشديدة والاشتباكات وجريمة قتل الدلابيح، قد دان الجريمة، وأكّد التمييز بين الاحتجاجات السلمية المشروعة وعمليات الشغب والاعتداء على الممتلكات غير المقبولة، فإنّه (البيان) حمّل الحكومة، صراحةً، مسؤولية التطورات الكارثية. وفي المقابل، عكس بيان عشيرة بني حسن (عشيرة الشهيد) غضباً مشابهاً من الحكومة، ضمنياً، عندما أعلن رفض استقبال أي مسؤول حكومي أو حتى نواب أو أعيان!

يحمل ما حدث دلالات متعددة، أبرزها ما بدا واضحاً تماماً أنّ هنالك ضعفاً يتجذّر ويتعمق باستمرار في إدارة الأزمات وفي التعامل مع الشارع، وهو الأمر الذي وصل إلى أقصى مداه في الأزمة الحالية، ما أدّى إلى حالة من الفراغ السياسي الواضح، سواء في محاولة الوصول إلى تسويات والتعامل مع الاحتجاجات التي أصبحت بمثابة كرة الثلج المتدحرجة، أو حتى في التعامل مع حوادث خطيرة من قطع الطرق والمواجهات مع الأمن.

أخطر ما في الأزمة هو الفشل، بل الانهيار في الرواية الإعلامية الرسمية، أو تفريغ الفضاء الإعلامي العام في البلاد من مناقشة ما يحدُث وعقلنة الخطاب الشعبي، بدلاً من ذلك، كالعادة، استُخدمت سياسات المنع، ما نقل مئات آلاف من المواطنين إلى التواصل الاجتماعي، وأصبحت منصّات الإعلاميين المعارضين في الخارج بمثابة القنوات الفعلية الحقيقية التي تنقل الأحداث، وتغطي وجهة نظر الاحتجاجات، بينما الطرف الحكومي الذي يفترض أنه يمتلك الأدوات الإعلامية الكبيرة غائب، فإلى متى ستبقى السياسات الرسمية متأخرة قروناً عن التحوّلات الكبرى التي تحدث والحكومة خارج التغطية.

وأيّا كانت نتيجة ما يحدث من احتجاجات، وما ستؤول إليه سياسياً، طالت أم قصرت، فإنّ الدلالة الأخرى مما حدث أنّها تعكس منسوب الاحتقان والغضب في الشارع، بخاصة في المحافظات مع ارتفاع معدّلات البطالة بصورة قياسية وعجز الناس عن التكيّف مع ارتفاع الأسعار، وهذا الوضع لا يمكن الاستهانة به والتقليل من شأنه، فهو مهدّد بالاشتعال في أي لحظة وعلى خلفية أي قضية، ومن الضروري أن يفهم المسؤولون مما حدث أنّ الحلول الأمنية بلا ماكينة سياسية ستؤدّي إلى نتائج وخيمة وأشد خطورةّ.

بالضرورة، يمثّل مسار التحديث السياسي وإيجاد بيئة مناسبة للأحزاب السياسية مساراً مهماً للتعامل مع هذه التطورات، لكن هذا المسار لا يزال يواجه أزمة ثقة وشكوكا في المصداقية من الشارع لأسباب متعدّدة، لكن أهمها أن السياسات الرسمية لا تزال متردّدة وغير واضحة، والرسائل الصادرة باتجاه الانتقال نحو الحريات العامة وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية الفعلية هي رسائل ملتبسة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts