خبيرة تربوية: “أُمَمٌ أمثالُكم”.. لكنّها لا تعرف النميمة أو الهمز واللمز

خبيرة تربوية: “أُمَمٌ أمثالُكم”.. لكنّها لا تعرف النميمة أو الهمز واللمز

عمّان – البوصلة

أكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في سردها للحظات التي قضتها في متابعتها واهتمامها بالطيور التي تحط على شبابيك منزلها لنيل بعض الطعام والشراب، أنّها استلهمت منها دروسًا وعبرًا عديدة تستحق التوقف عندها ومقارنتها بسلوكنا نحن البشر في سياق الدعوة إلى أحسن الأخلاق والبعد عن المذموم منها لا سيما في نهاية أيام شهر رمضان المبارك وقرب العيد.

وقالت عربيات في حديثها لـ “البوصلة“: بدأتُ منذ سنوات أتابع الطيور التي تقف على حافة الشبابيك، واستمتعت برؤيتها كيف أنَّ لها أوقاتاً محدَّدة للطعام، وكيف تغيب أوقاتاً أخرى، بقي الحال على ما هو عليه، ورأيتُ فيها رفقةً صالحةً لا تعرفُ الكذب والخداع، ولا تعرفُ النميمة، ولا تعرف الهمز واللمز!! وغيرها من الأمور التي يضيقُ بها الصَّدر من صحبة بعض البشر، ذلك لأني اكتشفتُ من خلال الكثير من المواقف أن البشر أجناس، منهم من يحمل صفة الإنسانية، ومنهم تتبرأُ منهم الإنسانية بكل ما تعني الكلمة من معنى.

الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى

ولفتت إلى القول: كنت وما زلتُ أرى في الطيور، قوله تعالى “الذي أعطى كلَّ شيءٍ خَلقهُ ثمَّ هدى”، تعرف ما تريد، وتسبّح ربَّ العالمين، لكن منذ أكثر من أربعة أشهر جاء إلى محيط بيتي طيورٌ جديدة، كبيرة الحجم، بدأت تنافس صغار الطيور في طعامها الذي أضعه لها – من فضل ربي.

وتابعت عربيات قصتها مع الطيور بالقول: صرتُ أراقب تصرفات الطيور، كيف تقفُ صغار الطيور جانباً عندما ترى تلك الطيور الكبيرة تأكلُ طعامها، ولا تعرف كيف تدافع عن نفسها، وتسترقُ الوقت لتلتقطَ بعض الحبوب عندما تنتهي كبار الطيور وتغادر المكان.

واستدركت قائلة: لا أُخفي أني حاولت الدفاع عن صغار الطيور، لكن دون جدوى إذ لا يمكنني المكوث ساعات لمراقبة ما يحدث! لكن ومن خلال عدة مشاهد مختلفة رأيتُ فيها أصنافاً من الطيور – لم أرَها في حياتي – حتى أني ظننتُ أن الطيور تاهت بين شبابيك بيتي وحديقة الطيور.

ونوهت قائلة: المهم، من خلال عدة مشاهدات استوقفتني من أهمها كيف تتنازع الطيور وتحاول أن تؤذي بعضها البعض – بمنقارها – الذي نحسبه ضعيفاً، وكيف تطرد وتدفع بعضها البعض – وذلك بين الطيور الكبيرة فقط – ذلك لأن صغار الطيور استسلمت منذ البداية.

حكاية الكون

وأضافت: عندما تأملتُ في قوله تعالى: ” وما من دابَّةٍ في الأرضِ ولا طائرٍ يطيرُ بجناحيه إلاَّ أُمَمٌ أمثالُكم ما فرَّطنا في الكتاب من شيء ”  ( صدق الله العظيم )، عندئذٍ وجدتُ أنَّ هذه حكاية الكون، القويّ يستقوي على الضعيف.

وتابعت حديثها: لكن الفرق وجود العقل والتمييز عند بني البشر، الذين يظلمون وهم يعرفون، يكذبون وهم يستكبرون، عن الفضيلة يتحدثون ويذنبون، وفي العدالةِ يظلمون، كل الرجال والنساء على حدٍّ سواء يكذبون، يظلمون، ومن أجلِ جاهٍ ينحنون، عن الأمانةِ يتحدَّثون ويسرقون، يظلمون ويصمتون ! يقولون ما لا يفعلون!

وقالت عربيات: لكن دائماً نقول الحمدلله أن في النهاية يوم الحساب عند الحَكَمِ العدل، فإذا رفعتَ دعواك إلى رب العالمين، فلا تقلق فالشهود ملائكة، والقاضي أحكمُ الحاكمين، فكفانا ظلماً!

وعبّرت عن أسفها من أنّ بعض الناس يدّعون أنّهم ملتزمون دينيًا، ولكنّك حين تخالطهم في مجالسهم  الخاصة والتي من المفترض أن تكون جلساتٍ للودّ والخير والإحسان، لتجدها تتحوّل إلى جلساتٍ للتفاخر والتكبر، فيوجّه صاحب الجاه والثراء الإهانات لضيوفه بشكلٍ هجوميّ في موضوعاتٍ لا تستحق أن تذكر، بقصدٍ أو دون قصدٍ، إضافةً إلى الإستهزاء والتعالي المادّي الظاهر، لتكتشف أنّ بعضهم يرى أنّ من يسكن في “فيللا” أفضل ممن يستأجر بيتاً، بغضِّ النظر عن مصدر المال!

وتساءلت: ألا يشبه هؤلاء البشر في صنيعهم ذلك الطير الذي قام بإيذاء الطيور الأخرى الكبيرة والصغيرة منها؟ ألا يشبهون طائر الغراب الذي جاء صباح يوم بقوةٍ واستعلاء ليخطفَ بيضةً رقدت عليها إحدى الحمائم الضعيفة؟ ألا تشبه الطيور الذين لا يرون سوى أنفسهم – حتى لو لم تستخدم المرايا؟ هي كذلك، بل شرٌّ من ذلك، “ويحسبون أنهم يُحسنونَ صُنعاً”.

لماذا القهر والظلم؟

وتابعت، قال لي أحدهم إن القطط حين تضع صغارها، تستبعد الضعفاء منهم، وتهتم بالأقوياء، ربما هي طبيعة الحيوانات التي لا عقلَ لها، لكن ماذا عن الإنسان الذي يظلم أبناءه أو بناته ، يعيشون معه معنى القهر والظلم، وهو يدرك تماماً أنه سيغادر هذه الحياة كما غادرها الكثير، فلماذا الظلم والتجبُّر؟ لقد ورد في الحديث الشريف أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لتُؤَدُّنَّ الحقوقَ إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقادَ للشَّاةِ الجلحاء من الشَّاةِ القرناء”.

واستدرك عربيات بالقول: لقد قال “الحقوق”، نعم جميع الحقوق، فليست كل الحقوق مالاً، وليست كل الحقوق عقارات وأبنية، هناك حقوق لا يغفرها رب العالمين ما لم يسامح من أُسيءَ إليهم، وكيف يسامح هؤلاء في حال ترتيب جلسة خاصة لإهانتهم؟؟

وأضافت: كيف، وقد ورد في قوله تعالى :” ولا تحسبنَّ الله غافلاً عمَّا يعملُ الظالمون، إنما يؤخِّرُهُم ليومٍ تشخَصُ فيه الأبصار”.

وختمت عربيات حديثها بتوجيه رسالة: أيها الظالمون، إحذروا عواقبَ ظلمكم، وتذكروا أنَّ لكم عقلاً تُدركون ما تقولون وما تفعلون، وما تهمزون وما تلمزون، وما تسخرون وما تستعلون، فلستم كهذه الطيور التي لم يكن لها عقلاً، بل أنتم بشرٌ ممن خلق، وقد أحصاهُ اللهُ ونسوه.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: