دراوشة لـ “البوصلة”: هذه مخاطر “قانون الطفل” في استهداف الأسرة الأردنية

دراوشة لـ “البوصلة”: هذه مخاطر “قانون الطفل” في استهداف الأسرة الأردنية

أكدت رفضها للاتهامات التي توجهها مؤسسات نسوية لرافضي القانون

عمّان – رائد صبيح

حذرت رئيسة القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الإسلامي الدكتورة ميسون دراوشة في تصريحاتها لـ “البوصلة” من خطورة مشروع قانون الطفل المعروض على مجلس النواب اليوم، مؤكدة أنّ تمريره كما هو بالمواد والمصطلحات القانونية الفضفاضة الواردة فيه سيسهم بتحقيق ما تريده “معاول الهدم” ويقوّض آخر حصون الفضيلة والأخلاق في المجتمع الأردني ممثلاً في الأسرة.

وعبّرت دراوشة عن أسفها للاتهامات التي تطلقها بعض مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية ضد من يعارضون “قانون الطفل” واتهامهم بتزييف الوعي في الوقت الذي تمارس فيه هذه الجهات أدوارًا مشبوهة عبر سعيها الدؤوب للسيطرة على المشهد بالصوت العالي والتخويف والاتهامات.

وقالت إنّنا نتهم اليوم بأننا “تضليليون” ونقرأ الأشياء بغير تعريفها الحقيقي، على الرغم من ثبوت صحة تحذيراتنا منذ أكثر من 15 عامًا من خطورة الاتفاقيات التي وقعها الأردن فيما يتعلق بحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة والطفل بشكلٍ خاص لما لها من “آثار تدميرية” تمس الأسرة بشكل واضح ومباشر.

وأضافت  بالقول: منذر 15 عامًا وبمختلف المنابر الإعلامية حذرت من مصطلح “الجندر” ويومها اتهمت بأنني أفسر المصطلح بشكل خاطئ، واليوم اللجنة الملكية ذاتها رفضت أن تضع كلمة الجندر في التوصيات النهائية لأنها اعترفت بأنها تفضي للاعتراف بالمثليين مستقبلاً.

وتابعت حديثها بالقول: بالنسبة لنا لا نرفض شيئًا ونقبل شيئًا فالحكمة ضالة المؤمن وأنّى وجدها فهو أولى الناس بها، فإن كان هناك اتفاقية عالمية للأمم المتحدة فيه خير ومصلحة وليس فيه ضرر أو تعارض مع ديننا وثقافتنا فنحن نرحب بها، ما دامت لا تتعارض مع قيمنا وديننا بشكلٍ صارخ.

وشددت على “رفض كل تشريعات وقوانين إن كان تطبيقها سيفضي إلى مجتمعات مفككة لا تحترم مؤسسة الأسرة”.

د. ميسون دراوشة: نقوم بواجبنا وأمانتنا تجاه مجتمعنا وحماية أسرنا من الاستهداف ولا نلتفت للناقدين

محاذير ومخاطر إقرار القانون

وقالت دراوشة: اليوم خرج علينا قانون الطفل الذي ظل حبيس الأدراج منذ مصادقة الأردين على “اتفاقية الطفل” في العام 2006، ومن يقرأه بصورته الأولية يقول بأنه قانون عام بسيط ولا يوجد فيه المزاعم والمخاوف التي تدعونها.

وأكدت على أنّ القوانين يجب قراءتها بوعي فكل كلمة فيها إما أن تكون واضحة ومحددة ولها تفسيرها وإما هي تفتح لغيرها المجال لكي يفسرها غدًا بما يريد وحسب هواه.

وأشارت درواشة إلى أنّ من أخطر المواد التي جاءت في مشروع القانون “تعريف الطفل” والذي جاء عامًا وغير محكم ويتعارض مع تعريف الطفل في قوانين أخرى، وتحديده بعمر ال18 عامًا، الأمر الذي يترك لكافة الجهات الداخلية والخارجية التدخل والعبث في توجيه الطفولة في الأردن.

ولفتت دراوشة إلى أنه يمكن بعد تطبيق مثل هذا القانون أن يحدث تعارضًا مع صلاحيات “قاضي القضاة” الذي من حقه أن يزوج من هم دون سن الثامنة عشرة إن وجد مصلحة في ذلك، فيصبح متهما بتزويج الأطفال، ويصبح منع ذلك مقننًا.

وترى دراوشة أنّ أحد المآخذ كذلك على قانون الطفل مصطلح “الجهات المختصة”، فلم تعرف من هي الجهات المختصة المسؤولة عن تنفيذ هذا القانون، محذرة من أنّ ذلك يدخلنا في دوامة هل هي جهات حكومية أم غير حكومية وهل هي منظمات دولية  أم محلية، وهذا الأمر مفتوح، والقضايا المفتوحة في القوانين خطيرة، ولا أعتقد أن من وضع القانون “ساذج” قانونيًا، لكنّهم ما يتعمدون دائماً التعويم والضبابية واستخدام المصطلحات غير الواضحة، ثمّ بعد ذلك يفسرونها.

وشددت على أنّ “المطلع على الاتفاقيات الدولية وتطبيقها في الدول الأخرى يعلم مآلات هذه الكلمات وعواقبها”.

ومن المصطلحات التي تعترض عليها دراوشة “المصلحة الفضلى”، ما هي وهل هي للطفل مع أسرته أو مع غير ذلك مما أورده القانون، وهذه كلها جاءت ضمن الألفاظ الفضفاضة غير المعرفة، وكذلك حال مواد القانون.

إشكاليات كبيرة وخطيرة في القانون

ولفتت دراوشة إلى إشكاليات كبيرة وخطيرة في المادة السابعة المتعلقة بحرية التعبير والتقاضي وطلب المعلومات، ووصفتها بأنّها “جميعها أخطر من بعضها البعض”.

وقالت إنّ حرية التعبير تتضمن كل شيء معتقداته مهما كانت معتقداته، فيأتي من يقول لك نحن هنا لا نتحدث عن تغيير الدين، لكن غدًا تقولون هو حر ليعبر عن كل شيء معتقداته وأفكاره ولا يحق لأحد منعه بمن فيهم الوالدين.

وحول حقه في طلب المعلومات، قالت دراوشة: إنّ هذا الأمر مفتوحٌ على مصراعيه، ولا يسمح للآباء بوضع كنترول على الإنترنت وفرض القيود على أبنائهم لساعات محددة، لكن ما يريده واضعوا القانون أن يعيش الطفل في دنيا مفتوحة دون أيّ اعتبار لما لذلك من آثار.

ولفتت إلى مشكلة أخرى في القانون ممثلة في “حرية التقاضي؛ فيحق للطفل حرية التقاضي مع أي إنسان يمنعه من هذه الحقوق كائنًا من كان بما فيهم عائلته القريبة”.

وحذرت من أنّ مواد القانون تؤسس لـ “رفض السلطة الأبوية”، وتكريس فكرة الحرية المطلقة للطفل، فنصوص المواد لم تنص صراحة على حق التأديب للوالدين، بعكس ما ورد في قانون العقوبات، التي تنص في المادة 62 منه على أنّ أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاء أو ضررًا لهم ووفق ما يبيحه العرف العام لا يعتبر جرمًا.

ونوهت دراوشة إلى أنّ المادة 8، تنص على عدم التدخل في حيازة الطفل الخاصة واحترامها، متابعة بالقول: غدًا إن كان ابنك مراهق وأصبح عنده شذوذ أو أصبح لديه توجهات أو أصحاب غير أسوياء، فأنت لا تستطيع منعه من أي شيء.

وقالت دراوشة إنّ مشروع قانون الطفل مشتق من “اتفاقية الطفل” وما فيها من “بلاوي” وبإمكانكم الرجوع لها والاطلاع عليها، صحيح أنهم لم يوردوا موادها بشكل صارخ كما نصت عليه من حرية تغيير الدين والشذوذ وتسجيل النسب خارج إطار الأسرة، لكن إمكانية تفسير المواد والمصطلحات الفضفاضة قد توصلنا إلى هذا الحد مستقبلاً.

وشددت دراوشة على أنّ مشروع قانون الطفل يتعارض بشكلٍ صارخ مع أكثر من 10 قوانين، متمثلة في: قانون الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات، وقانون الحماية من العنف الأسري، وقانون وزارة التربية والتعليم، ونظام مراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، ونظام رعاية الطفولة، وقانون الصحة، وقانون الأحداث وغيرها من القوانين الفاعلة.

وحذرت من أنّه إن تم تطبيقه مستقبلاً فإنه سيعلو على القوانين العامة وسيتم اللجوء له لتفسير المواد القانونية المتعقلة به.

أداء الأمانة رغم الانتقادات

وقالت دراوشة: “عندما رفع نواب كتلة الإصلاح في حزب جبهة العمل الإسلامي ملاحظاتهم حول مشروع قانون الطفل، حرصنا على القيام بواجباتنا وأدوارنا وكلٌ في مكانه وانعقدت لدينا لجنة لدراسة هذا القانون وكانت هناك نقاشات كثيرة مستفيضة وجهود كبيرة مع النواب ولم تكن مجرد خطب وشعارات.

وعبرت عن أسفها للاتهامات الصادرة بحق معارضي القانون من “التيار المدني والنسويات”، واتهامهم بالسعي لتضليل المجتمع، فيما الواقع هو العكس تمامًا، فهؤلاء يريدون أن يفرضوا على المجتمع الأردني ما يتعارض مع ثقافته وهويته عبر استخدام الصوت العالي والاتهام المباشر فيما ليس لهم أي أثر على مجتمعنا.

وقالت دراوشة: إننا لا نلتفت لهذه الاتهامات غير المحقة، ولو كان لدينا حياة ديمقراطية حقيقية لامتلكنا أدوات التغيير، ولكنّنا نسعى رغم كل شيء للقيام بواجب الأمانة والشهادة نقدمها لأصحاب القرار، نحذرهم ممّا نحن مقبلون عليه من خطرٍ محدق بأسرنا الأردنية.

وتابعت حديثها بالقول: سنذكرهم جميعا بعد عشر سنوات إن تمّ تطبيق مثل هذه القوانين لا قدر الله كيف سيكون أثرها على المجتمع، وسيعلمون حينها من الذي كان يزيف الوعي ويخدع المجتمع.

وأشارت إلى أنّ مشاكل الأسرة يمكن معالجتها دون وضع قوانين خاصة في هذا السياق، وتعميم المشاكل وكأنها سمة عامّة للمجتمع الأردني يضر ولا يفيد.

وحذرت دراوشة ممّا تستهدفه القوانين الدولية اليوم من هدمٍ لآخر معاقل حماية الفضيلة وهي الأسرة، بعدما تم استهداف جميع المؤسسات التي تربي على الفضيلة من مساجد ومدارس ومناهج واختزال أدوارها بشيء محدود جدًا.

وتابعت بالقول: إن آخر حصن متمثل في الأسرة والأم والأب وما أودعه الله في نفوسهم من حب ومن حرص على مصلحة أبنائهم، وقد يخطئ بعض الآباء والأمهات، ونتساءل هنا كم نسبتهم؟ فهي قليلة جدًا فيما الغالبية العظمى تحرص على أبنائها أيما حرص وتربيتهم على التربية الأخلاقية والقيمية الدينية.

واستدركت، “الآن حتى مؤسسة الأسرة هذه تريد أن تنزعها ولا يستطيع الأبوين تربية أبنائهم ويصبح الأبوان معرضان في اي لحظة لأن يشتكي عليهم ابناؤهم، ليمارسوا حياتهم بحرية كاملة بعيدًا عن التأديب اللازم والنصيحة.

“نحن واثقون أنّ مجتمعنا وأمتنا بخير ولكن نحن نجابه القوانين لأن لها سلطة، وهم يسعون لتغيير مجتمعاتنا عبر بعض القوانين وعبر التضييق على مراكز القرآن والمساجد واختزال أدوارها، لكن ورغم كل ذلك نجد أنّ الدراسات تثبت ازدياد نسبة التدين بين الفتيات والشباب الاردني”، على حد تعبيرها.

وختمت دراوشة حديثها لـ “البوصلة” بالقول: نسأل الله أن يحمي هذا البلد وهذا الجيل، وكلي ثقة بأن مجتمعنا وأمتنا وهذا الجيل بخير، وأن ربنا سييسر لهذا البلد دائما أصحاب القيم والرسالة للحفاظ على منظومة القيم الدينية الأخلاقية الموجودة فيه ضد كل معاول الهدم، ومن يقف في وجه التيارات التي تستهدف تقويض الأسرة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: