د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

دمعة في محراب أبي حمزة

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

لا أدري لماذا أحس بحاجة إلى دمع ينوب عن كلماتي وأنا أرمق أبا حمزة وائل الدحدوح في محرابه، فأبو حمزة لا يمثل شخصا بل يختزل صورة غزة كلها في محَنِه المتلاحقة ومصائبه التي ما تعوّدنا أن نرى شخصا عاديا يتحملها.

 عبثا أحاول أن أكفكف دموعي، وأنا أقطع على أبي حمزة خلوته في محرابه حين يأوي إلى شبهة البيت المهشمة طمأنينته، بعد أن تكرس هذا التهشيم بفقده حمزة الذي كان نافذته على المستقبل، فلم يعد من معاني الحياة في وجدانه إلا طفولة  تصيح بلغة الحب والحسرة : يابا لا تتركنا وحدنا.

في محراب أبي حمزة سترة الصحافة غدت كتابا منشورا يحكي قهر الرجال محيطا بالصدر مستودع الأسرار وبالظَّهر ركن التماسك في وجه رياح الموت العاتية، وفوق السترة خوذة كان المفروض أن تشكل عنوان حفظ الرأس والجبهة فإذا بها سراب في عالم لا يحترم إلا عهر القوة، ولا ضمانة فيه لأمان ولا اعتبار فيه لطفولة ولا أنوثة ولا شيخوخة.

دخلت محراب أبي حمزة، ولم أكن ألحظ فيه وقار الشيب قبل طوفان غزة كما ألحظه اليوم،  وإنك لتقرأ في طيات هذا الوقار وجع الفقد وألم الغربة التي تلفه من كل مكان وقد كان يصرّ على عدم السفر والإقامة  خارج غزّته، فإذا به يعيش غربته في وطنه وقد أبعد عنه السفاحون أحبابه زوجة وأبناء وأحفادا.

أي أبا حمزة… عَرَفنا في مهنة الصحافة دفء المنصب وفخامة المكتب ولغة معسولة بالتزلف والنفاق تجعل صاحبها يرتقي سلم المهنة من غير جهد يذكر، عرفنا كتّاب التدخل السريع من الصحفيين تحت الطلب، الحاضرين لتبرير فعل معبودهم الصنم، وكلما اجتهدوا ارتفعت مكانتهم عنده وحصدوا ألقابا لا يحلم بها أمثالك من شرفاء المهنة بل لا يقبلون بها أصلا، وهل أفخم من مكتبك الذي تخلّد على منضدته أفكارك بدمك ودم أحبابك؟

لوثوا مهنة الصحافة فجعلوها أشبه بمصنع الشبهات والشهوات والحروب النفسية والشائعات، وأخذتم على عاتقكم يا حاملي لواء إعلام المقاومة أن لا تكونوا حياديين إلا بقدر صدق المعلومة التى تنشرون والتحقق من  مصادرها حتى لا نؤتى من قبلكم ولو طال علينا انتظار الخبر إذ يدخل مدرسة احترافكم ثم يخرج منها كلمة صاروخا، أثره يحفر في الوجدان حفرا.

أي أبا حمزة… الصحافة البراقة اليوم تنقل أخبار المشاهير التافهين، والصحافة التي تنتمي أنت إليها تخلّد ذكر مشاهير “فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، والصحافة اليوم مياومات في مؤتمرات واستحضار للكلمة الملونة المزركشة في المناسبات، وكثير منها مياومات سحت وألوان تشتّت الرؤية الصائبة حتى لا يرى المشاهد والقارئ إلا ما يراد له أن يرى.

أبا حمزة، لا فرق اليوم بينك وبين أي مقاوم، وقد أريد لك أن تنسحب من ساحة الخبر وتحليله، فوجدت نفسك بكرم الله في ساحة أعز وأكرم، سلاحك “مايك” تمسكه بيدك الأقل إصابة من أختها، وكاميرا ينصبها زميلك المصور كما تُنصب منصة إطلاق الصواريخ، هكذا رآى العدو حجم فعلك وأثره فاستهدفوك بشخصك وأدواتك وزوجك وأولادك، وحتى بزميلك الذي يحمل عتادك يرحمه الله.

أبا حمزة، لو كان أي أحد منا نحن المتابعين مكانك لخشي على نفسه الفتنة والنكوص والضجر، وما رأيناه من عزيمتك يجعلك ملكا متوجا في ساحة الأحداث بلا منافس، ندعو الله لك بالثبات وأن يزيد من عزيمتك لتكون مرآتنا الناصعة في ساحة الأحداث ودورتها على مدار الساعة ،وسلام عليك وعلى كل من سار على دربك الميمون، وإلى لقاء النصر المظفر بحول الله.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts