رغم تقاربها الأخير مع إيران.. لماذا صعّد الحوثيون هجماتهم على الإمارات؟

رغم تقاربها الأخير مع إيران.. لماذا صعّد الحوثيون هجماتهم على الإمارات؟

الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية كبيرة ضد السعودية

على الرغم من أن الخطوة كانت محفوفة بالكثير من التعقيدات والخلافات حول العديد من الملفات الساخنة، فإن الإمارات وإيران قد تمكنا في النهاية من إذابة الجليد بينهما والجلوس على طاولة الحوار، تعبيراً منهما عن جدية مساعيهم في فتح “صفحة جديدة” في العلاقات بينهما، كما جاء ذلك على لسان مسؤوليها خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبينما كان يتطلع الرأي العام المحلي والدولي إلى ثمار هذا التقارب بين البلدين وآفاقه، ترجح بعض الآراء اليوم أن الخطوات والمسارات الأخيرة، قد تمنى بالفشل، وذلك في ظل الهزة العنيفة التي استيقظت عليها أبو ظبي يوم الاثنين 17 يناير/كانون الثاني الجاري، إذ شنت جماعة الحوثي اليمنية والمدعومة من إيران هجوماً مسلحاً عنيفاً على مواقع حساسة في الإمارات متوعدة بالمزيد خلال الساعات القادمة.

وفي هذا يتساءل مراقبون عن دور إيران في الهجمات الأخيرة وعن أسباب اختيار الحوثي التصعيد ضد أبو ظبي في هذه المرة بالتحديد، وعما إذا كان ذلك سيؤثر بالضرورة على مسار العلاقات بين إيران والإمارات التي كان قد قطع فيها الطرفان أشواطاً طويلة للوصول إلى نوع من الاتفاق.

عملية إعصار اليمن.. الحوثيون يستهدفون الإمارات

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية مساء الاثنين 17 يناير/كانون الثاني الجاري مسؤوليتها عن ضرب مطارَي دبي وأبو ظبي وتفجير ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية ومنشآت حساسة أخرى في الإمارات بـ5 صواريخ باليستية، وعدد كبير من المُسيّرات، في إطار عملية “إعصار اليمن” التي كانت قد أعلنت عنها. وقد أسفر الهجوم عن مقتل مدنيين وسقوط العديد من الإصابات.

وجاء في بيان الحوثي أنه “جرى تنفيذ عملية إعصار اليمن رداً على تصعيد العدوان السعودي-الأمريكي-الإماراتي”. ويقصد به التحالف الذي تقوده السعودية لدعم “الشرعية” ومحاربة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

ودعت الجماعة في السياق ذاته الشركات الأجنبية والمواطنين والمقيمين في الإمارات للابتعاد عن “المواقع والمنشآت الحيوية” متوعداً بـ”توسيع بنك الأهداف ليشمل مواقع ومنشآت أكثر أهمية الفترة المقبلة”.

من جانبها عبرت السلطات الإماراتية عن إدانتها للهجوم، وجاء في بيان رسمي لوزارة الخارجية الإماراتية: “ندين استهداف مليشيا الحوثي الإرهابية لمناطق ومنشآت مدنية على الأراضي الإماراتية اليوم… هذا الاستهداف الآثم لن يمر من دون عقاب”.

وأضاف البيان أن “دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم”.

واتسعت في الأثناء دائرة ردود الأفعال الدولية المدينة للهجوم الذي شنته جماعة الحوثي على الإمارات وتسببت لها في حجم كبير من الدمار وخسائر بشرية. كما كشفت العديد من الوسائل الإعلامية الأجنبية، نقلاً عن مصادر خاصة أن الإمارات تسعى في الأثناء لإقناع الولايات المتحدة بإعادة إدراج جماعة الحوثي على قائمة الإرهاب، لتهديدها الأمن والاستقرار في المنطقة.

لم هاجم الحوثيون الإمارات؟

على الرغم من هجماتها الصاروخية المستمرة على السعودية التي تقود التحالف الذي يحارب ضدها، فإن جماعة الحوثي كانت نادراً ما تعلن عن استهدافها بشكل مباشر للإمارات. وتعد الهجمات الأخيرة للعمق الإماراتي هي الأولى من نوعها منذ بدء انسحابها عام 2019 تدريجياً من الحرب في اليمن.

وفي معرض جوابه عن أسباب استهداف الإمارات في هذه اللحظة وفي هذا الظرف بالتحديد قال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي في جماعة الحوثي في تصريح إعلامي بأن “الإمارات كان لديها رغبة في الانسحاب من اليمن ووفرنا لهم الانسحاب الآمن وحفظ ماء الوجه بالفعل، لكنهم عادوا إلى التصعيد وتكثيف عدوانهم علينا، فكان هذا بداية الرد من جانبنا”. وهدد البخيتي بمزيد من الهجمات في حال اختارت الإمارات التصعيد.

ومن جانبه قال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام في تغريدة على حسابه على تويتر إن “دويلة الإمارات بين خيارين، إما أن تسارع إلى كف يدها عن العبث في اليمن أو جاءها بقوة الله ما يقطع يدها ويد غيرها”.

وتأتي عملية “إعصار اليمن” التي هاجم فيها الحوثيون العمق الإماراتي بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف السيطرة على محافظة شبوة من قبل ألوية العمالقة التابعة لقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً، وأسفرت المعارك عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

ما مصير التقارب الإيراني-الإماراتي؟

نظراً إلى ارتباط جماعة الحوثي بإيران يتساءل مراقبون عن مصير التقارب الذي أحرزته طهران وأبو ظبي بعد الهجمات الأخيرة، وبخاصة أن ملف حرب اليمن كان من بين حجرات العثرة في طريق ترميم العلاقات بين البلدين.

وقد نفت بعض المصادر وجود تخطيط إيراني أو علاقة لها بالهجمات الصاروخية التي نفذتها جماعة الحوثي.

وفي السياق ذاته نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله إن إيران ليس مشتبهاً بها في الهجوم على أبو ظبي “فالحوثيون يعملون بمفردهم”، على حد تعبيره.

وهو الرأي ذاته الذي عبرت عنه جماعة الحوثي بشكل غير مباشر على لسان قادتها ومسؤوليها بأن الهجمات كانت رداً على تحركات ألوية العمالقة التابعة للإمارات في اليمن.

وعلى عكس ذلك ترجح آراء أخرى، ومن بينها اللواء فايز الدويري الخبير العسكري والاستراتيجي، أن “أي تصعيد من جانب الحوثيين يكون خدمة لأغراض تفاوضية إيرانية”.

وإلى حدود اللحظة لم توجه الإمارات أي اتهام إلى إيران وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنها سابقاً، حين تعرضت ناقلات النفط الأربع إلى هجوم قبالة السواحل الإماراتية في مايو/أيار 2019، ولم تتهم آنذاك أبو ظبي طهران بالوقوف وراء الهجوم على عكس الرياض وواشنطن.

وبالتالي فإنه في الوقت الذي بدأ فيه البلدين يسعيان بشكل جدي إلى التغلب على عمق الخلاف السياسي بينهما وتغليب المصلحة المشتركة وخفض التوتر في ظل التحولات الإقليمية وتغير خارطة التحالفات الدولية، قد يبدو من المستبعد أن ينتكس هذا التقارب، حسب رأي محللين ومراقبين.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: