رفع أسعار المياه.. خبير يطالب الحكومة بالتفكير خارج صندوق “جيب المواطن”

رفع أسعار المياه.. خبير يطالب الحكومة بالتفكير خارج صندوق “جيب المواطن”

عمّان – رائد صبيح

طالب الخبير الاقتصادي حسام عايش الحكومة بضرورة التفكير خارج الصندوق في حل مشكلة المياه والفاقد المائي التي أصبحت تشكل تحديًا للدولة الأردنية، مؤكدًا على ضرورة التفكير بحلول إستراتيجية وابتكارية بدلاً من اللجوء لحلول مؤقتة تتكئ دائمًا على “جيب المواطن” المرهق ولم يعد يحتمل المزيد من الضغوط المعيشية.

وأكد عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّنا سنستمع لتبريرات حكومية مختلفة بسبب رفع أسعار المياه أو تحويل الفاتورة إلى شهرية، وهذا سلوكٌ يرافق أي تغيير يستشعر فيه المواطنون والمستهلكون والقطاعات الاقتصادية أنّه بداية لسلسلة متواصلة من التغيير الذي سينعكس على الأسعار وربما على الكلف النهائية.

البحث عن حلول مستدامة

وشدد على أنّ هذه التبريرات مهما كانت صحتها، لا تعفي المسؤولين من البحث عن حلول مستدامة لكيفية التعامل مع وضعٍ أردنيٍ نعاني فيه من ندرة المياه، وهذا هو التحدي، والاستجابة له تكون ليس بالذهاب للحل الأسهل وهو رفع الأسعار، بل بالذهاب للحلّ الحقيقي ومعالجة الأسباب التي تؤدي إلى الهدر والتحوّل إلى دولة ريادية في تقنيات وتكنولوجيا والتعامل الذكي مع قطاع المياه.

وقال عايش: من الواضح أنّ هناك موجة جديدة من ارتفاع أسعار الخدمات والكلف في الأردن، بعد أن انحسر معدل التضخم إلى حدوده المعتادة، فإنّ الموجة لرفع أسعار قطاعات خدمية جوهرية، ومنها رفع أسعار المياه، مؤكدًا في الوقت ذاته على أنّ رفع أسعار المياه، أو تحول الفاتورة إلى شهرية بدل ربع سنوية، سيؤدي لمشكلات جديدة في القدرة على التكيف.

حسام عايش: المفترض أن يكون التفكير إستراتيجيا فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع المياه وليس بحلولٍ آنية

ولفت بالقول: صحيح أنّ القيمة منخفضة قياسًا بإجمالي الإنفاق خاصة عندما نتحدث عن إنفاق الأسر، لكن أيّ تغيرٍ فيها ربما يؤدي إلى مشكلات إضافية في القدرة على التكيف مع نتائج أي زيادات في أسعار المياه.

وعلى الرغم من تأكيده أننّا في الأردن دولة فقيرة مائيًا، إلا أنّه شدد على ضرورة حاجتنا اليوم إلى تجدويد استهلاك واستخدام ونقل المياه، ونحن بحاجة إلى معرفة الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم مشاكل المياه، ومنها الفاقد المائي الذي 50% منه تذهب فاقدًا، و30% من هذا الفاقد تتعلق بشبكة المياه، المهترئة، وحوالي 60 إلى 70% تتعلق بالاعتداء على المياه (سرقة المياه).

جعل التحدي المائي فرصة للابتكار والريادة

وحول طريقة تفكير الحكومة بحل أزمة الفاقد المائي، قال عايش إنّها تفكر كالتالي: هذا العائد الضائع على الدولة وعلى شركة المياه وعلى الخزينة، من الفاقد المائي، سيتم تعويضه برفع أسعار المياه على المواطنين، وكأننا لا نعتني كثيرًا في معالجة الأسباب التي تؤدي لهذا الفاقد وبالتالي لهذا الهدر، وبالتالي نلجأ لرفع الأسعار على المواطنين والمستهلكين.

وتابع الخبير الاقتصادي حديثه بالقول: من ناحية أخرى، الأردن هو من أكثر دول العالم فقرًا في المياه، وهذا تحدٍ، ولكنّ الاستجابة له تكون بأن نكون من أكثر دول العالم اهتمامًا بتقنيات المياه وأكثر دول العالم ابتكارًا في مجال المياه، وأكثر دول العالم استثمارًا في الكيفية التي نرشد بها المياه، بل على العكس ينبغي أن يكون التفوق في هذه القطاعات إحدى أبواب التصدير لمنتجات مائية، يتم إنتاجها والتفكير فيها والريادة فيها على قاعدة أنّ الحاجة هي أمّ الاختراع.

واستدرك عايش: لذلك فإنّ الركون إلى أحد الحلول هنا أو هناك قد يحلّ المشكلة مؤقتًا، لكن من المفترض أن يكون التفكير إستراتيجيا فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع المياه، باعتباره هو القطاع الأهم من أجل حياة آمنة للناس.

ما علاقة برامج صندوق النقد الدولي؟

وحول الإجابة على السؤال السابق، قال الخبير الاقتصادي: إنه بلا شك أنّ توصيات صندوق النقد الدولي في هذا المجال لا تعفي المسؤولين من مناقشتها، وصندوق النقد هدفه باستمرار أن تقوم الحكومات بسداد التزاماتها تجاه الدائنين سواءً فوائد أو أقساط.

وأضاف، بالتالي هو يوجه الحكومة إلى النواحي التي يمكن أن تزيد فيها إيرادتها، والحكومات هي التي تتحمّل مسؤولية هذه القرارات كما تقول هي إن برامج الصندوق برامج وطنية، ونحن الذين قمنا بها وأعددناها.

وأشار عايش لعددٍ من الحالات التي تستجيب فيها الحكومة لنصائح صندوق النقد فيما يتعلق بحالة المياه أو الكهرباء أو دور الحكومة في الاقتصاد، وحتى في دعم فكرة الخصخصة التي دفع إليها الصندوق، وقمنا بها، ومع ذلك النتائج لم تكن عظيمة وراء الخصخصة.

وقال: علينا ونحن نتعامل مع صندوق النقد الدولي أن يكون لدينا الكلمة والرؤية والإستراتيجية، ولدينا الدراسات فيما يتعلق بالمآلات التي يمكن أن تؤدي لها بعض القرارات والتوصيات التي يتقدم بها الصندوق أو نتبرع بالتقدم إليها معه، وبالتالي البناء عليها.

وأوضح بالقول: نحن لا نقول بأنه ليس لدينا مشكلة مياه، وأنّه آن الأوان أن نكون أكثر حساسية تجاه التعامل مع ملف المياه، لكن في الجانب الآخر فإنّ حصة المواطن الأردني من المياه سنويًا تقل عن 100 متر مكعب، وهو أقل من من المعدل العالمي للفرد 500 متر مكعب وهي أقل من المعدل العالمي.

ونوه إلى أنّه لدينا مشكلة إستراتيجية في معدل المياه للفرد تستدعي أن يشرك الصندوق في إيجاد حلول، لا أن نتبرع بأن يكون الحل هو مزيد من ارتفاع الأسعار أو إرهاق موازنات الأسر والقطاعات الاقتصادية بتكاليف إضافية، تحسب إلى جانب تكاليف أخرى.

وختم حديثه لـ “البوصلة” بالقول: بمعنى كنا نتحدث عن طاقة والضرائب، واليوم يضاف تكاليف المياه باعتبارها جزءًا من الكلفة الإجمالية، وهذه واحدة من المؤشرات المهمّة التي يفترض أن نعتني بها من أجل استقطاب الاستثمارات التي نبحث عنها.

زيادة تدريجية على أسعار المياه

يذكر أنّ مجلس الوزراء زيادة تدريجية سنوية على قيم تعرفة المياه والصرف الصحي للاستهلاك المنزلي بمتوسط زيادة تبلغ نسبته 4.6%، وذلك ابتداءً من كانون الأول المقبل وحتى كانون الأول 2028.

ووافق مجلس الوزراء، الأحد الماضي، على تنسيب مجلس إدارة سلطة المياه المتضمن خطة إعادة هيكلة تعرفة المياه والصرف الصحي للقطاع المنزلي للأعوام 2023- 2029، وذلك انسجاما مع الاستراتيجية الوطنية للمياه 2023-2040.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: