صرف الرواتب قبل العيد.. فرحة للأردنيين ممزوجة بأعباءٍ متزايدة

صرف الرواتب قبل العيد.. فرحة للأردنيين ممزوجة بأعباءٍ متزايدة

الخبير الأسري مفيد سرحان لـ “البوصلة”:

– صرف الرواتب قبل العيد يساعد الأسر لتأمين متطلباتها، لكن مع معاناة في الأشهر القادمة

– الأسرة الناجحة هي التي تضع ميزانية واقعية تراعي الدخل.

– الالتزام بمنهج الاسلام في الوسطية والاعتدال في الانفاق يجعل الاسرة مؤسسة ناجحة.

-رمضان تحول عن الكثيرين الى شهر إسرف وتبذير.

عمّان – رائد صبيح

يشكّل الراتب والدخل الشهري لشهر نيسان الحالي تحديًا كبيرًا للمواطن الأردني خاصة أولئك الذين ستصرف لهم الرواتب مبكرًا، لأسبابٍ عدة منها تقاطعه مع العشر الأواخر لشهر رمضان الفضيل وما فيها من التزامات والاستعدادات لشراء حاجيات العيد من ملابس وغيرها والتحدي الأكبر القدرة على توفير قدرٍ من هذا المال لتلبية احتياجات الشهر القادم والتزاماته في ظل ارتفاعاتٍ كبيرة للأسعار، فكيف سيستطيع الأردنيون وضع ميزانية راتب شهرٍ واحد لتغطية كل ذلك؟

البوصلة” استطلعت آراء عددٍ من المواطنين وربات الأسر، لمعرفة مخططاتهم والميزانية المتوفعة للإنفاق خلال العيد والشهر القادم وما تبقى من شهر رمضان الفضيل من أيّام، وكانت أغلب الإجابات مترافقة بابتسامة، والقول: “ما بدها حسبة.. الرزق على ربنا”، والتأكيد على أنّ وضع ميزانية بالورقة والقلم والأرقام الحسابية قد لا تنجح مع الأردني بدخله المحدود وظروفه الاقتصادية الصعبة في أغلب الأحوال.

صرف الرواتب قبل العيد

البوصلة” توجهت للخبير الاجتماعي ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان بالسؤال ذاته، كيف يستطع المواطن بدخله المحدود أن يستطيع تقسيم الراتب الذي سيصرف له قبل العيد لتغطية التزاماته في العيد وما بعده.

وأجاب مفيد سرحان بأنّ “العيد مناسبة يفرح بها الجميع، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الغني والفقير، وفيه تتجلى معاني التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع، فالغني يتذكر إخوانه الفقراء ويقدم لهم من ماله سواء بإخراج الزكاة أو الصدقات وهو يتقرب إلى الله تعالى بالإنفاق”.

ونوه إلى أنّ “الفقير يشعر في العيد بعظمة الإسلام، حيث يجد نفسه موضع إهتمام الآخرين مما يزيد إعتزازه بهذا الدين، دين التكافل والتراحم”.

مفيد سرحان: الأسرة الناجحة هي التي تستطيع أن تضع لها ميزانية واقعية تراعي إمكانياتها ودخلها

وأوضح سرحان أن الله تعالى جعل الفرح في العيد عبادة حيث قال عليه الصلاة والسلام “للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه”، مشيرًا إلى أنّه من السنة إدخال الفرح والسرور على قلوب الأطفال وأهل البيت في العيد، وأن يصل الشخص رحمه ويزور جيرانه وأقاربه وأصدقائه.

كما لفت الخبير الاجتماعي بالقول: لا بد من التأكيد أن للأطفال متطلبات كثيرة لا يستطيع الأهل تجاهلها”.

الواجبات ومضاعفة الميزانية

وقال سرحان  إن القيام  بالواجبات الأسرية والاجتماعية والحرص على إدخال الفرح إلى قلوب الأهل سيتبعه وسيرافقه متطلبات مالية، أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على غالبية الأسر، بالنظر إلى محدودية الدخل وارتفاع الأسعار وانتشار ظاهرة التقليد والتفاخر بين الناس، وخصوصاً عيد الفطر الذي يأتي بعد شهر رمضان المبارك، الذي تحول عند الكثيرين إلى شهر للإنفاق والإسراف، مما جعله بعيداً عن الحكمة التي أرادها الله تعالى من الصيام مما يرهق ميزانية الأسرة.

وأشار إلى أنه  قبل العيد تحرص الأسر على شراء الملابس الجديدة لأفراد الأسرة وشراء الحلويات وإعداد المنزل لاستقبال الضيوف وشراء كمية من اللحوم والفواكه وغيرها من الاحتياجات تكفي الأسرة أيام العيد، وإذا ما أضفنا لذلك تكلفة الزيارات والهدايا والعيديات وألعاب الأطفال والرحلات الترفيهية، فإن هذا يعني أن الأسرة بحاجة إلى مضاعفة الميزانية الشهرية في شهر العيد مما يؤدي إلى لجوء الكثير من الأسر إلى الاستدانة وهذا سيؤثر على مصروفات وميزانية الأسرة في الأشهر القادمة.

آثار سلبية ومشكلات قادمة

وأضاف أن صرف الرواتب قبل العيد  سيساعد الكثير من الأسر على تأمين متطلباتها لاستقبال العيد وسيخفف من الأعباء المالية عليها، إلا أن لذلك آثاره السلبية على الكثير من الأسر بعد العيد إذ ستجد نفسها أنها أنفقت ميزانية شهرين في شهر واحد وبالتالي ستلجأ الى الاستدانه للانفاق خلال الشهر الذي يلي العيد، الأمر الذي يتطلب من الأسرة أن تحسن التعامل مع الراتب قبل العيد وأن تتذكر أن بين يديها ميزانية شهرين.

واستدرك بالقول: “وإن كان صرف الرواتب قبل العيد يبدو للوهلة الأولى مفرحاً للأسرة، إلا أن ذلك يعني أن غالبية الأسر ستجد نفسها بدون ميزانية بعد إنقضاء أيام العيد، وهذا من شانه أن يولد مشكلات إقتصادية لهذه الأسر في الأشهر القادمة”.

وشدد على أن الأسرة الناجحة هي التي تستطيع أن تضع لها ميزانية واقعية تراعي إمكانياتها ودخلها وتتناسب فيها المصروفات مع الدخل، وأن تأخذ الأسرة حين تضع الميزانية الخاصة بها بعين الاعتبار بنوداً للمناسبات ومنها الأعياد لتكون قادرة على التعامل مع متطلبات هذه المناسبات.

ولفت إلى أن الالتزام بمنهج الإسلام في الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإسراف والتبذير في جميع مظاهر الحياة، وفي كل الأوقات يجعل من الأسرة مؤسسة ناجحة يشعر أفرادها بالسعادة والفرح الحقيقي.

تعاون وتكافل دون كلفة

وأشار سرحان إلى أحد المعاني السامية في التعامل مع هذا الموضوع وذلك بأن تعاون أفراد المجتمع وابتعادهم عن المظاهر والمباهاة والتقليد الأعمى ومراعاة ظروف بعضهم الاقتصادية تجعل الحياة أكثر يسراً وسهولة فالعلاقات الاجتماعية يجب أن لا تحكمها المادة.

وشدد سرحان على أنّ المطلوب هو التواصل مع الآخرين وليس شرطاً أن يصاحب الصلة نفقات مبالغ فيها، خصوصاً أن الكثير من الأشخاص أصبح يحدد علاقاته الاجتماعية أو يقطع بعضها بسبب ما يصاحبها من نفقات أصبح غير قادر على الإيفاء بها.

نظرة المواطن الأردني.. الرزق على الله

المواطن م.أ قال في رده على سؤال “البوصلة”: الشغل رايق على الآخر وربنا يفتح علينا وعليكم بالخير والرزق، الحمد لله على كل حال، فبعد الجائحة وما ترافق معها أصبحت الظروف الاقتصادية أكثر صعوبة، معبرًا عن أمله في انفراجة اقتصادية قريبة تمكنه من الوفاء بالتزاماته الأسرية والاجتماعية.  

أمّا محمد علي فقال مع ابتسامة إن “الراتب القادم مش إلنا، رايحين قبل ما ييجو”، ثم اضاف بسخرية: “هو اصلا مافي راتب”.

وقال رب أسرة سألته “البوصلة” عن مخططاته لطريقة صرف الراتب القادم، بالقول: عن أي راتب تتحدث.. راتب شهر ٣ لم نستلمه بعد”، مؤكدًا أنّ هذا حال الكثيرين من الأردنيين بسبب تعثر العديد من الشركات وعدم قدرتها على صرف رواتب لوظفيها بشكل منتظم.

يستقبل الأردنيون العيد في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وارتفاعٍ كبيرٍ في الأسعار

من جهته لفت المواطن أبو أحمد في حديثه لـ “البوصلة” إلى أننا مهما خططنا ومهما رسمنا من أفكار رح نلتحق رح تلتحق ما في مجال.

أما فيصل فقال: “رزقك مكتوب يا صديقي اصرف وقول يا رب يجعل لا حدا حوش”.

وهو الرأي ذاته الذي شاركه فيه شادي: “هيك هيك الأمور صعبة.. إرمي حملك ع ربنا وبتترتب لحالها”.

إحدى ربّات الأسر التي توجهت “البوصلة” لها بالسؤال حول راتب الشهر القادمة وميزانية مصاريف العيد، قالت: الحمد لله نظمت جزءًا من مصاريف العيد من راتب الشهر الماضي واشتريت ملابس العيد لأطفالي قبل أن ترتفع الأسعار”.

وأكدت أنّها ستسعى جاهدة للالتزام بميزانية صارمة بحيث لا تتداخل التزامات شهر رمضان والعيد مع التزامات الشهر القادم، الأمر الذي من شأنه أن يرتب المزيد من الديون والالتزامات.

أمّا إحدى الأمّهات العاملات فأكدت لـ”البوصلة” أنّ التزامها ببنود الميزانية الشهرية التي تضعها دائماً يجعلها تستطيع تجاوز مشكلة الضغط المالي المترتب على مواسم العيد وغيرها.

وأشارت إلى أنها تضطر في بعض الأحيان للموازنة بين تقليل مصاريف البيت الاعتيادية لحساب ملابس واحتياجات العيد في إجراءٍ طارئ من شأنه أن لا يضيع فرحة العيد وبهجته خاصة للأطفال الذين يحبون ارتداء ملابس جديدة وأنيقة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: