عاملات الأردن… تعديلات تشريعية لا تنهي مشكلاتهنّ

عاملات الأردن… تعديلات تشريعية لا تنهي مشكلاتهنّ

قوبلت تعديلات قانون العمل الأردني بترحيب من المدافعين عن حقوق المرأة من النشطاء ومؤسسات المجتمع المدني، إذ أنهى بعض القيود على عمل النساء، من بينها المادة الـ69، التي توجب على وزير العمل إصدار قرار بحظر تشغيل النساء في أوقات معينة، وكذا إصدار قرار يتضمن الصناعات والأعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها، والحالات المستثناة.
يحظر القانون المعدل التمييز بين الجنسين، ويضمن تكافؤ الفرص، وهو موضوع مهم، لكنه جاء مقتضباً، ولم يرد فيه تعريف لأشكال التمييز، أو كيفية تحديدها، ما يجعله بحاجة إلى نصوص تنفيذية واضحة تساعد العامل وصاحب العمل والجهات الرقابية على تطبيقه، ويرى مختصون أنه “بناءً على هذا النقص، فمن المتوقع ألا يحظى النص الجديد بالأهمية المطلوبة نظراً لغموضه، وعدم توافر أحكام عملية تجعله قابلاً للتنفيذ”.
وتضمن القانون الجديد نصاً أضيف إلى المادة الـ29، يتناول لأول مرة قضية التحرش، لكن التعديل لم يربط التحرش بالتعريفات الدولية للتحرش، ليأتي التعريف قاصراً، ولا يساعد في تطبيق القانون بفاعلية، بحسب قانونيين.
ويبلغ معدل مشاركة النساء في سوق العمل والقطاع الاقتصادي في الأردن 14 في المائة فقط، وهذه النسبة لم تتغير تقريباً على مدار نحو ثلاثة عقود، بحسب المجلس الأعلى للسكان.


تقول رئيسة الهيئة الإدارية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن)، نهى حنا محرز، لـ”العربي الجديد”: “في السابق، كان هناك أوقات محددة لعمل المرأة، وجاء هذا التعديل ليصب في مصلحة النساء، فمن حق المرأة أن تحدد بنفسها ما تريد أن تعمل، وتحدد الوقت الذي يناسبها للعمل. هناك سيدات يحتجن إلى العمل المسائي بعد عودة الرجال من عملهم للبقاء في البيوت مع الأطفال، وهناك مؤسسات العمل فيها يكون وفق أوقات مقسمة على مدار اليوم. جميع الاتفاقيات والقوانين الدولية لا تضع وصاية على عمل المرأة، وخصوصاً في أوقات العمل أو طبيعته، وتؤكد ضرورة مراعاة ظروفهن، والقرارات الخاصة بهن، فالنساء هن من يحددن مصالحهن، وما يناسبهن، ويتحكمن في تفاصيل حياتهن”.


وشددت محرز على أهمية حماية النساء من التحرش، وهو مطلب رئيسي للناشطات ومنظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن “هناك جهوداً محلية تتزامن مع الحملات الدولية لمواجهة التحرش، والأردن جزء من هذا العالم. ما حصل من تعديل على قانون العمل جيد، خصوصاً مع اعترافه بالتحرش داخل أماكن العمل، والتحرش هنا غير متعلق بالنساء فقط بالطبع، لكنهن الأكثر تعرضاً له، ووضع القانون غرامة مالية تصل إلى نحو 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار)، وهذا بمثابة قرار في الاتجاه الصحيح”.


وتضيف: “القانون الجديد ينظم العمل بين الأردنيين، ويحمي المرأة الحامل، وأصحاب الإعاقات، ويوفر الحماية للمرأة خلال العمل الليلي، كذلك يركز على تكافؤ الفرص، وعدم التمييز في الأجر، في ظل وجود هذه الممارسات، خصوصاً في القطاع الخاص، ووجود بند يمنع التمييز ضد المرأة هو تقدم إيجابي لمسيرة النساء في الأردن، ويدعم تطورهن ودعمهن في سوق العمل. المرأة الأردنية تعاني بالأساس لدخول سوق العمل، وهناك تحديات عدة تواجهها، من بينها ظروف العمل اللائق التي يجب توفيرها لجميع العمال، من الذكور والإناث، بالإضافة إلى مواجهة الثقافة المجتمعية التي تحد من قدرة النساء على العمل”.

التمييز قائم بين الجنسين في الأجور (خليل مزرعاوي)
التمييز قائم بين الجنسين في الأجور (خليل مزرعاوي/فرانس برس)

وتلفت محرز إلى أنّ “من معوقات عمل المرأة عدم وجود حضانات للأطفال، ورغم وجود تعليمات حكومية بهذا الخصوص،  إلا أن التطبيق الفعلي محدود، فالعديد من المؤسسات لا تلتزم توفير بيئة العمل الملائمة لاستمرار عمل النساء، ومن بينها ما يخص تأمين رعاية الأطفال، والأهم من وضع القوانين دائماً، هو ضمان تطبيقها، ومواجهة الفجوات التي تحد من عمل النساء، وكذا طرق التحايل عليهن في الرواتب والعقود الموقعة”.
بدورها، تقول مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ليندا كلش، لـ”العربي الجديد”، إن “التعديلات التي طرأت على قانون العمل ركزت على قضايا تتعلق بالمرأة وحمايتها، لكن ما زالت هناك ضرورة لوضع ضوابط معينة تتيح وجود بيئة اجتماعية مناسبة، وإلا فقد تعطي تلك التعديلات نتائج عكسية”.

وترى كلش أن “التعديل المتعلق بساعات عمل المرأة سلاح ذو حدين، إذ يمكن استخدامه بطريقة سلبية من قبل أصحاب العمل، عبر إجبار النساء على العمل في أوقات متأخرة من دون مراعاة ظروف المرأة الاجتماعية والاقتصادية، ومن دون مراعاة توفير وسائل نقل آمنة، وضمان بيئة عمل صديقة، ومرافق وخدمات ملائمة في مختلف قطاعات ومواقع العمل، ومساعدتها في التصدي للصعوبات التي تواجهها في تحقيق التوازن بين العمل والأعباء العائلية. كان من المفترض تضمين مادة تؤكد توفير ذلك، بحيث لا يصبح التعديل وسيلة لزيادة مشكلات العاملات، أو وسيلة لإنهاء خدماتهن، فالأساس هو الحماية من خلال وضع مواد تلزم صاحب العمل والحكومة بتأمين حماية للمرأة العاملة”.


وفي ما يخص التحرش، تشير إلى أن “التعديل جيد، لكن كان يفضل تعريف التحرش كما عرفته منظمة العمل الدولية، بينما المادة غير واضحة بشكل كامل، كذلك فإن القانون يضع إشكاليات بخصوص الفلسطينيين العاملين في الأردن ممن لا يحملون الرقم الوطني، وهناك أيضاً عدم التزام من الحكومة الأردنية باستصدار نظام خاص يعفي أبناء غزة المقيمين إقامة دائمة على أراضيها من تصاريح العمل ورسومها، على الرغم من وعود تكررت على لسان وزير العمل السابق، سمير مراد، ويقتصر الأمر على إعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات بغير أردني من الحصول على التصريح. كنت أتمنى أن يكون هناك تعريف واضح للتمييز على أساس الجنس بين الرجل والمرأة، وعدم الاكتفاء بالتركيز على التمييز في الأجور، حتى يشمل القانون جميع الأمور”.

العربي الجديد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: