عربيات: الفاقدُ التَّعليميّ “مفقود” والغياب الجماعي “مرصود”

عربيات: الفاقدُ التَّعليميّ “مفقود” والغياب الجماعي “مرصود”

عمّان – رائد صبيح

حذرت الخبيرة التربوية بشرى عربيات من عددٍ من المظاهر التي تثبت استمرار تراجع العملية التعليمية في مدارسنا خلال الفصل الدراسي الثاني، وعلى رأسها عدم الالتزام الحقيقي بتعويض الفاقد التعليمي الذي كان يتوجب على المدارس القيام به، وكذلك تسرب ظاهرة غريبة للمدارس تتمثل في “الغياب الجماعي” للطلاب بعلم الإدارة والمعلمين، واختزال وحدات من المناهج وغيرها ممّا يتوجب التنبيه له والمحاسبة عليه.

وأكدت الخبيرة التربوية أنّ التقصير الحاصل لا ينبغي أن يمر لأنّ الطلاب هم الخاسر الأكبر، مشددة على ضرورة محاسبة المدارس المقصرة في هذا السياق ومتابعة الظواهر الخاطئة وتصحيح الخلل فيها قبل أن تتفاقم المشاكل التعليمية.

واشتكى العديد من أولياء أمور الطلبة لـ “البوصلة” من عدم تسلم أبناءهم حتى اللحظة لبعض الكتب على الرغم من قرب انتهاء فترة تعويض الفاقد التعليمي، فيما رصدت “البوصلة” خلال الأيام الماضية تسرب الطلاب بشكلٍ جماعيٍ خارج المدارس، بحجة الطقس دون تدخل مباشر من المعلمين والإدارات، فيما أكد معلمون لـ “البوصلة” اضطرارهم لجمع الطلاب المتبقين في صفوفٍ قليلة دون إنجاز يذكر أو إعطائهم دروسا من المنهاج للفصل الدراسي الثاني أو من الفاقد التعليمي للفصل الدراسي الأول.

وفي هذا السياق، قالت بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة“: نعلمُ جميعاً كم هو مقدار الفاقد التعليميّ عند أبنائنا الطلبة، والذي كشفت عنه نتائج الاختبارات الدولية مؤخراً، كما أنه طفا على السطح نتيجة جائحة كورونا – علماً بأنه موجودٌ منذ سنوات طويلة – لكنه ظهر واضحاً جليَّاً بعد غياب الطلبة ما قارب العام ونصف عن مقاعد الدراسة.

المستشارة بشرى عربيات: “الغياب الجماعي” مصطلح جديد في العملية التعليمية يجب معالجته قبل أن يتفاقم

وتابعت حديثها بالقول: ونحن كخبراء تربويين، نتابعُ المشهد عن قرب، وأحياناً عن بُعد، نستمعُ إلى الطلبة وإلى أولياء الأمور، لنستنتجَ أنَّ الفاقد التعليميّ لم يتم تعويضه في كثير من المدارس الخاصَّة تحديداً، تلك المدارس التي تتفق مع وزارة التربية والتعليم في قرار تعطيل المدارس، وتأجيل الفصل الدراسي الثاني.

وتستدرك بالقول: “ولكنهم في المقابل لا يقومون بتنفيذ أي برنامج للفاقد التعليمي، حيث بدأ الفصل الدراسي الثاني وبدؤوا معه بمباحث الفصل الدراسي الثاني، وهم يعرفون تمام المعرفة أهمية الوحدة الأخيرة من الفصل الأول، سواءً كانت في الفيزياء أو الرياضيات، للبدء في مواضيع الفصل الثاني، إذ لا يُعقل البدء بأشكال القوة، على سبيل المثال، والطالب لم يعرف مفهوم محصلة القوى أو قوانين نيوتن بعد! لكن هذا ما حدث فعلاً في تلك المدارس، وقاموا بإعطاء وعود للطلبة في شرح ما فاتهم في الصف الثاني عشر!”.

كشف الفجوة والعمل على إصلاحها

“يقال في الأمثال أن رُبَّ ضارَّةٍ نافعة، لذلك أريد توجيه الشكر لجائحة كورونا لأنها كشفت عن خللٍ كبيرٍ في منظومة التربية والتعليم، ليس هذا فحسب، لكنها كشفت عن فجوة كبيرة في التعليم، وهذا ما أُطلقَ عليه فاقداً تعليمياً!”، على حد تعبيرها.

وتقول: من هنا أتساءل، من يراقب عمل المدارس، ومن يتابع المخالفات المتكررة، لقد بدأ الفصل الدراسي قبل أسبوعين – للمدارس الحكومية وبعض المدارس التي تقوم بتدريس البرامج الأجنبية – لكن المشهد العام يوحي بعدم تواجد طلبة المدارس الحكومية داخل المدارس، حيث نشاهد الطلبة في الشوارع الساعة التاسعة والنصف صباحاً!!

وتضيف عربيات: وإذا سألت أحدهم لماذا غادرتم؟ يقولون “غياب جماعي”! هذا مصطلح جديد على الساحة التعليمية، هل يُعقَل أن يتفق الطلبة على الغياب، ويقوم المعلم – بمعرفة الإدارة طبعاً – بالسماح للطلبة بالمغادرة؟! منذ متى كانت هذه السلوكيات موجودة في مدارسنا؟؟ يبدو أن هذا يعود إلى فاقد تربوي وأخلاقي وليس أقل من ذلك!

هل يتكرر مشهد العام الماضي؟

وتتابع حديثها بالقول: بالنسبة لمدارس البرامج الدولية، فهم يستعدون لعطلة الأسبوع القادم، وما زال الفاقد التعليمي مفقوداً! هذا وقد بدأ الفصل الثاني في بقية مدارس القطاع الخاص قبل أيام قليلة، نأمل أن لا تتكرر مشاهد العام الماضي – في بعض المدارس الخاصة – حيث تمَّ اختزال المناهج، وبدأت عطلة الصيف قبل شهر من نهاية العام الدراسي!.

وتنوه عربيات إلى أنّه “في المقابل، هناك بعض المدارس الخاصة تقوم بإكمال الفصل الدراسي الأول على حساب مادة الفصل الدراسي الثاني، ولا يدركون أنهم عملوا على إحداث فجوة تعليمية ما بين العام الحالي والقادم! فترى هؤلاء المعلمين يبالغون في إعطاء أوراق عمل– بحجة تقوية الطلبة – ويقومون بإهمال ما لا يقل عن وحدتين دراسيتين من مادة الفصل الثاني!”.

وختمت الخبيرة التربوية حديثها لـ “البوصلة” بالقول: خلاصة الأمر أن الفاقد التعليمي، مفقود في كثير من المدارس، ولم يتم تنفيذ الوعود المأمولة، لذلك فإن الخاسر الوحيد هو الطالب، ولكن يجب أن لا ينتهي الأمر عند مجرد كلمات أو مقالات، بل نتمنى متابعة ومحاسبة المدارس المخالفة، وأودُّ أن أشير إلى دور بعض أولياء الأمور الذين يفرحون باختزال المناهج في وريقات، ولا يتابعون أوقات مغادرة أبناءهم من المدارس وغيرها من الأمور التي تساهم في تعميق الفجوة، ذلك لأن الفاقد كبير وذو مؤشر خطير، وعلينا جميعاً المساعدة في كشف الخلل والعمل على إصلاحه قبل فوات الأوان!

تأهيل الكوادر وتطبيق برنامج التعويض

وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت قبل بداية الفصل الأول عن برنامج لتدريب المعلمين والمشرفين على آلية تنفيذ برنامج الفاقد التعليمي، حيث سيتم تدريب المشرفين التربويين كمدربين معتمدين ثم سيبدأون هم بتدريب المعلمين في الأسبوع الذي لا يوجد فيه دوام للطلبة، بحيث يبدأ تنفيذ البرنامج من أول يوم دوام حيث هناك برنامج خاص لمبحث الرياضيات واللغة العربية.

وأقرت الوزارة في وقت سابق على لسان مسؤولين فيها بأنّ “هناك فاقدًا تعليميًا كبيرًا أثبتته الدراسات الوطنية والدولية والتغذية الراجعة التي تصل الوزارة من الميدان التربوي عبر قنوات مختلفة”.

ويبقى السؤال: هل قيمت الوزارة حقيقة الفائدة والثمرة المرجوة من البرنامج الذي أعلنت عنه لتعويض الفاقد التعليمي ومدى الالتزام به، وإن كان هناك من جوانب في الخلل والقصور، هل تمت المحاسبة عليها واستدراكها؟

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: