في جرش.. مبادرة شخصية تحمي “الغابة العذرية”

في جرش.. مبادرة شخصية تحمي “الغابة العذرية”

البوصلة – عندما تسمو مبادئ الإنسان على مصالحه فذلك من أنبل الخصال وأصدقها، وخاصة حين يصل إلى مرحلة العطاء دون مقابل، وهو أمر لا ينحصر بين البشر، فربما يحدث بين شخص وحيوان أو نبات.

وذلك هو حال أحمد العياصرة (48 عاما) وعدد من أصدقائه في محافظة جرش شمال الأردن، حيث ينفذون منذ نحو عام مبادرة شخصية بلا مقابل تهدف إلى حماية أشجار غابات.

العياصرة وآخرون من أبناء مدينته “ساكب” بجرش وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، التقوا على هدفٍ أرادوا من خلاله حماية أشجار حرجية في منطقة قريبة منهم تُسمى “وديان الشام”، كي يحافظوا على غابة مليئة بالأشجار الحرجية المعمرة باتت من نوادر الأماكن التي لم تتعرض لاعتداءات جائرة، حتى باتوا يسمونها بـ”الغابة العذرية” الوحيدة.

البداية كانت قبل نحو عام، عندما قرر العياصرة وشركاؤه بالفكرة أن يستثمروا قطعة أرض يملكها أحدهم كي تصبح أشبه بمخيّم يتيح لزائره الاستمتاع بخضرة تلك الأشجار وممارسة رياضة المشي في أحد الممرات التي يروي أهل المنطقة من كبار السن أنها كانت طريقا لنقل البضائع المختلفة من تركيا (عهد الدولة العثمانية) إلى فلسطين في حقبة سابقة.

لوحة طبيعية

أشجار بينها سنديان وبلوط وصنوبر حلبي وقيقب ونبق تجاوزت أعمارها القرون هي ما يغطي الغابة بأكملها، وبمتابعتها يستمتع الزائر بلوحة طبيعية جمالية، وهي مدعاة لـ”غسل الهموم المتراكمة لظروف الحياة اليومية والتفكير السلبي”، كما تحدث العياصرة لمراسل الأناضول.

وقال إن الفكرة “بدأت بتهيئة هذا المكان منذ العام الماضي، بمعية أربعة من الأخوة الآخرين، وقررنا أن تكون البداية بمساحة دونم واحد من أصل كامل القطعة وهي 5 دونمات و800 متر مربع.

وخشية من نسيانه لأساس الموضوع وانطلاقته، توقف العياصرة لحظة ليلخّص سردا طويلا بقوله لمراسل الأناضول: “هوايتي أن أكون بين هذه الغابات وأحافظ عليها”.

وأضاف: “هذه الغابة التي تراها هي الغابة العذرية الوحيدة بالمملكة، ولم يسبق أن تعرضت لأي اعتداءات، ونحن بهذا المكان نواصل الحفاظ عليها وعلى تنوعها الطبيعي”.

العياصرة استطرد: “على أشجارها وبين أغصانها تعيش طيور الصّفر والحسون النادرة، فضلا عن احتواء الغابة على شجر الملّول، وهو نوع من السنديان المهدد بالانقراض”.

وبلسان العاشق للطبيعة، مضى موضحا خصائص الغابة: “بعض الشجر فيها إذا ذهب وقطّع، سيكون سببا لموت أنواع أخرى، فهو بمثابة الحامي لها من أشعة الشمس ويحافظ على خضرتها وبقائها، وهنا يتحقق التوازن الطبيعي”.

وزاد: “لا نهدف من إنشاء هذا المكان، والذي نحاول فيه توفير بعض المرافق الهامة لإقامة الناس واستمتاعهم، إلى تحقيق أي مكاسب مادية”.

واستدرك: “الجلوس بالمكان واستخدام ما يحتويه من خيام وبعض المعدات التي يحتاجها الزوار في جولاتهم، متاحة للجميع دون استثناء وبلا أي مقابل، فكل ما نسعى إليه هو إدامة المكان وحمايته من أي اعتداء على أشجاره”.

العياصرة أردف: “نحن نسترجع مع زائر المكان بعض ذكريات الماضي، والتي لا يعلمها إلا كبار السن، فهذا الممر بالأسفل كان طريقا تجاريا يبدأ من تركيا ويصل إلى فلسطين”.

فكرة نبيلة

نجيب علي (38 عاما)، وهو أحد الزوار، قال إن المكان “يتيح لك فرصة الخلوة مع نفسك داخل هذه الطبيعة الخلابة وبعيدا عن الزحف العمراني”.

وزاد في حديثه للأناضول: “بصراحة، فكرة الشباب بإقامة هذا المكان هي فكرة نبيلة وتستحق الاحترام والدعم، خاصة وأن معظمهم بلا عمل وباحثون عنه، وكل ما يهدفون له حماية الطبيعة والحفاظ عليها”.

ولا تتجاوز نسبة مساحة الغابات في الأردن 1 بالمئة من المساحة الإجمالية للمملكة، بحسب ما أعلنه وزير الزراعة خالد الحنيفات في تصريحات سابقة.

وقال الحنيفات آنذاك، إن الوزارة نفذت خلال الفترة الماضية مشاريع تحريج عديدة مدرجة على الخطة الزراعية المستدامة (2022-2025) لزيادة مساحة الغابات.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: