“قروض الدعم” و”حبس المدين”.. خبير اقتصادي لـ”البوصلة”: مجرد حلول ترقيعية

“قروض الدعم” و”حبس المدين”.. خبير اقتصادي لـ”البوصلة”: مجرد حلول ترقيعية

عمّان – رائد صبيح

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الأردنية لتعزيز حالة التعافي الاقتصادية سواءً عبر التشريعات القانونية وأوامر الدفاع التي عمدت لحماية المتعثرين من الأفراد والمؤسسات عبر منع حبس المدين وقانون التنفيذ القضائي وما تمّ إقراره من تشريعات بشأن الشيكات، أو عبر اللجوء لطلب الدعم المالي الخارجي لمشروع صندوق دعم وتطوير الصناعة في الأردن بهدف توفير المزيد من فرص العمل وتعزيز قدرات التصدير والاستثمار، إلا أنّ الخبراء الاقتصاديين يرون أنّ ما يتمّ في هذا السياق ما زال في حدود “الحلول الترقيعية” التي لا ترقى لحل مشكلة الاقتصاد الأردني وخطط التحفيز والتعافي التي تحدثت عنها الحكومة سابقًا.

ومن وجهة نظره، يرى الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ الحكومة مستميرة بسياسات “الحلول الترقيعية”  التي لا تساعد في أهدافنا الحقيقية لتحقيق النموّ الاقتصادي والدخول في مرحلة التعافي ما بعد جائحة كورونا، ومعالجة الخلل في الهيكل الاقتصادي يستدعي أن يكون هناك بحث حقيقي وإستراتيجي.

ولفت البشير إلى أن “المتعثرين اليوم يلحقون الضرر بالمقرضين، ولكن في المقابل المقرضون وخاصة البنوك يحققون أرباحًا كبيرة، والحل يكمن في وضع علاج حقيقي لهذه المشكلة، وخاصة المتعثرين في المشاريع الإنتاجية التي ترفد الاقتصاد الوطني، والتعثر هنا شيء طبيعي يحصل”.

صندوق لدعم المتعثرين

وأكد على ضرورة إيجاد صندوق لدعم المتعثرين بعيدًا عن دعوات الحكومة والمشرعين الفضفاضة للتكافل والتعاون بين فئات المجتمع الأردني لتجاوز أزمات ومشاكل الإعسار والتعثر.

ولفت إلى أن المشرع الأردني مطالب بوضع قانون متعلق بصندوق لدعم المتعثرين بعيدًا عن الكلمات والدعوات الفضفاضة للتعاون، وإيجاد صندوق تعثر للدائنين تحكمه ضوابط قانونية يفصل بها القضاء، ولو فرضنا سهم واحد بالمائة من أرباح الشركات المقرضة سواء كانت بنوكًا أو شركات، ورصد هذه الأموال للاستثمار.

وأوضح أن من يصل لحالة الإعسار والتعثر يتقدم بطلب للقضاء لإثبات حالة تعثره، وهذه المساهمة البسيطة من المقرضين ستساهم بشكل حقيقي وفعلي باسترداد أموالهم بعد تعافي المتعثرين.

وقال البشير إن “القضاء هو صاحب إثبات واقعة التعثر وصحتها من عدمها، ونحن في جائحة كورنا تعثر الكثيرون لظروفٍ قاهرة، إذن هذا الصندوق الوطني سيخدم الدولة الأردنية إذا ما تمّ إنشاؤه بضوابط قانونية، وستكون موارده في خدمة الأردن كفائدة إستراتيجية”.

وقال إن “ورقة الشيك” هي مثل الخمسين دينار، تخيّل أن تذهب لشراء حاجاتك وتعطي البائع خمسين دينار ويقول لك “هذه مزورة”، إذن مصيرك أن يتم التحقيق معك وتوقيفك.

وأكد البشير أن “هكذا الشيك أمر دفع، والعملة النقدية أمر دفع، وهذا ورقة تجارية وكلها “اوراق مالية” مثل الكمبيالة والسند وغيرها، ضريقة التعامل مع الشيك”.

محمد البشير: نحن بحاجة لحلول جريئة في خفض كلفة الاقتصاد الوطني عبر معالجة مشكلة الهيكل الاقتصادي

مزيد من القروض لصناديق الدعم

وعبر الخبير الاقتصادي عن اسفه لاستمرار الحكومة بالاقتراض بذريعة مشاريع صناديق دعم الصناعة وغيرها، لافتا إلى موضوع التشغيل سابقًا الذي أعلنت عنه الحكومة ورصدت له مبلغ ثمانين مليون دينار لتشغيل ثلاثين الف أردني من قبل، مؤكدًا أن هذا الكلام جميل للإعلام والأخبار، ولكن على أرض الواقع ليس له أي أثر، دون المساهمة في تخفيف كلفة الاقتصاد الوطني، ومن دون معالجة مشكلة الهيكل الاقتصادي، ودعم الصناعة والزراعة بشكل عملي حقيقي حتى تكون حصتهم من الناتج الوطني بنسبتها الصحيحة.

وأوضح أن “الكلفة تتمثل في العناوين الأربعة ضريبة مبيعات ونفط وفوائد بنكية وأخيرًا ضمان اجتماعي، دون هذه المعالجة الجريئة سنبقى نعاني ونبقى نسير بخط الترقيع لحل المشاكل وعقد المؤتمرات وترصيد المبالغ التي ترفع المديونية دون معالجة جذور المشكلة الاقتصادية”.

مطالبات بتمديد “عدم حبس المدين” لنهاية العام

وقال الخبير الاقتصادي عصام قضماني غلى أن هناك توصية جديرة من اللجنة القانونية في مجلس الأعيان بتمديد العمل بـأمر الدفاع رقم 28، المتعلق بعدم حبس المدين إلى نهاية العام الحالي.

وأكد في مقالته بصحيفة الرأي أن الحكومة حسنا تفعل إذ تقرر تمديد العمل بأوامر الدفاع الخاصة بحبس المدين فلو أنها لم تفعل فسنكون أمام مجزرة قضائية قاسية خصوصاً وأن التعديلات الجديدة على قانون التنفيذ مؤجلة لسنوات ثلاث.

ولفت إلى أن “عدد المطلوبين على دين مدني في الأردن يبلغ 150 ألف شخص حتى بداية شهر أيار الحالي”.

وأشار قضماني إلى أن عدد المطلوبين بديون أقل من 1000 دينار فيبلغ حوالي 41 ألف شخص، و82 ألف شخص ديونهم أقل من 5000 دينار وهي ديون استهلاكية وليست تجارية لا حبس عليها.

وشدد على أنّ “هذه احصائية ليست سهلة وقد فاقمها وباء كورونا وهي ان افلتت في الوقت الراهن فستشكل ضغطا هائلا على المحاكم”.

ترحيل للمشكلة

وقال قضماني: صحيح أن التأجيل بتمديد اوامر الدفاع هو ترحيل للمشكلة لكن طالما أن القانون الجديد أوجد لها حلولا فهي ستحتاج الى وقت لتسويتها.

وشدد على أنه حتى مع التمديد لأوامر الدفاع، حقوق الدائن محفوظة فهو يحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة ويمنع المدين من السفر فماذا بقي سوى أن يحجز حريته حتى مع هذه فلم يثبت أنها كانت حلاً ناجعاً بدليل أن عدد المطلوبين في قضايا دين صغيرة كانوا وما زالوا مهددين بالسجن..

وأضاف قضماني “في الملمات نأمل أن يكشف مجتمعنا عن تراحمه وتكافله لكن القانون يجب أن يأخذ مجراه في حفظ الحقوق وها هو يفعل ذلك على أكمل وجه من دون حبس”.

وأشار إلى أنه منذ وقت طويل تخلت دول كثيرة عن عقوبة حجز لحرية مقابل دين، فهذه تجاوزها العالم المتقدم بحلول ضمنت حقوق جميع الأطراف، وكنا اقترحنا بدائل عدة معمولاً بها في دول العالم.

وقال: “هناك لجنة حكومية ستنظر في وضع آلية لحفظ حقوق الدائن وهو ليس بالضرورة قوياً فهناك دائنون ضعفاء”.

ونوه إلى أنه “كان يفترض أن يتداخل القانون مع إشكالية الحجز التحفظي وأثره السلبي على الشركات والأعمال ما زال مطروحاً على مائدة البحث وقد ظهر ذلك جلياً في تعطيل أعمال الشركات والأفراد بمن فيهم المدينون الصغار أو ما عرف مؤخراً بالغارمين والغارمات”.

وختم قضماني بالقول: هذه إصلاحات مطلوبة ويجب أن تطرح للنقاش ما دام الملف قد فتح بفضل كورونا وما دمنا لم نزل في مرحلة التعافي.

قرض بـ 85 مليون دولار لصندوق دعم الصناعة في الأردن

وفي السياق ذاته، وافق البنك الدولي على تمويلٍ بقيمة 85 مليون دولار، لمشروع مساندة صندوق دعم وتطوير الصناعة في الأردن، الذي يهدف إلى تعزيز الاستثمارات والصادرات في قطاع التصنيع من خلال تفعيل دور صندوق دعم وتطوير الصناعة الجديد.

البنك الدولي، أشار في بيان صحفي الاثنين، إلى أن “الأردن يحتاج، وبشكل عاجل، إلى خلق فرص عمل شاملة وواسعة النطاق لتعزيز التعافي القادر على الصمود من أزمة جائحة كورونا”.

وأضاف أن هذا الأمر “يتطلب أن تتحول البلاد نحو نموذج نمو يتسم بالكفاءة والفعالية في استخدام الموارد وحُسن إدارتها، كما يستند إلى قطاعي التصدير والاستثمار”.

وطلبت الحكومة الأردنية مساندة البنك الدولي في تصميم الصندوق الجديد وتشغيله كمنصة تنفيذية فعالة وشفافة لتقديم الدعم اللازم للشركات، وأيضاً كجهة رئيسية للتحفيز وتقديم التسهيلات المالية لتيسير عملية التحول الصناعي في البلاد.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: