كيف تحاول الحكومة معالجة فشل إدارة أزمة البطالة؟

كيف تحاول الحكومة معالجة فشل إدارة أزمة البطالة؟

البوصلة – محمد سعد

 أخذت الحكومة في إعلان سلسلة إجراءات في محاولة للحد من إرتفاع معدلات البطالة في الأردن وسط تحذيرات من تفاقم مشكلة ضيق سوق العمل وتكدس خريجي الجامعات سنوياً.

ويعاني المجتمع الأردني من ارتفاع البطالة التي تجاوزت 25% العام الماضي. وبحسب بيانات حكومية، يبلغ عدد المتعطلين عن العمل من الحاصلين على شهادات جامعية ودراسات عليا أكثر من 450 ألف شخص داخل الأردن مع وجود أعداد مماثلة على مقاعد الدراسة.

وأصبح الاستثمار في التعليم العالي عبئاً على الاسرة ، ليس في التخصصات الأكاديمية الإنسانية فقط، بل أيضاً في العديد من التخصصات العلمية مثل الهندسية والعلوم. 
ويبلغ عدد الطلاب على مقاعد الدراسة في الجامعات الأردنية 344 ألفاً و796 طالباً وطالبة، وفق بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في وقت يدرس 250 ألفاً و137 طالباً وطالبة في الجامعات الحكومية الرسمية، و94 ألفاً و659 طالباً وطالبة في جامعات خاصة.

وقرر مجلس التعليم العالي، تخفيض القبول في جميع التخصصات الراكدة والمشبعة الواردة في تقرير ديوان الخدمة المدنية، وبنسبة (50%) في جميع الجامعات الأردنية الرسمية، بعدما وجهت منظمات عديدة انتقادات للحكومة لعدم المواءمة بين التعليم الجامعي وسوق العمل والتوسع بإنشاء الجامعات، دون التركيز على المجالات التقنية.

وأوقفت الحكومة كذلك القبول في 42 تخصصاً نتيجة الإخلال بمعايير الاعتماد الخاص، أو تجاوز الطاقات الاستيعابية.

الخبير الاقتصادي حسام عايش أكد في تصريحات إعلامية، أن معالجة المشكلة تتطلب إعادة النظر بمجمل السياسات التعليمية وتوجيهها بالشكل الذي يخدم احتياجات سوق العمل والحد من مشكلة البطالة التي تزداد سنوياً، لعدم توافر فرص العمل وتراجع التشغيل لدى البلدان الخليجية للأيدي العاملة الأردنية.

البطالة والوضع الإقتصادي جعلت نصف الأردنيين (48 بالمئة) يريدون الهجرة، وهي نسبة أعلى من مثيلاتها في دول ”قوس الأزمات“ (لبنان 38 بالمئة، العراق 35 بالمئة، ليبيا 20 بالمئة، السودان 46 بالمئة)، فيما تتدنى النسب في مصر (13 بالمئة وموريتانيا 18 بالمئة)، بحسب إستطلاع المعهد الجمهوري الدولي في الأردن وسبقه استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية العام الماضي أظهر تقريبا ذات النسبة في رغبة الشباب الأردني بالهجرة.

“هذه نتيجة مروعة في بلد يفاخر بالأمن والأمان، ويخرج مسؤولوه صبحاً ومساء بتصريحات تذكّر الأردنيين بـ“النِعم“ التي يتمتعون بها، فيما جوارهم القريب والبعيد يكتوي بنيران الحروب والصراعات الداخلية والتدخلات الأجنبية، والفقر والجوع والعوز”، بحسب رأي الكاتب عريب الرنتاوي.

ويقول الرنتاوي في مقال نشره الاسبوع الماضي بعنوان (الأردن حين يصبح بلداً “طارداً” لأبنائه وبناته!)، “دوافع غالبيتهم العظمى اقتصادية (93 بالمئة)، برغم وعود الرفاه وبرامج الإصلاح الاقتصادي واستراتيجيات النمو والتحديث”.

كما واجهت الحكومة جملة من الانتقادات والتساؤلات بعد إعلان إلغاء وزارة العمل من خلال نقل مهامها وأدوارها إلى وزارات الداخلية والصناعة والتجارة والتموين والتربية وتنمية الموارد البشرية.

ووفق الخطة تحديث القطاع العام التي أطلقتها الحكومة، فإنه من المقرر أن يتم إنجاز إلغاء هذه الوزارة، ونقل مهامها خلال الفترة بين عامي 2022-2024.

الخبير العمالي المحامي حمادة أبو نجمة قال، إن اقتراح إلغاء وزارة العمل غير مجد، موضحا أن العمل يجب أن يكون متكاملا من حيث الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ورأى أن ضم وزارة العمل إلى وزارة الصناعة والتجارة سيشكل انحيازا للجانب الاقتصادي في قضايا العمل على الجانب الاجتماعي.

ودعا رجل الأعمال والملياردير عمر عايش/ رئيس مجلس إدارة مجموعة نوبلز العقارية، للاستثمار المباشر في القطاع الطبي والتكنولوجي، باعتبارهما يشكلان فرصة قادرة على بناء اقتصاد وطني منيع .

وطالب عايش خلال مقابلة له على إذاعة حسنى، الحكومة بالتخلي عن طريقتها التقليدية في إدارة الاقتصاد والتي تعاني من الترهل والبيروقراطية، والبدء بالتعامل مع المشهد الاقتصادي بعقلية شركة في القطاع الخاص، بحسب قوله.

مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض،يقول أن “الأمور صعبة، ليس بسبب أرقام البطالة العالية، بل بسبب سياسات الاستجابة الضعيفة، فكل الخطط واستراتيجيات التشغيل التي تعلنها الحكومة وتطبقها لا تخفف حدة الصعوبات المستقبلية التي يواجهها الشباب”. 

وأضاف عبر تصريحات إعلامية سابقة، “برامج التشغيل التي تعتمدها الحكومة باتت قديمة، إذ تنحصر في ربط أصحاب العمل بمن يبحثون عن عمل. وهذه فعلياً ليست سياسات تشغيل، بل إدارة للموار البشرية، علماً أن حوالي 120 ألف طالب يتخرجون سنوياً في الأردن، فيما لا يتم إنتاج أكثر من 40 ألف فرصة عمل سنوياً في أحسن الظروف”. 

ويعتقد عوض بأن “توسيع مجالات التعليم الجامعي ومؤسسات التعليم الجامعية الخاصة يجعلنا نخسر في اتجاهين، أولهما تكريس فكرة أن الشهادة الجامعية تشكل صمام الأمان ومفتاح النجاح، في حين أن هذا الأمر غير صحيح على أرض الواقع، فغالبية فرص العمل التي تنشأ في الأردن تشمل مجالات تقنية ومهنية. وهكذا بات معظم خريجي الجامعات يعملون على تطبيقات النقل والتوصيل التي لا تحتاج الى دراسات جامعية”.  

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: