لماذا يرتعب الاحتلال أكثر من عمليات فدائية أبطالها من حملة “الهوية الزرقاء”؟

لماذا يرتعب الاحتلال أكثر من عمليات فدائية أبطالها من حملة “الهوية الزرقاء”؟

البوصلة – عمان

أن تحدث عملية فدائية في القدس، ربما يكون حدثا اعتياديا لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلية في ظل تصاعد جرائمه بالأراضي الفلسطينية؛ لكن أن يكون بطلها من حملة الهوية الزرقاء، فثمة إشعار آخر للخطر يزيد من قلق الاحتلال، بحسب مراقبين.

والهوية الزرقاء هي الوثيقة الرسمية الوحيدة التي يحملها المقدسي، ولا تَمنَحُه سوى جواز سفر أردني، فلا مواطنًا في أرضه ولا يتمتع حتى بحقوقهم، بل يعتبر بنظر قانون الاحتلال الإسرائيلي “مقيم دائم”.

أمس الأحد، استيقظت القدس، على عملية إطلاق نار نفذها المقدسي أمير الصيداوي (26 عامًا)، قرب حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى المبارك.

ووقعت العملية على مرحلتين، الأولى استهدفت حافلة كانت تغادر حارة المغاربة قرب حائط البراق، والثانية كانت في بركة السرطان، وأسفرت عن إصابة 9 مستوطنين، منهم 3 بحالة خطيرة، بينما وصفت باقي الإصابات ما بين “متوسطة وطفيفة” وبعد ست ساعات من المطاردة، أفاد جيش الاحتلال باعتقال منفذ العملية، بعد تسليم نفسه.

لم يغب عن الأجهزةالأمنية الإسرائيلية، عمليات فدائية عديدة وقعت في الداخل الفلسطيني المحتل، وكان أبطالها من فلسطينيي الداخل ممن تسميهم “إسرائيل” بـ”حملة الهوية الزرقاء”، وهم ذوي رعب من نوع مختلف، ترى فيه مؤشر “تهديد وجودي”، تبعا لما يورده أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، سعيد زيداني.

واعتبر زيداني في تعقيبه على العملية، أن حملة الهوية الزرقاء، بـ “الرعب المضاعف للمؤسسة الأمنية” من حيث مؤشرين، هما “الاختلاط في الداخل وسهولة الوصول إلى ساحة المواجهة، والثاني يكمن في اعتبارهم قنبلة موقوتة”.

وأضاف: “هنا يبرز أيضا ثغرة خطيرة لدى المؤسسة الإسرائيلية، وهي غياب المعلومة الاستخبارية، التي تشير لهشاشة المنظومة الأمنية في استشعار الخطر الوافد من الداخل”.

وأكد زيداني، أنّ ما يميز المرحلة هي ظاهرة الذئاب المنفردة التي تبرز بين الفينة والأخرى، وتتمثل في “العمليات الفردية”، لكنّها تزداد خطورة حين تكون منطلقة من بيئة القدس التي تمثل أساسا حالة اشتباك ومواجهة ونذير انفجار ممكن.

ولأن هذه العمليات تُنصف من التهديدات التي يصعب تتبع من يقف خلفها، فإن الاحتلال يتعامل معها وكأنها “بلا أب”.

وأشار زيداني: “مع تسليم منفذ العملية لذاته، فإنّ ظروف العملية تزداد تعقيدا في فهم الاحتلال لمكنونة الدوافع فهي من ناحية لا تعبر عن نمط كلاسيكي في العمليات الفدائية، وبالتوجه ذاته لا تعبر عن أسلوب جديد، ليترك المؤسسة الإسرائيلية نفسها في حيرة استنباط المعلومات”.

وكانت صحيفة يديعوت احرنوت العبرية قالت، “ما ينبغي أن يقلق ويشغل البال هو الدوافع التي حرّكت إبراهيم النابلسي الذي ما زال ابن 20، وكذا من قتلوا معه وآخرين نحو ملء الصفوف في كل مرة من جديد. شباب ليسوا بالضرورة من الهوامش، ولا متشدّدين دينيين، بل إن بعضهم بلا انتماء تنظيمي، لكنهم ما زالوا مفعمين بإحساس الرسالة”.

الكاتب ياسر الزعاترة وصف مطارة الاحتلال للمقدسي منفذ العملية بالهستيرية وبالمحصلة هو من سلم نفسه.

واكد الزعاترة عب حسابه على تويتر، أن “دماء الشهداء تحيي الهمّم، وتستنفر روح البطولة، رغم أجواء مناقضة تصنعها قيادة مهزومة في رام الله”.
وأضاف، “عدو بحالة تدهوّر، وانتفاضة شاملة هي الخيار”.

المختص بالشان الإسرائيلي الصحفي صالح النعامي اعتبر العملية تؤكد” فشل العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة في تحقيق أبرز أهدافه المتمثل بإفشال أية محاولة فلسطينية لتوحيد ساحات المقاومة”.

وأكد النعامي عبر حسابه على تويتر، “هذا العدوان تحديدا حفز الفلسطينيين على الرد في ساحة غير ساحة غزة”.

وختم تعليقه بالقول، “والشعب الفلسطيني لم يقل بعد كلمته الأخيرة”.

من جهته، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي فايز عباس، إن الأوساط الإسرائيلية تنظر للحدث بـ”خطورة عالية جدًا، وتعبر عنه بقلق غير مسبوق”.

وأضاف عباس عبر حسابه على تويتر أن “إسرائيل كانت تستشعر التهديد في الضفة وغزة والقدس؛ لكنها تفاجأت أنه جاء لها من الداخل، بالإضافة إلى تخوفات إسرائيلية من نشاط لأشخاص ومجموعات قد تشكل خطرًا مستقبليًا أيضًا”.

وفي ربطه لتزامن العمليات الفدائية بالنقب وأم الفحم، يتابع: “كلاهما وضع إسرائيل في قلق غير مسبوق”، مستطردًا: “أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أغفلت هذا التهديد ولم تتعامل معه بجدية، في ظل الحديث عن أن بعض منفذي هذه العمليات كانوا قد اعتُقلوا سابقًا على خلفية القيام بمهام مماثلة”.

وتأتي العملية بعد حوالي أسبوع من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأسفر عن استشهاد 49 فلسطينيًا من بينهم 17 طفلًا و4 سيدات، وتلاه اغتيال 3 فلسطينيين بينهم المطاردين إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح في البلدة القديمة بنابلس.

ومنذ آذار 2022، قُتل 19 مستوطنا وأُصيب آخرون، في عمليات نفذها فلسطينيون في الضفة والداخل والقدس، وفق معطيات إسرائيلية.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: