ماذا تعرف عن ثورة البشرات.. آخر معارك المسلمين في الأندلس؟

ماذا تعرف عن ثورة البشرات.. آخر معارك المسلمين في الأندلس؟

البوصلة – في مثل هذا اليوم من عام 1499 بدأت ثورة البشرات الأولى (ثورة غرناطة) التي استمرت حتى عام 1501، وذلك رداً على الحملة التي بدأها رئيس أساقفة طليطلة، الكاردينال فرانثيسكو خيمينيث دي ثيسنيروس في مدينة غرناطة لفرض الالتزام الديني بالمسيحية عن طريق التعذيب والسجن للمسلمين في إسبانيا.

لم يقمع التمرد في نهاية المطاف وحسب، بل استُخدم كذريعة لتبرير إلغاء المعاهدات التي تقر بحماية المسلمين وعقيدتهم في الأندلس. وشجع نجاح الحملة في غرناطة الملكة القشتالية إيزابيلا على إصدار مرسوم في عام 1502 يحظر الإسلام في جميع أنحاء قشتالة أيضاً، لتتبعها بذلك بقية الممالك الإسبانية في السنوات اللاحقة.

وبين عامي 1568 و1571 اشتعلت مجدداً ثورة البشرات التي بدأها الموريسكيون (مسلمو الأندلس الذين أجبروا على التنصر بعد سقوط مملكة غرناطة) ضد تاج قشتالة، وذلك بعد إصدار فيليب الثانى طائفة من القوانين المجحفة التي اضطهدت مسلمي الأندلس، مما دفعهم إلى بدء ثورة جديدة بأمل استعادة تاج قشتالة واستعادة الحكم مجدداً.

الأسباب التي قادت إلى الثورة

مراسم فرض المسيحية عن طريق التعذيب والسجن للمسلمين في إسبانيا. (Others)

في ظل جهود التنصير الإجبارية، ظهر في إسبانيا فئة أطلق عليها اسم الموريسكيون أو الموريسكوس بالقشتالية، وهم المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الحكم الإسلامي للأندلس وأجبروا على اعتناق المسيحية شكلاً لكنهم تمسكوا بالإسلام سراً حتى طردهم بين عامي 1609 و1614.

ورغم أن معاهدة غرناطة نصت على التسامح مع المسلمين بعد تسليم غرناطة للقشتاليين، إلا أن ملوك الممالك الإسبانية استمروا بإصدار القوانين التي تشد الخناق على الموريسكيين وتضطهدم اضهاداً شديداً، وأصبح التمسك بالمسيحية في الأماكن العامة بموجب المراسيم الصادرة.

ومع مجيء الدوق فيليب الثاني (1555 – 1598) إلى عرش السلطة في إسبانيا، حتى أصدر طائفة من القوانين المجحفة دلت على اضطهاده وتحريضه ضد المسلمين، فأصدر قانون يحرم امتلاك كتب أو أوراق عربية ولاسيما القرآن، كما حظر استعمال اللغة العربية فضلاً عن الأسماء والألقاب العربية، وكذلك منع ارتداء الثياب العربية ومنع ارتداء النساء للحجاب، وغير ذلك من القوانين التي تهدف إلى محو هوية المسلمين.

وبالإضافة إلى كل الأسباب التي ذكرناها سابقاً، كان للعثمانيين، الذين بدأ تأثيرهم يتزايد كقوة صاعدة في المتوسط منذ منتصف القرن السادس عشر، دور أساسي في دفع فيليب الثاني لسن العديد من القوانين الحادة خوفاً من دعم المورسكيين لغزو عثماني محتمل لإسبانيا، وهو ما خطط له العثمانيون بالفعل، لكنه تأجل نظراً لأن البعض كان قد أقنع السلطان سليم الثاني باحتلال قبرص بدلاً من إسبانيا لموقعها الاستراتيجي.

ثورة البشرات

كان لسياسة فيليب وقوانينه المضطهدة عظيم الأثر في اندلاع ثورة البشرات المسلحة في غرناطة تحت قيادة فرج بن فرج الذي ترجع أصوله إلى بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين، والذي كان قد جمع بعض الدعم وطالب المدد من ملوك شمال إفريقيا.

وبينما كان النصارى منشغلين باحتفالاتهم وصلواتهم ليلة عيد الميلاد من سنة 1568، اجتمع سراً في وادي الإقليم جماعة من منفيي ومورسكيي غرناطة والبشرات وغيرهما، وتبرؤوا من المسيحية، وبايعوا محمد بن أمية (واسمه المسيحي فرناندو دي بالور) قائداً لهم ووريثاً لعرش الدولة الأموية في الأندلس. وبدأ العصيان المسلح على شكل حرب عصابات بدعم عسكري ومالي من الجزائر والمغرب والدولة العثمانية.

على إثر ذلك، أرسل فيليب الثاني قوات عسكرية ضخمة بقيادة أخوه غير الشقيق جون النمساوي لقمع الثورة. ورغم أن وصول عدد الأشخاص المنضمين إلى الثورة لأكثر من 25 ألف رجل (بينهم جنود من البربر والأتراك)، ورغم الانتصارات التي حققوها، إلا أنهم سرعان ما خسروا ما كسبوه وقُتل قائدهم ابن عبو، الذي عُين بعد مقتل محمد بن أمية، على يد بعض أتباعه في مؤامرة دبرها الإسبان في أحد كهوف البشرات في شهر مارس /أذار 1571، لتخمد بعدها ثورة البشرات في نفس العام.

نتائج الثورة

لوحة تمثل طرد الموريسكيين من الأندلس. (Others)

في أعقاب نجاح الإسبان في إخماد نار ثورة البشرات، أمر فيليب الثاني بتشتيت شمل جميع مورسكيي غرناطة وترحيلهم إلى قشتالة وغرب الأندلس، وذلك ضمن مساعيه لتفتيت المجتمع الإسلامي المتبقي بإسبانيا وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي.

وضمن هذه المساعي أخليت قرابة 270 قرية من سكانها المسلمين ووُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني، فيما ترك بعضها خاويةً على عروشها. الأمر الذي قد ترتب عليه تدمير صناعة الحرير لقرون تالية.

ونتيجة لعدم قدرة موريسكيي غرناطة على الاندماج المجتمعي في مملكة، أمر فيليب الثالث بتحريض من دوق مدينة ليرما بطرد الموريسكيين التي قُدرت أعدادهم بنحو 300 ألفاً من إسبانيا في عملية استغرقت الفترة بين عامي 1609 و1614.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: