ما خيارات تركيا لفرض سيادتها على جزر إيجة التي تستمر اليونان بتسليحها؟

ما خيارات تركيا لفرض سيادتها على جزر إيجة التي تستمر اليونان بتسليحها؟

البوصلة – خلال مشاركته في بث حي على قناة (TRT Haber)، الخميس، حول تقييمه للسياسة الخارجية التركية، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، أن بلاده ستبحث مسألة السيادة على جزر بحر إيجة ما لم تتخل اليونان عن تسليحها.

وأشار جاوش أوغلو إلى أن تركيا أرسلت رسالتين إلى الأمم المتحدة بشأن الانتهاكات اليونانية لوضع الجزر منزوعة السلاح في بحر إيجة، فضلاً عن جزر شرق المتوسط.

وتجدر الإشارة إلى أن ملف جزر بحر إيجة البالغ عددها نحو 1800 جزيرة مُشكّلة من جزر وكتل صخرية مختلفة الحجم، وفقاً لتقديرات هيئة المسح البحري وعلوم المحيطات التابعة للقوات البحرية التركية، يعد من أبرز ملفات الخلاف بين تركيا واليونان منذ قرابة القرن، وذلك بعدما استولت أثينا على جزر بحر إيجة بالإضافة إلى جزر شرق المتوسط القريبة من السواحل التركية بموجب معاهدتي لوزان وباريس للسلام بشرط نزع سلاحها، وهو الشرط الذي بدأت أثينا بانتهاكه منذ ستينيات القرن الماضي.

أصل الحكاية

في أعقاب إعلان اليونان استقلالها عن الدولة العثمانية في أبريل/نيسان 1830، انتقلت تبعية بعض الجزر “المذكورة بالاسم” إلى اليونان، في حين استمرت السيادة العثمانية على معظم جزر بحر إيجة، وبقي الحال كذلك إلى أن اندلعت مواجهات طرابلس بين الدولة العثمانية وإيطاليا التي احتلت مجموعة جزر منتشة عام 1912، والتي رفضت التخلي عنهم رغم اتفاقية لوزان الأولى بحجة أن انسحابها سيعطي فرصة لليونان لاحتلالها خلال حرب البلقان.

وأثناء انشغال الدولة العثمانية بحرب البلقان، استغلت اليونان الفرصة وفرضت سيطرتها على معظم جزر إيجة باستثناء جزر غوكتشه وبوزجه وميس التي بقيت تابعة للدولة العثمانية التي تنازلت عن كامل حقوقها السيادية في جزيرة كريت بعد توقيعها في مايو/أيار 1913 معاهدة لندن التي أنهت حرب البلقان.

ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، أجبرت الدولة العثمانية التي خسرت الحرب واحتلت أراضيها من دول الحلفاء على التنازل عن حقوقها في الجزر المحتلة من قبل إيطاليا، والاعتراف بسيادة اليونان على الجزر التي احتلتها، بالإضافة إلى التخلي عن الجزر التي تُركت لها قبل ذلك بموجب قرار الدول الست الكبرى.

وبينما تمكن أتاتورك ورفاقه من تحرير الأراضي التي احتلتها الدول الغربية خلال حرب التحرير والاستقلال التركية التي انتهت بتأسيس الجمهورية التركية عام 1923، لم يتغير حال الجزر المحتلة كثيراً، حيث بقيت الجزر تابعة لليونان وإيطاليا التي تنازلت عن جزرها لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، والتي انتقلت ملكيتها لبريطانيا ومن ثم إلى اليونان وفقاً لمعاهدة السلام الموقعة بين الحلفاء وإيطاليا عام 1947.

اليونان مستمرة بعسكرة الجزر

على الرغم من الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقيتا لوزن وباريس اللتان تنصانان على عدم تسليح الجزر القريبة من تركيا، عمدت اليونان إلى تحويل جزر بحر إيجة إلى مخازن أسلحة من خلال تسليح العديد من الجزر، ولا سيما جزيرة ليمنوس- ساموثريس، منذ عام 1960، بحجة معاهدة مونترو لعام 1936 كأساس يعطيها الحق في ذلك.

وفي المقابل أكّدت تركيا أن تسليح اليونان لجزر بحر إيجة يشكل تهديداً للأمن القومي التركي، وهو الملف الذي يعد من أبرز ملفات الخلاف بين أنقرة وأثينا، والذي من شأنه أن يتسبب في نشوب أزمات دبلوماسية حقيقية بين البلدين قد تتطور إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة كما حدث في أزمة جزيرة قارداق عام 1995.

ورداً على تحويل الجزر إلى ثكنات عسكرية للقوات اليونانية في السنوات الأخيرة، قال رئيس جمعية أتراك جزر رودس وكوس ودوديكانيز (الاثناعشرية) اليونانية في بحر إيجة، مصطفى قايمقجي، إن “اليونان تنتهك جميع الاتفاقيات الدولية بتحويل معظم الجزر الـ23 في بحر إيجة إلى مخازن للأسلحة”. مشيراً إلى أن هذه الخطوات تشكل انتهاكاً صريحاً لاتفاقيات لوزان وباريس التي اشترطت أن تكون منزوعة السلاح بشكل كامل.

ما خيارات تركيا لفرض سيادتها على الجزر؟

عقب انخفاض حدة التوتر بين أنقرة وأثينا فيما يتعلق بملف غاز شرق، تصدر ملف تسليح اليونان لجزر إيجة واجهة الخلاف بين البلدين في الآونة الأخيرة. وبالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن اليونان انتهكت الوضع غير العسكري لجزر بحر إيجة 229 مرة خلال العام الجاري، هدد وزير الخارجية التركي أن بلاده ستبحث مسألة السيادة على جزر بحر إيجة ما لم تتخل اليونان عن تسليحها.

وعلى الرغم من أن تهديد جاوش أوغلو اقتصر على نقل ملف الخلاف إلى المحافل الدولية، إلا أن المراقبين رأوا في تصريحات الوزير رسائل تهديد واضحة مفادها أن إصرار اليونان على مواصلة تسليح الجزر بشكل مخالف لما تنص عليه الاتفاقيات سيتيح لتركيا التنصل من هذه الاتفاقيات المجحفة، وهو ما سيفتح الباب واسعاً في مرحلة لاحقة أمام تركيا لرفض الاعتراف بأن هذه الجزر تخضع للسيادة اليونانية.

وهو ما يعيد إلى الأذهان تاريخ المواجهات العسكرية بين البلدين، وكيف تلجأ تركيا إلى الخيار العسكري عندما تتجاوز اليونان حدودها في تهديد الأمن القومي التركي وترفض الالتزام بالاتفاقيات الدولية، ولعل من أبرز هذه الأمثلة، عملية السلام في جزيرة قبرص عام 1974 عندما سيطرت القوات التركية على 35% من الجزيرة وأقامت فيها جمهورية شمال قبرص التركية رداً على المجازر اليونانية بحق مواطني الجزيرة الأتراك، بالإضافة إلى المواجهة العسكرية المباشرة التي حدثت بسبب أزمة جزيرة قارداق عام 1995.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: