محادين: التعجل في إقرار قانوني “الجرائم الإلكترونية والسير” سيضر بالمجتمع الأردني

محادين: التعجل في إقرار قانوني “الجرائم الإلكترونية والسير” سيضر بالمجتمع الأردني

دعا إلى إجراء حوار مجتمعي موسع وإشراك المختصين في صياغة القوانين

عمّان – رائد صبيح

دعا أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين في تصريحاته لـ “البوصلة” مجلس النواب إلى عدم التسرع في إقرار القوانين التي وردته من الحكومة وعلى رأسها قانوني الجرائم الإلكترونية وقانون السير، لافتًا إلى أنّ التعجل في إقرارها سيكون له آثار سلبية كبيرة على المجتمع الأردني الذي يواجه ضغوطًا وتحدياتٍ متعددة.

وقال الدكتور حسين محادين: لا أعتقد أنّ ممارسة الضغوط الخارجية على الإنسان حتى ولو كانت قانونية هي الحل الأمثل لطبيعة المشكلات والتحديات التي يمر بها المجتمع الأردني، فهو مجتمعٌ متحولٌ متأثر بمنظومة معولمة بدءًا بالخصخصة وليس انتهاءً في سيادة التكنولوجيا، وبالتالي أصبح المواطن الأردني وإن كان وطنيًا فهو (عولمي).

وأضاف بالقول: أذكّر بأن زيادة الغرامات أو الجزاءات المختلفة من خلال القوانين بحاجة إلى قراءة موازنة، وهذه القراءة التي أقترحها هي إشراك متخصصين إضافة لأصحاب الاختصاص القانوني، إذ أنّ الحياة لها عدة زوايا في التناول وإنّ الحلول أيضًا يمكن أن تكون في أكثر من اتجاه لمثل هذه التحديات.

وتابع، لو أخذنا مثلاً قانون السير، وزيادة قيم المخالفات، في ظل ظرف اقتصادي مالي ضاغط، وفي ظل ارتفاع البطالة، فنحن أمام تحدٍ مضافٍ عوضًا عن أن نجد حلاً لما يواجهه الإنسان الأردني.

واستدرك محادين بالقول: لعل السؤال الأبرز هو لماذا يلجأ الإنسان للمخالفة، ولما يشعر أنه بحاجة للتمرد على السائد في ظل ما يعانيه وما يقاسيه من تحديات وتوترات نفسية واجتماعية حياتية.

وأضاف بالقول: نلاحظ أنّ نسبة الانتحار على سبيل المثال آخذة في الاضطراد، وأنّ نسبة العودة للجريمة مرتفعة، والجريمة نفسها تغيرت أدواتها وأشكالها.

إشراك أصحاب الاختصاص في صياغة القوانين

وقال محادين: أقصد مرة أخرى أنّ هناك ضرورة مُلحّة أن تتشارك أكثر الاختصاصات في صياغة القوانين، وأنّ القوانين المستعجلة لا يمكن أن تراكم أعرافًا سلوكية تنم عن هذا المجتمع المتعلم في ظل إقليم، كل ما حولنا فيه ملتهب وكل ما حولنا فيه متوتر.

وتابع بالقول: النقطة الأخرى التي أراها ضرورية، عندما نريد استقرار النظام الاجتماعي بكل طرقه فعلينا أن نفعل مؤسسات التنشئة الحياتية والاجتماعية الأساسية، بدءًا من الأسرة التي افتقدت لمقوماتها الرئيسية من حيث دور الأبوين في التوجيه والتعليم، فأصبح الأبناء جراء التكنولوجيا هم الذين يعلمون الآباء.

ولفت محادين إلى أنّ الأسرة افتقدت وهي مركز مهم لتعليمنا المسموح به والمنهي عنه إلى ما أسمّيه (مؤتمر الطعام)، فلو أخذنا مثلاً أي أسرة أردنية بالكاد يمكن أن تلتئم مرة واحدة في الأسبوع بمجملها، حتى وإن التئمنا كأفراد أسرة نجد أن كل واحد منا منشغل بعلاقاته وصداقاته عبر الهاتف الخلوي، ونحن متاوجدون متجاورون جسديًا لكننا، في المظاهر والتواصل نحن خارج هذه الدائرة.

وأضاف أنّ النقطة الأخرى، التعليم ومصاحباته فأين المؤسسات التعليمية وأين دورها وهل لها دور في صياغة وتعديل سلوك الأردنيين بجذورهم الصحراوية التي تميل أحيانًا نحو التمرد بشكلٍ واضح.

وتساءل محادين: هل المسجد والكنيسة قائمنا بأدوارهما المتوقعة، والمستجدة، التي يفترض أن تؤديها في ظل اختلال منظومة القيم وسيادة القيم الفردية وتضخم الأنوات، من أنا عند الأردنيين، فلاحظنا عند الأسرة مثلا اضطراد في حالات الطلاق وتأخر واضح في الزواج، حتى أننا أصبحنا نفتقد للفرح وبطاقات الدعوة التي كانت تكون بنهاية كل أسبوع بالمجمل بسبب تكاليف الزواج.

النظر للمشهد من كافة الزوايا

وأشار إلى أنّ القضية الأخرى، تتمثل بظهور المؤسسات الوسيطة التي تقدم خدمات للأسرة، وتقدم خدمات البيع والشراء بين الأسرة والمجتمع، (السمسرة، خدمات المساج، الفندقة، الشقق، المزارع) وغيرها، وهي عبارة عن تغيرات عميقة جديرة بالقراءة.

وقال محادين: كلها أمور تقول للمشروع ضمنًا أن عليك أن تنظر للمشهد من كافة جوانبه ومن مختلف زواياه.

وتساءل: هل نحن جادّون في أن نتشارك جميعًا كي نشعر أننا قادرون على الدفاع عن مثل هذه القوانين، سواء قانون الجرائم الإلكترونية المقترح، أو قانون السير، وغيره.

وشدد على أنّه لا يكفي أن تقوم السلطة التنفيذية والتشريعية بتشريع شيء في الفترة الواقعة ما بين دورتي مجلس النواب بشكل عام، وحتى إن كان مجلس النواب منعقدًا علينا أن نسمع أصواتًا أخرى، وعلى النواب أن يستشيروا أصحاب الاختصاصات الموازية، دون الموافقة المتعجلة على ما يقدم لهم من الحكومة.

وأكد محادين أنّ هذه هي فلسفة دولة القانون والمؤسسات، السلطات الثلاث، لكن هذه السلطات تتكامل في المجمل، لكنها تتنوع في الاختصاص وتتبدل أو يتبدل منسوب حرصها على أن يكون القانون مغطيًا لكل العناوين التي نرغب فيها.

وتابع بالقول: نحن أمام مجتمع متسارع التغير لا نستطيع أن نضبطه بالقانون فقط، لأنّ القيم الدينية والأخلاقية للأسف آخذة بالتراجع بشكل واضح، وأنّ ثقافة الرقم والتكنولوجيا هي السائدة.

 وعبّر محادين عن أمله في أن نؤمن جميعًا أنّه ليس من أهداف الحكومات كما أجتهد هو زيادة حجم العائد المادي جراء المخالفات وزيادة ممارسة الضغوط على مواطنين يعانون أصلاً من إرهاقٍ اقتصاديٍ وتحدياتٍ متعددة.

الحوار قبل التعجل في إقرار القوانين

وقال: معًا يجب أن نتحاور بصوتٍ واضحٍ قائم على ترجمة الحس بالمسؤولية ولكن بعيدًا عن الاستئثار بأي قرار سواءً كان قرارًا قضائيًا كمشاريع القوانين المعروضة، أو اعتقاد الشخص أنّه أعلى من القانون وأنّ بوسعه أن يتجاوزه استنادًا لمفهوم مناطقي أو عشائري أو ما شابه ذلك.

وأشار إلى أننا نتحدث عن حقوق وواجبات يضبطها القانون، وهذا القانون ليس وليد العجلة، بل هو نقيضها في الصياغة والترتيب والتطبيق.

وقال محادين: نحن نميل إلى أن نقول أنّ الحوارالأردني هو صفة مميزة للأردنيين دولة ومواطنين، ولكن التسرع في إقرار قوانين صارمة وحادة يضيف عبئًا على أعباء المواطنين بحاجة لوقفة للمناقشة وبحاجة من صانع القرار السياسي الانتباه لهذا.

وختم أستاذ علم الاجتماع حديثه للبوصلة بالقول: نحن نشير على صانع القرار السياسي بأن يكون مرنًا وأن يتذكر بأنّه بعد مدة زمنية سيتقاعد وسيشمله هذا القانون بما فيه من الضرائب والمخالفات وغيره، وكما يقول المثل الشائع (يا ضيف ما كنت معزب)، ليس هناك وظيفة دائمة ولا سلطة مستمرة لأشخاص أيّا كانت مكانتهم مع الاحترام، فنحن بحاجة لأن نكون شركاء سواء كنا في مراكز صنع القرار أو بعد انتهاء واجباتنا التي قدمناها أثناء الخدمة الرسمية في الدولة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: