مدارس القدس.. بين تدريس المنهاج الإسرائيلي أو الإغلاق

مدارس القدس.. بين تدريس المنهاج الإسرائيلي أو الإغلاق

لم يتوقف الاحتلال الإسرائيلي يومًا عن استهدافه لقطاع التعليم في مدينة القدس المحتلة، بقرارات وإجراءات عنصرية عديدة، وصلت إلى حد تهديد بعض مدارسها بإغلاقها وسحب تراخيصها، وإجبار مدراءها بالتوقيع على عريضة تلزمهم بعدم تدريس المنهاج الفلسطيني.

ويحاول الاحتلال بشتى الوسائل، فرض سيطرته على التعليم في المدينة وتهويده، ومحاولة شطب الذاكرة والتاريخ الفلسطيني وطمْس الهوية الوطنية، بتحريف المنهاج الفلسطيني، واستبداله بالمنهاج الإسرائيلي، كونه يشكل ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتنشئة جيل واع بقضيته.

ومع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد، أرسلت وزارة التربية الإسرائيلية رسائل تهديد لمدراء المدارس في القدس، تتوعد بشكل صريح بأن “ممثل قسم التنفيذ سيفتش المدارس والكتب، ويجبر ممثل المدرسة على التوقيع على عريضة تُلزمه بعدم تدريس المناهج الفلسطينية الوطنية”.

وقالت مشرفة “مكتب لواء القدس” في الوزارة يافي مور إيشار في رسالتها: “إذا ضبطنا مؤسسة تعليمية تقوم بالتدريس في الكتب المحظورة، فسنلغي ترخيصها على الفور”.

ومؤخرًا، وصلت رسالة إسرائيلية رسمية للكلية الإبراهيمية في القدس، تُهدد بإغلاقها إلى جانب خمس مدارس أخرى عن طريق سحب ترخيصها، إذا لم تعتمد على المنهاج المحرف.

والمنهاج المحرف عبارة عن نسخ تبدو في ظاهرها مطابقة للمنهاج الفلسطيني، لكنها في الحقيقة مناهج مُحرفة تم تشويه وإزالة كافة القيم الوطنية والمجتمعية فيه، وإقحام أفكار وآراء ومصطلحات أو حذف فقرات أو فصول كاملة لترويج أفكار ومضامين يراها الأهالي مرفوضة كليةً وتفصيلًا.

وردًا على هذه الإجراءات والتهديدات، أكد أولياء أمور طلبة مدارس القدس، خلال اجتماع عُقد في الكلية الإبراهيمية، بالإجماع رفضهم المطلق التعاطي مع المنهاج المحرف، أو “البجروت” أو أي منهاج خارج مقرر وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، واعتبروا أن أي تهديد مباشر أو غير مباشر للكلية هو تهديد لهم.

وقرر الأهالي اتخاذ خطوات تصعيدية استباقية قبيل بدء العام الدراسي، منها تفعيل الدور القانوني والمجتمعي والإعلامي والتوعوي لمواجهة الخطر المحدق بمستقبل أولادهم.

تهويد التعليم

رئيس اتحاد أولياء أمور طلاب مدارس القدس زياد الشمالي يقول لوكالة “ًصفا” إن سلطات الاحتلال تسعى بشكل حثيث ومتواصل لتهويد التعليم، وفرض المنهاج المحرّف على الطلبة المقدسيين، بعدما افتتحت مدارس جديدة لتعليم المنهاج الإسرائيلي.

ويوضح أن الاحتلال يستهدف في حملته الممنهجة المدارس الأهلية في القدس، محاولًا فرض أمر واقع عليها عبر إجبارها على تدريس الكتب المحرفة التي طبعتها البلدية وحذفت الدروس منها، بالإضافة إلى التهديد بسحب تراخيصها في حال عدم تدريسها هذا المنهاج، عبر إرسال رسائل لعدة مدارس مقدسية.

ويشير إلى أنه لا تستطيع أي مدرسة العمل دون الحصول على ترخيص أو موافقة إسرائيلية، بحسب القانون الإسرائيلي، وباعتبار “سلطات الاحتلال المسيطرة في القدس”.

ويحذر الشمالي من خطورة هذه الإجراءات والتهديدات التي تستهدف العملية التعليمية، وتسعى لأسرلتها بشكل كامل، خاصة وأن هناك 82 مدرسة أهلية وخاصة في القدس يُدرس فيها 42 ألف طالبًا وطالبة، يستهدفها الاحتلال بغية تدريس المنهاج الإسرائيلي بالكامل.

وفي تموز/ يوليو الماضي، ألغت سلطات الاحتلال تراخيص ستة مدارس في القدس المحتلة، بذريعة “تدريس مضامين تحرض على دولة وجيش الاحتلال في الكتب الدراسية”، مستهدفة مدارس الايمان، ويبلغ عدد طلابها نحو 1755 طالبًا وطالبة في المرحلتين الابتدائية والثانوية، والكلية الابراهيمية 288 طالبًا وطالبة.

وسابقًا، لم تعارض وزارة المعارف الإسرائيلية تعليم المنهاج الفلسطيني، ألا انها بدأت مؤخرًا، بالتضييق على المدارس الخاصة والأهلية، سعيًا لإخضاعها لقراراتها، وحتى تمويلها أصبح مشروطًا.

أوضاع كارثية

ويؤكد الشمالي أن الاحتلال يريد السيطرة على مدينة القدس وفرض أمر واقع عليها، وكما استهدف القطاعات السياحية والدينية والثقافية، ويسعى لبسط سيطرته على مناحي التعليم، الذي يواجه أوضاعًا كارثية، ويفتقر لأدنى المقومات الأساسية.

وبحسب احصائيات “المنتدى التربوي المقدسي” المتعلقة بأعداد المدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي كليًا أو جزئيًا في مدينة القدس، فإنه في العام الدراسي 2018/ 2019، كان يوجد 41 مدرسة تضم داخلها 7300 طالب، وفي العام الدراسي 2019/ 2020 يوجد 50 مدرسة تضم 8300 طالب.

ويُصر أولياء أمور الطلبة على رفض كل أشكال التدخل الإسرائيلي في التعليم بالقدس، ومحاولاته لتدريس المنهاج المحرف، مؤكدين على ضرورة تدريس المنهاج الفلسطيني، وأنهم سيسعون إلى فرض أمر واقع من خلال تدريسه، رغم القرار الإسرائيلي.

ويطالب الشمالي بضرورة تكاتف الجميع من مرجعيات دينية ووطنية ومؤسسات رسمية لمواجهة إجراءات الاحتلال وحماية التعليم، لأنه “إذا نفذ الاحتلال تهديداته سيكون قد سيطر على 90% من التعليم في القدس”، مما سيؤثر على عقول وانتماءات الطلبة، وعلى الهوية الوطنية الفلسطينية”.

إغراءات مالية

أما المختص في شؤون التعليم حاتم خويص فيقول لوكالة “صفا”: إن “التعليم يشكل قضية شائكة شبه خاسرة في حال بقيت كما هي عليه، خاصة أن الاحتلال يحاول منذ احتلاله القدس عام 1967، السيطرة على المناهج الفلسطينية واستبدالها بالإسرائيلية”.

ويوضح أن “الاحتلال يُقدم إغراءات مالية تصل إلى 13 ألف شيكل لإدارات المدارس، لأجل تدريس المنهاج الإسرائيلي”، محملًا في الوقت نفسه، “المسؤولية الكاملة عن ذلك إلى مدراء المدارس، وليس لأهالي الطلبة”.

ويطالب خويص المؤسسات التعليمية بتدريس المنهاج الفلسطيني، والحصول على تراخيصها من الأوقاف، واصفًا استهداف التعليم بأنه خطير جدًا.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: