د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

نحن الأردنيين في حرب معلنة

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

منذ كان الأردن وفلسطين مستباحين تحت ما سموه “الانتداب” البريطاني، لم تكن منطقتنا بخير أبدا، وتكرس الشر المبين بإعلان بلفور وزير خارجية بريطانيا منح فلسطين هدية لليهود لإقامة دولتهم الدينية عليها، لتتنفس إحدى رئتي نهر الأردن أكسجينا مسرطنا، والثانية تتأثر بسرطانها بفعل المجاورة تأثرا  يهددها بشر مستطير في كل حين.

أن تعلم أيها الأردني أنك مهدد بنبوءات التوراة والتلمود وأن شهية يهود مفتوحة لابتلاع أرضك في وقتهم المناسب فتلك نصف وصفة استقلالك الحقيقي، ونصفها الآخر أن تعيش المصيبة وتقدرها قدرها وأن تمضي ساعات عمرك متحسبا لبلاء لا ينبغي أن تستسلم له إن كنت عاقلا.

 الأمة التي يعرض عدوها خارطة دولته وهي تضم شرق نهر الأردن وغربه، وكان منذ عقود يصرح وهو متجه لزيارة أرضنا أنه متجه من أرض إسرائيل المحررة إلى أرضها المحتلة، ماذا تحتاج برهانا على الحقيقة الكارثية أكثر من أن تدين عدوها من فمه؟ وهل لمتحذلق أن يرمينا بعد ذلك بأننا عشاق نظرية المؤامرة؟

إن أمة حدودها مهددة، بل وجودها يقع على صفيح ساخن لا ينبغي أن تضيع الوقت، أمس كان مجلس الأمة يبحث في موازنة العام الجديد، فماذا تضمنت سوى عجزنا عن أن نوقف اقتصادنا على قدميه، ونحن لسنا الوحيدين على هذه الأرض الذين عاشوا أزمة كورونا، ولسنا الوحيدين الذين عاشوا الركود العالمي، ولسنا الوحيدين الذين نشتكي من قلة الموارد مع أنها شكوى مفتعلة، فهل لدينا إرادة حقيقية على الأرض نحارب بها الفساد الذي استشرى حتى جعلنا اليوم ننظر في ذيل السمكة بعد أن يئسنا من بقية جسمها؟!

نحن أمة مخدرة، نخلط بين أهدافنا ووسائلنا، فهل من أهدافنا مثلا أن نحقق انتصارات كروية؟ أم أن هذه لا تعدو كونها وسيلة  نمتطيها ليسمع بنا الكون ويزداد احترامه لنا بمثل هذا الإنجاز؟

لعب منتخبنا أمس مع كوريا وانتصر على منتخبها، وهذا حدث مفرح حقا، لكن ردة الفعل عليه من شارعنا مبالغ فيها كثيرا في هذا التوقيت، بل في كل وقتنا منذ وعد بلفور، فالوقود الذي يصرف على جولات سياراتنا في الشوارع يحتاجه المنكوبون للتدفئة في هذا الجو الشديد البرودة، والدموع التي نزلت من عيون شبابنا فرحا أو بفعل كثرة الضحك كان أولى بها أن تذرف على المواليد الجدد الذين ماتوا من البرد في غزة.

سيقول لي قائل الشباب: أنتم هكذا أيها المشايخ، وجه شؤم، تستكثرون علينا أن نفرح بإنجاز، وأنا مضطر هنا لصراحة جارحة في الرد على هذا الاتهام، أرأيت لو كان ابنك أو صديقك الحميم جائعا يشرف على الموت، هل كنت تدفع آخر ما في جيبك للترويح عن نفسك في مقهى أم تدفعه للمشرف على الموت لأن حياته تهمك؟ أرأيت لو كنت عازما على إقامة حفلة فرح فمات عزيز عليك هو جزء من كيانك، أكنت تمضي في فرحك أم تؤجله؟ ذلك هو الجواب الذي أريده من فم كل معترض على مشاعرنا وممتعض من نقدنا لواقع أمة ما تزال تحت تأثير مخدر عمليات أجريت لها بدلت كثيرا من مزاجها ومشاعرها وأولوياتها.

إن مما يستحق منا وقفة تأمل أن ننظر في حال كوريا التي فزنا عليها الليلة الفائتة، فهي تلعب الكرة وتنافس على بطولة آسيا، وهي كذلك صانعة السيارات التي تغرق أسواقنا وصاحبة التكنولوجيا التي تدر عليها دخلا أثمن من الذهب، فأين وصلنا في هذا المجال؟ لا تحدثني عن صغر الدول وكبرها، فسنغافورة ستردّ عليك، حدثني عن الإرادة، حدثني عن التخطيط، حدثني عن كفاءة المسؤول، وعن نزاهته، حدثني عن الإفادة من خبرات الشباب وعدم طمس مواهبهم، وعن فتح المجال لتطلعاتهم وإن كانت ستبين عورات بعض الكهول الذين يحتكرون المناصب والرواتب.

أيها السادة نحن في معركة حقيقية، ليس يهود فيها أول أعدائنا، نحن في معركة مع أنانيتنا، مع شهوات الملأ فينا، مع غياب وعي مثقفينا، نحن في معركة مع الخوف، وهو عدو لئيم، فقد خوفونا على رزقنا، وخوفونا من انتماءاتنا الفكرية على رزق أبنائنا، وخوفونا من عدونا، فشعارهم : كفّ لا يقاتل مخرزا، وما هم بصادقين، فقد قاتل كف المقاومة مخرز الصهاينة وحرقه وفحّم حامله.

إن معركتنا مع يهود لن تظفر حتى ننتصر على وكلائهم الذين يقفون حجر عثرة في طريق تحرر الأمة كلها من العبودية لهم ولأهوائهم، وسيظل الأردن مهددا حتى يعلم العقلاء أن ساحته وساحة فلسطين واحدة، واحدة في الخطر، واحدة في المصير، واحدة في في الظفر، أو الانكسار لا قدر الله.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts