نحن في زمن السرعة، وبالكاد يقرأ أحدنا منشورا مكونا من كلمات، أما أن يتابع مقالات يومية مكونة من صفحة مطبوعة فهذا يتطلب بطولة وطول نفس، ومتابعتي لتجاوب الفئة المستهدفة مما أكتب تهتف بي أن أخفِضَ قائمة المتابعين إلى الثلث، وفي كل مرة يلمس بها (أصبعي) لوحة مفاتيح الهاتف أسأل نفسي : لماذا تصرّ على الكتابة ولا مسوّق؟ فيأتي الجواب: إنه موقعي في المعركة، فهل يليق بي الفرار من الزحف؟ وما عرفت منذ بواكير شبابي إلا مكبر صوت يَبلغ بكلمتي أسماع المصلين، وقَلَماً يسعفني في البوح بما أحسّ، أما مكبر الصوت فلا أملكه إلا بإذن غيري، وأما القلم فقد صار يخضع لمبدأ العرض والطلب وينطبق عليه ما ينطبق على سلَع المستهلكين.
أيها القراء الأعزاء… في اليوم الثالث عشر بعد المئتين لم يملّ المجاهدون من تكرار الضغط على الزناد، ولم يضنّوا على أمتهم بفدائها بأرواحهم ومهجهم، فهل يليق بالكاتب التعب من كتابته، وهل يًحسُن بالقارئ أن يزهد بالقراءة؟! واحسرتاه.
(البوصلة)