نديم لـ “البوصلة”: حلول وزارة التربية للفاقد التعليمي ليست واقعية ولا قابلة للتنفيذ

نديم لـ “البوصلة”: حلول وزارة التربية للفاقد التعليمي ليست واقعية ولا قابلة للتنفيذ

أكد أن وزارة التربية والتعليم في وادٍ والساحة التعليمية في وادٍ آخر

عمّان – رائد صبيح

أكد الناطق السابق باسم نقابة المعلمين الأردنيين نور الدّين نديم في تصريحاته لـ “البوصلة“، أنّ التبريرات التي قدمتها وزارة التربية والتعليم لزيادة عدد أيام الدوام المدرسي للمعلمين في التقويم المدرسي المقر للعام القادم، بذريعة “تقديم برنامج علاجي وحل مشكلة الفاقد التعليمي” ما هي إلا “حلولٌ غير واقعية، وغير قابلة للتنفيذ”.

وقال نديم: “إنّ هناك أسبابًا كثيرة تجعل من حديث وزير التربية والتعليم  وتصريحاته الإعلامية غير منطقية ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، بل أكثر من ذلك تصل إلى حد الكارثة بحق المؤسسة التعليمية برمّتها لا سيما فيما يتعلق بحديثه حول المدارس الخاصة وتمييزها عن المدارس الحكومية التي أكد على تقصيرها ووجود الفاقد التعليمي فيها”.

وأكد نديم في معرض حديثه عن هذه الأسباب: أنّ أبناءنا في المدارس الحكومية لا يلتزمون بالدوام وهذا ثبت خلال السنة الماضية، ولذلك هذا الحل يكون شكليًا وغير ناجح على أرض الواقع.

النفور من الغرفة الصفية وعدم مواكبة تكنولوجيا العصر

ولفت إلى أنّ السبب هو أنّ أبناءنا الطلاب في نفور من الغرفة الصفية في المدارس الحكومية، وذلك لأنّها غير مريحة، والدوام ضبط وربط وثقل وعبء عليهم في الحقيقة المدرسية التي يحملونها، وعبارة عن وزن وأثقال، لمادة دراسية هي عبارة “حشوات” كثيرة الطالب ليس بحاجتها ولا يشعر بفائدة منها في التفاعل مع الحياة.

واستدرك نديم بالقول: لذلك هو يشعر أنّ هذا لا يفيده، فالتعليم بالنسبة له داخل الغرفة الصفية غير ممتع، وتعليم ممل، والطلاب الآن متفوقون علينا ومتقديمن في التكنولوجيا والتطور والحداثة والبرمجيات، ولذلك كل واحد فيهم معاه سمارت فون والآيباد الخاص به، ويعمل على اللابتوب والكمبيوتر الشخصي، وفي النهاية يعود إلى لوح وطبشورة ووايت بورد وخطاط، ويريد أن يقرأ ويكتب ويتعلم بالطريقة التقليدية، ويا ليتنا حتى أبقينا على الطريقة التقليدية.

نور الدين نديم: كيف وصلت الوزارة لنتيجة أنّ الفاقد التعليمي يحتاج لعشر سنوات وما هي الحلول التي تقدمها لذلك؟

وتابع حديثه: بالإضافة إلى أنّ المتأثرين من جائحة كورونا ليسوا كلّ الطلاب ولدينا طلاب المدارس الخاصة الذين استثنتهم وزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة أصبحت غير ملزمة.

وأشار إلى القول: هنا وكأننا نعاقب ابن المدارس الحكومية والمعلم في المدارس الحكومية وتعترف أنه مستوى التعليم وتعترف أنّ مستوى التعليم في المدارس الخاصة هو أفضل من المدارس الحومية والدليل على ذلك أن الفاقد التعليمي موجود في المدارس الحكومية وليس موجودًا في المدارس الخاصة, وهذا اعتراف من وزير التربية بالأمر، وهو اعتراف خطير جدًا، ويشكل عبء على المؤسسة التعليمية ووزارة التربية والتعليم، بأنها هل تقوم بمسؤولياتها.

وقال نديم: إذن، لماذا التعليم في القطاع الخاص أكثر جدوى وأكثر نجاح وأكثر نتائج إيجابية بينما التعليم في القطاع الحكومي متراجع ومتدني والطالب يعاني والغرفة الصفية تعاني من ازدحام الأعداد والمنهاج المدرسي يعاني من صعوبة التعامل وتأهيل المعلمين مشكلة، وكيف نجعلهم يوصلون المعلومة بشكل ممتع وندربهم على ذلك إلى أبنائنا الطلاب.

أمية التعليم مشكلة قديمة وليست جديدة

وشدد على أنّه يوجد مشاكل لدى الطلاب منذ فترة الوزير الذنيبات الذي كشف عن “أمية التعليم”، وقال إنّ هناك عددًا كبيرًا من الطلاب يعانون من هذا الأمر، وهم لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة، وهذه مشكلة موجودة قبل كورونا ولم يوضع لها خطط علاجية ولم يوضع لها أي برامج لإنهائها، وهي مستمرة، وللأسف فنحن نحصد ذلك في نتائج الثانوية العامّة، وعندما نقول إنّ نسبة النجاح 60% فمعنى ذلك أن هناك نسبة رسوب 40%، ومعنى ذلك أنّه بعد 12 سنة إلى 14 سنة من التعليم ما قبل المدرسة وما بعد المدرسة يصل إلى مرحلة يفشل فيها باجتياز اختبار الثانوية العامة.

وقال إنّ “هذا يدل على أن تراكم البناء المعرفي والبناء التعليمي والإنجاز مع ابننا الطالب فيه خلل، فهل وضعنا يدنا على الجرح وكشفنا أين هذا الخلل ولماذا نتعذر بكورونا فقط؟”.

وأضاف نديم: يوجد طلاب تأثروا بجائحة كورونا وكم نسبتهم، وهل حددنا أنهم تضرروا جزئيًا أو كليًا، ونحن عندما نطبق نظام برنامج علاجي على جميع الطلاب بغض النظر عن خصوصية المنطقة وأثر الأهل وتعليمهم وثقافتهم ومتابعتهم ووضعهم المادي، فمعنى ذلك أنّك ظلمت الطلاب الذين درسوا في المدارس الحكومية وليس لديهم أي مشكلة، وظلمت الأهل الذين كانوا يتابعون طيلة فترة كورونا وأصبحت بيوتهم مدارس، وظلمت الطالب الذي تابع أونلاين خلال فترة كورونا والأهل كذلك، وتريد اليوم وضع برنامج غير متخصص وإنمّا برنامج عام وشمولي.

ما هي الحلول؟

وقال نديم في إجابته على سؤال “البوصلة” حول الحلول الممكنة التي يقترحها، فأجاب بالقول:  كل جائحة كورونا ألم تعلمنا أن نرتقي بمستوى التعليم الأونلاين والبرامج الإلكترونية والتعليمية الممتعة والهادفة والألعاب التعليمية لأبنائنا الطلبة والأنشطة المنهجية وزيادة قاعدة النشاطات، واستبدال الكتاب الورقي لتخفيف العبء على أبنائنا الطلاب بآيباد ولوح إلكتروني، وأن يصبح أبناءنا الطلاب عندما يأتون للمدرسة ويعلمون أنّ هناك فعاليات وأنشطة ومساحة للتعلم من خلال اللعب.

وتساءل: هل نحن عاجزون بعد جائحة كورنا بكل الخبرات التي أصبحت لدينا أن ننشئ منصات تعليمية حقيقية، يستطيع الطالب أن يتفاعل ويتواصل ويتعلم من خلالها، ولماذا لا يكون التعليم مدمجًا ما بين التعليم الوجاهي والإلكتروني، هناك التعليم الإلكتروني التفاعلي، لماذا لم نعمل على هذا الأمر.

واستدرك نديم بالقول: أم أنّ الأمر مرتبط بالمنح التي تشترط برامج معينة فنحنن مضرون للحصول على المنح، تطبيق برامج نظرية بأي شكلٍ من الأشكال بطريقة ليست ذات فائدة ولكن الهدف الحقيقي من وراءها ليس إفادة أبنائنا الطلاب ولا تأهيل كادرنا التعليمي ولكن الحصول على هذه المبالغ المالية، والتي بكل أسف لا نرى أثرها عندما تنفق إيجابًا على أبنائنا الطلاب والكادر التعليمي في داخل مدارسنا التعليمية والحكومية.

إغلاق نقابة المعلمين وانعكاساتها السلبية

وفي السياق ذاته، أكّد نديم على أنّه من الملاحظ أنه بعد أحداث نقابة المعلمين وإغلاقها واستخدام القوة المفرطة ضد المعلمين، ازدادت  الأعباء والضغوط وكأنّ المعلم ليس جزءًا من الخطة التعليمية ولا جزءًا من بنائها، فبداية يجب أن يستمزج رأي المعلم في الميدان لأنّه الشخص الممارس داخل الغرفة الصفية وهو من يتلمس العقبات ويعرف طريقة حلها والتعاطي معها، فإن كان المعلم غير مقتنع بهذه الحلول التي تفرض عليه فرضًا بطريقة غير منطقية فلن يستطيع أن يتصل مع أبنائنا الطلاب لتنفيذ هذه البرامج.

وتابع حديثه بالقول: ما المطلوب من المعلم اليوم، أن يبذلوا مزيدًا من الجهد مع أبنائنا الطلاب، ولكن حتى نكون واضحين، كيف سيبذل المعلم هذا الجهد وأنت تزيد الاكتظاظ داخل الغرف الصفية، ونحن نرى الهجرة العكسية من المدارس الخاصة للحكومية بسبب الضائقة الاقتصادية والمادية على الناس، وعندما تزيد أعداد الطلاب في الغرفة الصفية عن 40 طالب وأكثر، وبعض الصفوف تصل لستين طالب، والحصة من 40 دقيقة إلى 45 دقيقة، ولو هذا المعلم عبارة عن آلة وروبوت لا يستطيع أن يوزع وقت الحصة على هؤلاء الطلاب، مع بداية الحصة ونهايتها والكتابة والشرح وتوزيع المجموعات الخ.. فهذا الأمر غير منطقي، وكأنّك تأتي بإنسان دون خبرة وتحبطه وتفشله بأن تمنع عنه الأدوات والبيئة الصفية المناسبة للتعليم، فلا يستطيع أن يمارس الأساليب التعليمية الحديثة مع أبنائنا الطلاب.

ونوه بالقول: لذلك أصبح التعليم في القطاع الحكومي متدنيًا في نتائجه ومتدنيًا في مدخلاته ومخرجاته، وهذا أمر كارثي، فهذا المعلم هل تم توفير أدوات من التقنية الحديثة له، وهل يوجد على سبيل المثال غرفة صعوبات ومصادر تعلم، وهل يوجد وقت، وأنت اليوم تزيد الأنصبة من الحصص على المعلمين، فأصبح نصاب الواحد منهم 27 حصة، ومتى سيجد وقت أصلاً ليضع خطة علاجية للطلاب الذين تحصيلهم العلمي متدني.

وأضاف نديم: متى يستطيع الجلوس معهم واختبار أدائهم ونقاط الضعف والقوة ومتى سيجد هذا الوقت، وأنت أشغلته الإشغال الكامل بالحد الأعلى من الأنصبة، ولديه غير ذلك نظام الإشغال محل المعلم المريض والغائب والملتحق بدورة، ويصبح لديه 30 حصة بالأسبواع، يدخل المدرسة من غرفة صفية إلى أخرى حتى ينتهي الدوام، فمتى سيجد الوقت.

وأوضح بالقول: زدنا الأعباء على المعلمين والأنصبة الإدارية والكتابية وزدنا الاكتظاظ في الصفوف وأضعفنا المعلم بسلطته وقوته وصلاحيته ولم تستيشره ولاتعتبره جزءًا من الخطة التعليمية، وهذه واحدة من المشكلات الحقيقية.

هل المعلم مجرد ماكينة؟

وأضاف نديم في سياق طرحه للقضية أنّ المشكلة الأخرى المهمة جدًا، أننا عندما نتعامل مع هذا المعلم كـ “ماكينة”، ولا نتعامل معه كعنصر بشري، فأنت أيضًا أضعفت الجانب التربوي والجانب المشاعري الوجداني في التعامل ما بين المعلم وابنه الطالب الذي يريد بناءه.

وأضاف، أنّ تمكين وتفويض الإدارات المدرسية التي نسميها القيادات التربوية باتخاذ الصلاحيات والقرارات المناسبة بالتعامل مع أبنائنا الطلبة، هذا أيضًا مع كل أسف غير موجود.

وقال نديم: خلاصته، الوزارة في وادٍ والميدان التعليمي في وادٍ آخر، والرسائل التي نقرأها من تصريحات وزير التربية للإعلام، رسائل خطيرة جدًا تقول أنّ التعليم الخاص أفضل، ونتائجه أفضل، والخبراء يقولون على ذمته بأنّنا نحتاج إلى عشر سنوات حتى نعوض الفاقد التعليمي، من هؤلاء الخبراء، وهل هم من الممارسين في الميدان التعليمي، وعلى أي أساس بنينا هذا الكلام، وما هي خطة الوزارة بتزويد المؤسسة التعليمية بالإمكانيات والتوسع بفرض أنظمة إيجابية.

حرمان من الحقوق وتفريغ الميدان من الكفاءات

وإلى جانب كل ما سبق لفت نديم لمشكلة مهمة وهي الاستمرار بالضغط على المعلمين وممارسة حريتهم بتشكيلاتهم المهنية والحقوقية، هذا أمر ينعكس سلبًا على قناعة المعلم وانتماءه للمؤسة وحتى عطاءه داخل الغرفة الصفية لأنه يشكل حالة من الإحباط وحالة من تحطيم المعنويات والإساءة البالغة.

وختم نديم حديثه لـ “البوصلة” بالتحذير من “تفريغ الميدان من الخبرات والكفاءات” بحملات الإحالة على التقاعد المبكر التعسفي، فأصبح كل المعلمين جدد فأين الخبرات، فحين تكون خبرة المعلم 25 سنة في الميدان سيكون الأقدر على التعامل مع الفاقد التعليمي ووضع خطط علاجية لأبنائنا الطلاب بحكم تراكم الخبرات، كل معلمين تمّ استبعادهم من العملية التعليمية تم وضع معلم واحد مكانهم وهذا المعلم ستحمّل عبء 5 معلمين من أصحاب الخبرات في الوقت الذي لم يملك الخبرة بعد، فكيف سيكون عطاؤه التعليمي والتربوي؟

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: