هل أصبح التقاعد المبكر سيفا مسلطًا على رقاب موظفي الحكومة و”الضمان”؟

هل أصبح التقاعد المبكر سيفا مسلطًا على رقاب موظفي الحكومة و”الضمان”؟

عمّان – رائد صبيح

على الرغم ممّا تتسبب به قرارات مختلف الوزارات وخاصة وزارة التربية والتعليم باحالة موظفيها من كافة الدرجات للتقاعد المبكر من ضرر سواء على الدولة بما فيها صناديق الضمان الاجتماعي، وعلى المحالين للتقاعد أنفسهم الذين ما زالوا في سنّ العطاء والخبرات الطويلة المتراكمة التي تفيد كل قطاعات العمل العام، وعلى رأسها العملية التعليمية بكافة مراحلها؛ إلاّ أنّ هذه القرارات أصبحت سيفا مسلطا على رقاب المتضررين منها، بحسب مراقبين.

وفي الوقت الذي توصف هذه القرارات بانها “غير مبررة وغير مفهومة”، يؤكد مراقبون أنّها قرارات تخضع لـ “المزاجية والعلاقات الشخصية” تارة، فيما يقف خلفها الانتقام من كل صاحب نشاطٍ لا ترضى عنه الدولة كما حصل مع “نقابة المعلمين ومجلسها ونشطائها” تارة أخرى.

وفيما يؤكد خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي أن فرض التقاعد المبكر على موظفي الدولة وخاصة في وزارة التربية والتعليم يضيف أعباءً هائلة وباهظة جدًا على فاتورة الضمان الاجتماعي المثقلة أصلاً، فضلاً عن انعدام أسس واضحة لهذه الإحالات ، يعبّر نائب نقيب المعلمين الأسبق الدكتور ناصر نواصرة في تصريحاته لـ “البوصلة” عن أسفه الشديد من أنّ مثل هذه الإحالات جاءت في سياق “الانتقام من نقابة المعلمين ونشطائها” على حد وصفه.

هل لهذا تفسير يا وزير التربية والتعليم..؟!

بهذا التساؤل توجه خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي لوزير التربية والتعليم حول فرض التقاعد المبكر على موظفي الحكومة، منوهًا إلى أنّه “في لحظة ما يُفاجَأ مدير تربية في إحدى المناطق بإنهاء خدماته وإحالته على التقاعد المبكر وهو لا يزال في مطلع الخمسينات من العمر، وفي أوج الخبرة والقدرة على العطاء ولم يكمل الثلاثين سنة من الخدمة، وتقاريره السنوية ممتازة، فما هي الأسس التي استندت عليها الوزارة في قرارها هذا في الوقت الذي نرى فيه مديراً آخر أو موظفاً في ذات الوزارة يزيد عليه في العمر والخدمة ولم تتم إحالته على التقاعد المبكر..؟!”.

ويضيف: “لو كانت الإحالة بطلب من الموظف لكان الأمر طبيعياً عادياً، لكن أن تكون بشكل إلزامي ومفاجىء وتمييزي فهذا يحتاج إلى تسويغ وتوضيح، ونريد إجابة واضحة من وزارة التربية ممثلة بالوزير والأمينين العامّين للوزارة، وما لم تأتنا إجابة فسنعتبر بعض قرارات الإحالة خاضعة للمزاجية والاجتهاد والعلاقات ليس إلا..!”.

موسى الصبيحي: يجب على وزارة التربية أن تكشف أسس ومعايير الإحالات للتقاعد المبكر

وشدد على أنّ “الضمان الاجتماعي ليس ناقصاً أعباء جديدة تُضاف إلى أعبائه وهو مُثقَل بفاتورة تقاعدية باهظة جداً، كما أن هؤلاء الذين تتم إحالتهم على التقاعد المبكر من موظفي القطاع العام دون طلب منهم  وكأننا نفرض عليهم التقاعد المبكر فرضاً سيتأثرون سلباً، بحصولهم على رواتب تقاعدية مخفّضة إذ يتم الخصم منها بحسب السن عند الإحالة، والكثيرون لا يشعرون بالرضا عن رواتبهم التقاعدية المخفّضة..!”.

وختم الصبيحي بالقول: “بانتظار أن نسمع من الوزير محافظة والأمينين العامّين قبيلات وعجارمة.. فلعل لديهم ما يكشف الغطاء عن أسباب مثل هذه الإحالات وعن الأسس التي استندت إليها الوزارة في قرارات الإحالة..!”.

هكذا بدأت مجزرة الإحالات المبكرة للتقاعد

من جهته أيّد نائب نقيب المعلمين الأسبق الدكتور ناصر نواصرة في تصريحاته لـ “البوصلة” رأي خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي وقال: إنه رجلٌ خبيرٌ في الضمان الاجتماعي ويعلم جيدًا تبعات قرارات الإحالات على التقاعد المبكر سواءً على الموظف أو على المؤسسة ذاتها.

وأشار إلى أنّ “الصبيحي يعيد التساؤل الذي طرحناه في نقابة المعلمين حول مجزرة الإحالات للتقاعد المبكر مع بداية أزمة المعلمين، وكنا تساءلنا وأرسلنا استدعاءات متعددة ومتنوعة من كافة الزملاء، بل رفعنا قضايا في المحكمة الإدارية، وتم توجيه أسئلة من عدد من أصحاب السعادة النواب للحكومة ولوزير التربية والتعليم خاصة، من أجل الإجابة ما هو المعيار في الإحالة للتقاعد المبكر”.

وشدد نواصرة بالقول: “الحقيقة حتى تاريخ هذه اللحظة لم نجد أي إجابة وافية وكاملة شافية لهذا السؤال”.

د. ناصر نواصرة: معيار الإحالة للتقاعد المبكر يخضع للمزاجية وتصفية الحسابات

ولفت إلى أنّه لا يوجد أي مسطرة ولا يوجد أي معيار في الإحالات للتقاعد المبكر، على العكس تمامًا كان واضحًا في هذه المسألة “العداوة” الموجهة ضد نقابة المعلمين ونشطاء النقابة، وكان بالتالي واضحًا إحالة أربعة ممّن تنطبق عليهم شروط التقاعد المبكر من أعضاء مجلس النقابة، بالإضافة لكافة الناشطين.

واستدرك نواصرة بالقول: بل أكثر من ذلك فإنّ المسؤولين فعلوا الأفاعيل وخالفوا الكثير من القوانين بما فيها نظام الخدمة المدنية وحتى قانون الضمان الاجتماعي الذي صدر قبل شهرين، وقرار من محكمة التمييز أنّه لا يجوز إحالة الموظف إلى التقاعد المبكر إلا بطلبٍ منه أو برضاه، وهذا هو مضمون ومنطوق قانون الضمان الاجتماعي.

وقال: لكن، هي فعلاً تخضع لـ “المزاجية وتصفية الحسابات” ومعيارها الوحيد هو القرب والبعد من الولاءات المزيفة داخل وزارة التربية والتعليم.

إقرأ أيضًا: نواصرة يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها القانونية بإجراء انتخابات نقابة المعلمين وفتح مقراتها

وتابع حديثه بالقول: بالتالي إن كان من تعليق على هذا الأمر، فإنّ الوزارة لم تجب عن أسئلة هؤلاء الضحايا المحالين للتقاعد المبكر، حتى هذه اللحظة، ولم تجب ما هو المعيار الذي تمّ بناءً عليه الإحالة للتقاعد المبكر.

وأضاف نواصرة: نحن طلبنا في أسئلة كثيرة عبر مختلف المنابر ومن خلال أصحاب السعادة النواب، وتمّ توجيه الأسئلة للحكومة ولوزارة التربية والتعليم، لماذا تمّت إحالة الكثير من الأسماء البارزة والأكثر قدرة وخبرة وكفاءة، ولا يوجد في سجلهم أي عقوبات، وتقاريرهم السنوية ممتاز، وعلى الرغم من النقص الكبير في كادر وزارة التربية والتعليم ومع ذلك تتم الإحالة للتقاعد.

وختم بالقول: نصل اليوم إلى عدد 14 ألف معلم ومعلمة الموظفون على “نظام الإضافي” وهو موظف غير رسمي، ومع ذلك تستغني الوزارة عن أصحاب الخبرات الطويلة فيها ولا يوجد أي معيار لإحالة هؤلاء للتقاعد المبكر سوى أنهم كانوا أعضاء ناشطين في نقابة المعلمين ومؤازرين لها، وهذا ما أصبح معلومًا لدى كافة الزملاء.

ويبقى التساؤل المطروح على الطاولة من قبل المراقبين والمهتمين بالشأن العام والمظلومين من قرارات التقاعد المكبرة التي تكون جائرة بحقهم بكثيرٍ من الأحيان، لماذا لا تتضمّن مدونات السلوك والأنظمة الحكومية معايير واضحة تضبط هذه المسألة فترتقي الحكومة عن شبهات الانتقام والمزاجية والقرارات الخاطئة، ويحفظ الموظف في القطاع العام حقوقه من الهدر.. سؤال ما يزال برسم الإجابة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: