هل من حلحلة قريبة لمفاوضات وقف العدوان على غزة وتبادل الأسرى؟

هل من حلحلة قريبة لمفاوضات وقف العدوان على غزة وتبادل الأسرى؟

بات التساؤل بشأن فرص التوصل إلى اتفاق ينهي العدوان على غزة أمراً ملحاً، وسط تصاعد وتيرة التصريحات الصادرة عن مسؤولين بارزين في مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر، بشأن صعوبة استرداد الأسرى الموجودين في غزة، من دون اتفاق مع حركة حماس، وضرورة الاستعداد لنهاية الحرب، وكذلك تمسك المقاومة بموقفها الرافض لإبرام أية صفقات من دون اتفاق يقضي بوقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب.

يأتي هذا وسط تحركات حثيثة في أوساط الوسطاء من أجل بلورة وصياغة تصور يقود إلى وقف العدوان على غزة وخفض التوتر بالمنطقة، وسط مؤشرات على اتساع الصراع على نطاق أكبر في ظل محاولات من جانب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإطالة أمد المعركة لأسباب سياسية.

جهود متواصلة لإيجاد تصور يوقف العدوان على غزة

في هذا الإطار، قال مصدر مصري مطلع على جهود القاهرة لوقف العدوان على غزة إن الفترة الراهنة تشهد جهوداً متواصلة من أجل التوصل إلى تصور يساهم في وقف العدوان على غزة.

مصدر مصري: هناك تحول بشأن إمكانية صياغة تصور أو اتفاق مرحلي، يقوم على تعليق إطلاق النار على مراحل

وأشار إلى أنه بعد امتصاص صدمة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري مطلع شهر يناير/كانون الثاني الحالي، بدأ المسؤولون، سواء في مصر أو قطر، مرحلة جديدة لتهيئة الأجواء لاتفاق، على أمل الحصول على إسناد ودعم أميركي لدفع نتنياهو نحو إبرام الاتفاق.

وأشار المصدر المصري، في حديث خاص لـ”العربي الجديد”، إلى أن هناك تحولاً بشأن إمكانية صياغة تصور أو اتفاق مرحلي، يقوم على تعليق إطلاق النار على مراحل، على أن تُنفذذ خلال كل مرحلة منها مجموعة من الإجراءات والالتزامات من الطرفين.

وقال: “هذا كله ينطلق تحت رؤية، منذ اليوم الأول (للحرب) للشروع في الاتفاق، تؤكد وقفاً شاملاً لإطلاق النار في نهاية الاتفاق وعدم العودة لاستئناف العدوان”.

ولفت المصدر إلى أن المشاورات الجارية في الوقت الراهن تعمل على تحديد الإجراءات التي من الممكن أن تتضمنها كل مرحلة من مراحل الاتفاق، بحيث تلقى تلك الإجراءات توافقاً من الطرفين.

استحالة حصر الوساطة بتبادل الأسرى فقط

وأوضح أن مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري أكدوا، خلال مباحثات مع مسؤولين في حكومة الاحتلال، خلال الأيام القليلة الماضية، أنه سيكون من المستحيل حصر الوساطة في التوصل إلى اتفاق يقضي بتبادل الأسرى فقط، من دون وضع رؤية واضحة للحرب، والتعامل مع تداعيات الموقف وفق رؤية كاملة، تتضمن كافة الجوانب، في مقدمتها وضع غزة في اليوم التالي للحرب.

وقال المصدر المصري إنه خلال الأيام الماضية، لمس الفريق المصري المعني بالتفاوض والوساطة مرونة من جانب قيادة “حماس” بشأن التفاصيل والإجراءات، مضيفاً أن “هذه المرونة بشأن التفاصيل جاءت مقرونة بأن التمسك بمبدأ الوقف الشامل لإطلاق النار قاعدة أساسية لا يمكن التراجع عنها”.

في المقابل، قال الوزير الإسرائيلي عضو “كابينت الحرب” جدعون ساعر إن حركة “حماس” وضعت أربعة شروط مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم في قطاع غزة. 

وأوضح، في تصريحات صحافية أخيراً، أن الشروط تتمثل في “الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بأكمله، وضمن ذلك المنطقة الأمنية شرقي وشمالي القطاع، ووقف الحرب، وإعطاء ضمانات دولية بعدم العودة إليها، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من سجوننا، وضمن ذلك أولئك الذين قُبض عليهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي”.

من جانبه، علّق المصدر المصري، الذي تحدث لـ”العربي الجديد” شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، على ما وصفه ساعر بشروط “حماس” قائلاً إن “الجميع يعلم أنه عند بدء أي مفاوضات يرفع أطرافها سقف المطالب، للوصول إلى حلول وسط وعملية يمكن تطبيقها”.

تمسك المقاومة بوقف شامل لإطلاق النار

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنه “سواء اقتربت لحظة خضوع إسرائيل لمطالب المقاومة بوقف العدوان على غزة قبل الحديث عن صفقة أسرى، أو ابتعدت، ففي النهاية لن يكون (هناك) إفراج عن الأسرى إلا بشروط المقاومة، وخصوصاً في ظل الفشل المتعمق على مدار الأيام، سواء بسبب الإخفاقات العسكرية للاحتلال، أو الضغوط الدولية بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة”.

بموازاة ذلك، قال قيادي في “حماس”، لـ”العربي الجديد”، إن الحركة تعمل، عبر اتصالات مع كافة الدول التي تربطها بها علاقات، على التخفيف من معاناة أهالي غزة.

وأشار إلى أن الحركة، ومعها فصائل المقاومة الأخرى، تتمسك بضرورة وقف إطلاق النار الشامل في القطاع حال أرادت حكومة الاحتلال تحرير أسراها، لافتاً إلى أن “جيش الاحتلال وأجهزته لا تزال تظن أن بمقدورها تحرير أسراهم بعملية عسكرية”، مشدداً على أنه “لا يمكن لجيش الاحتلال أن يحصل على أسير واحد في ظل الإجراءات التي اتخذتها حركة حماس “.

وحول طبيعة المباحثات مع الوسطاء وبالتحديد في القاهرة، قال القيادي في الحركة إن دور الأشقاء في مصر مقدر بالنسبة لنا في “حماس”، موضحاً أن “ما يُتباحث بشأنه لا يزال في طور المناقشة وليس تصوراً محدداً، أو يمكن تسميته بأننا لا نزال في مرحل إرساء القواعد العامة”.

وأوضح القيادي في الحركة أنه “حتى الآن، لا يمكن القول إننا قريبون من التوصل إلى اتفاق”، مشيراً إلى أن حكومة الاحتلال لا تزال على نهجها المضلل للشارع الإسرائيلي، في ملف الأسرى تحديداً، عبر بث أخبار ومعلومات مغلوطة بتجاوبهم مع المفاوضات الجارية، وهو ما لا يحدث. وتابع: “الجميع يدرك ويعلم أن نتنياهو يكاد يكون غير معني بإعادة الأسرى أحياء”.

وتقول حكومة الاحتلال إن نحو 137 إسرائيلياً لا يزالون أسرى في قطاع غزة. وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جرى التوصل إلى هدنة استمرت مدة أسبوع، وانتهت في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أسفرت عن إطلاق سراح 105 رهائن، بينهم 81 إسرائيلياً و23 تايلاندياً وفيليبيني واحد، و240 أسيراً فلسطينياً.

وقال غادي أيزنكوت، رئيس أركان جيش الاحتلال السابق وعضو مجلس الحرب الحالي، في مقابلة مع القناة 12 بثت أخيراً: “يجب القول بجرأة إنه من المستحيل إعادة المختطفين أحياء في المستقبل القريب من دون اتفاق مع حماس.”

ورداً على سؤال عما إذا كان من الضروري تجنب إيذاء الأسرى حتى على حساب تفويت فرصة القضاء على قائد حماس في القطاع يحيى السنوار، أجاب أيزنكوت بشكل قاطع: “الجواب هو نعم”، مضيفاً: “ما زلنا نبذل الجهود ونبحث عن كل فرصة، ولكن الاحتمال ضئيل والقول إنها ستأتي من هناك هو توزيع للوهم. أعتقد أنه من الضروري أن نقول بجرأة إنه من المستحيل إعادة المختطفين أحياء في المستقبل القريب من دون اتفاق”. ومن وجهة نظره، فإنه يجب على إسرائيل الآن التركيز على أولوية قصوى واحدة، وهي الاستعداد لنهاية الحرب.

الكرة في ملعب إسرائيل

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الكومي إنه خلال اطلاعنا ومراقبتنا الميدان، واضح أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، نتنياهو على ما يبدو يحاول أن يتجاهل الضغوط عليه للتوصل إلى وقف إطلاق النار، لعدة أسباب، أهمها بحثه عن ممر نجاة سياسي للخروج من المأزق الذي وضعته فيه غزة، لأن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يعني قرار الانتحار السياسي.

وأضاف الكومي، لـ”العربي الجديد”، أن الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار هو نتيجة حتمية لكل التطورات التي تمر بها المنطقة في الفترة الأخيرة، حيث حجم التعقيد في المشهد جعله عبارة عن المسرح المتحرك على غير إرادة كل الأطراف وقد ينزلق إلى مواجهة إقليمية مفتوحة بشكل لا يمكن لأي طرف احتوائها.

وأشار إلى أنه لا توجد مسارات أخرى يمكن للاحتلال المناورة فيها، لكن نتنياهو يحاول المراوغة والهروب من تقديم التنازلات للمقاومة الفلسطينية، وتأخير هذا التنازل قدر المستطاع مع استمرار الضغط في الميدان.

وبين الكومي أن الحراك في الإقليم بات أكثر جدية لوقف إطلاق نار، ليس من أجل غزة فحسب وإنما لأن خطورة المشهد تحتم الاهتمام بالوصول إلى اتفاق يبدأ بوقف إطلاق النار في غزة والجبهات الأخرى، ويمتد حتى الوصول إلى مرحلة التطبيع مع السعودية.

من جهته، قال المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، لـ”العربي الجديد”، إن الحراك ما زال مستمراً من دون توقف، فهو ينشط ويتباطأ ارتباطاً بتعثر الإدارة الأميركية بشأن التأثير على إسرائيل، التي أظهرت عناداً حتى إزاء طلبات ثانوية لم يستجب لها نتنياهو. وأضاف: لأن إدارة بايدن لا تزال تقف بقوة إلى جانب إسرائيل، رغم ما يظهر من خلافات بينهما، فإن التوصل إلى اتفاق ما زال بعيد المنال.

وأيده الكاتب الفلسطيني سعيد الحاج قائلاً، لـ”العربي الجديد”، إن الحراك من هذا النوع لا يتوقف، يزيد وينقص، لكنه مستمر، مضيفاً: “لا أعتقد أن هناك جديداً، حسب متابعتي”.

(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: