هل نفذ السيسي طلبا أمريكيا بتوقيف ملياردير سوداني بحجة دعم المقاومة؟

هل نفذ السيسي طلبا أمريكيا بتوقيف ملياردير سوداني بحجة دعم المقاومة؟

أثار توقيف أجهزة الأمن المصرية الاثنين، لرجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة، والذي تتهمه أمريكا بدعم حركة المقاومة الإسلامية “حماس“، الاتهامات لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بتنفيذ أوامر أمريكية إسرائيلية بالقبض على الملياردير السوداني، ما وصفه نشطاء بـ”الفضيحة”.

وربط مراقبون بين الإجراء الأمني للسلطات المصرية، وبين قرار وزارة الخزانة الأمريكية، الشهر الماضي، بفرض عقوبات ضد حمزة، ضابط الجيش السوداني السابق، ضمن قائمة شملت 10 أعضاء بـ”حماس”، بزعم تقديم التسهيلات المالية لها.

“تحريض أمريكي إسرائيلي”

واشنطن، كانت زعمت أن حمزة القيادي بالحركة الإسلامية وحزب “المؤتمر الوطني” السوداني، قدم التمويل لحماس، عبر شركات له متمركزة بالسودان، مدعية أنه حول نحو 20 مليون دولار إلى الحركة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وفق اتهاماتها.

الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تستخدم سلاح فرض العقوبات والوصم بالإرهاب واتهامات التمويل لجماعات مسلحة وإرهابية إلى جانب الوضع على لائحة الإرهاب للانتقام من جماعات وأشخاص، رصدت وفي 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن 5 من ممولي حماس، بينهم حمزة.

ويأتي التوقيف المصري، لحمزة العسكري السوداني السابق، من قلب القاهرة التي يقطنها منذ الانقلاب على الرئيس السوداني السابق عمر البشير، إثر تحريض من الإعلام الإسرائيلي على وقف أدواره في تمويل ودعم المقاومة، وفق مزاعم إسرائيلية.


وعلى سبيل المثل، وفي 20 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كتب موقع i24news”” العبري، تحقيقا عن حمزة، زاعما أنه “مموّل” حماس، ومحرضا عليه بالقول إن “تركه يعمل بحرية حتى 7 أكتوبر الماضي؛ هو فشل للموساد”.

وبرغم أن السلطات المصرية لم تعلن رسميا عن توقيف حمزة، إلا مواقع مقربة من جهات أمنية اعترفت بصحة الخبر الذي نشرته مواقع صحفية سودانية.

لكن المثير، أن موقع “القاهرة24″، المحلي المصري، ربط بين توقيف عبدالباسط حمزة، وقبض السلطات المصرية على رجل الأعمال المصري روماني عيسى، الملقب بـ”إمبراطور الذهب”، مشيرا إلى “تساؤلات كبيرة حول علاقته بعمليات مشبوهة، وتجارة غير مشروعة في مجال الذهب”.

“الفضيحة الثانية في أسبوع”

لكن في المقابل رأى نشطاء في توقيف نظام القاهرة لحمزة، تنفيذا لطلب أمريكي إسرائيلي واصفين الأمر بـ”الفضيحة”، فيما أشار بعضهم إلى أن اعتقال الملياردير السوداني، يأتي بعد 5 أيام من اتهامات إسرائيلية لمصر في محكمة العدل الدولية بأنها المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، من عبر معبر رفح البري.

من جانبه، قال الأكاديمي العماني الدكتور حمود النوفلي، أن اعتقال حمزة، في القاهرة، “بناء على طلب أمريكا التي وضعته في قائمة المطلوبين لدعمه حركة حماس”، فيما أطلق هاشتاغ بعنوان “#اطلقوا_سراح_عبدالباسط”.

وفي تقديره للموقف، أكد الصحفي والإعلامي المصري قطب العربي، إن اعتقال حمزة المتهم من وزارة المالية الأمريكية بدعم حماس، “هو دليل جديد على المشاركة في حصار غزة الذي تنفيه أبواق السيسي باستمرار”.

وأضاف: “كان بإمكان السلطات المصرية أن تطلب منه مغادرة مصر، إن لم تكن قادرة على حمايته؛ لكنها ربما لم تنتظر طلبا من واشنطن، بل سارعت إلى ذلك كجزء من موقفها”، الذي وصفه بـ”الفضيحة”.

ومنذ عملية “طوفان الأقصى التي خاضتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، وبدا الموقف المصري والعربي والإسلامي في أشد حالات الضعف إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها الآلة العسكرية للاحتلال التي قتلت أكثر من 24 ألف فلسطيني حتى 18 كانون الثاني/ يناير الجاري.

وهو ما دفع الكاتب عبدالله العمادي، للقول في مقال له بموقع “الشرق” القطرية: “إن مسلسل الإحراجات لهذه الأمة، بعربها وعجمها، مستمر منذ أحداث غزة التي بدأت بطوفان الأقصى المبارك، فمنذ ذلك التاريخ والأمة المسلمة تواجه مشاهد من الإحراج كثيرة، بل لا أظن أن هذا المسلسل له نهاية قريبة”.

ولهذا يجدر التساؤل، حول ما يكشفه قرار اعتقال نظام السيسي لرجل الأعمال السوداني الداعم للمقاومة الفلسطينية –بحسب الادعاءات الأمريكية الإسرائيلية- عن تنفيذ القاهرة لتعليمات واشنطن وتل أبيب، في فرض الحصار الاقتصادي والمالي على غزة، وتجفيف منابع الدعم للمقاومة الفلسطينية.

وهو الأمر الذي أجاب عنه سياسيون في حديثهم لـ”عربي21″، متطرقين لأسباب تنفيذ نظام السيسي الأوامر برغم ما يسببه ذلك له ولنظامه من حرج دولي وعربي ومحلي، ومشيرين إلى الثمن الذي قد يحصل عليه نظام السيسي مقابل تنفيذ تلك التعليمات.

وفي تقديره، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير الدكتور عبدالله الأشعل: “الآن حدث انفصال بين كرسي الحكم في كل الدول العربية وبين الأوطان، حتى أصبحت مصالح الأوطان بلا قيمة مقابل مصالح الأنظمة فهي الأساس لدى الحاكم”.

وفي حديثه لـ”عربي21″، أوضح “أن المسافة الفاصلة بين كرسي الحكم ومصالح الوطن كبيرة جدا، لهذا كل نظم الحكم العربية بلا استثناء ضد المقاومة، لأنها تهدد إسرائيل ونظم الحكم العميلة التي اختارت الكرسي المسنود من أمريكا وإسرائيل على مصالح الوطن”.

وأضاف: “وعلى سبيل المثال، فإن مصلحة الوطن المصري في دعم المقاومة ضد إسرائيل، لكن مصلحة النظام هي ضرب المقاومة لأجل خاطر تل أبيب، التي أصبحت الوكيل الحصري لواشنطن بالمنطقة، والتي قال رئيسها جو بايدن، عندما جاء للبيت الأبيض: لو لم توجد إسرائيل لاخترعناها”.

وخلص السياسي المصري، للقول: “إذا ملحمة غزة كانت كاشفة جدا، بأن كل النظم العربية تبين أنها عميلة لأمريكا، وأن معيار خدمتها لإسرائيل هو الذي يقرب أو يبعد عن واشنطن، ولا أستثني نظاما عربيا من هذا”.

وأكد أن “مصر في هذا الخط منذ عام 1979، خلال عهد الرئيس أنور السادات، حيث أصبحت المسافة الفاصلة كبيرة جدا بين مصلحة الوطن ومصلحة النظام، الذي يستمد شرعيته من إسرائيل وأمريكا، وهي معادلة للحكم على جميع النظم العربية”.

ويرى أنه “ولهذا فإن دعم المقاومة يعد ضد النظم العربية، بل إن المقاومة ذاتها عدو لهم”، مذكرا بوصم محكمة القضاء المستعجل المصرية حركة حماس بأنها حركة إرهابية عام 2015، ووصم الجامعة العربية المقاومة اللبنانية (حزب الله اللبناني) بالإرهاب عام 2016، وهذا بناء على طلب إسرائيل وأمريكا”.

وقال الأشعل، “لهذا ليس مستغربا توقيف السلطات المصرية لأي مؤيد للمقاومة سواء كان مليارديرا أو حتى من أفقر عناصر الأمة، لهذا فالمعادلة تقول إن المسافة الفاصلة في أي دولة عربية بين مصلحة النظام وبين مصالح الوطن كبيرة جدا وخصوصا في هذه الأيام”.

ويرى أنه “كلما تأسدت إسرائيل كلما بعدت هذه المسافة بين مصالح الوطن ومصالح النظام، الذي هو قولا واحدا موال لإسرائيل وأمريكا أما الوطن فهو معادي لإسرائيل وأمريكا اللتين تتمنيان حرق مصر”.

وأوضح أنه “لو النظام وطني ويفكر جيدا ولا يستمد شرعيته من رضاهما لكان عرف أن دعم المقاومة لصالح الوطن، وأن تأسد إسرائيل ضد المقاومة يؤدي إلى أن مصر ستكون اللقمة الثانية لإسرائيل بعد المقاومة”.

وختم الأشعل، بالقول: “انتصار المقاومة على إسرائيل يعني زوال كل العملاء في المنطقة، ولا أبرئ أحدا من الحكام العرب، طالما أنه بقى عميلا لأمريكا وفي خدمة إسرائيل”.

“تنسيق أمريكي مصري”

وفي تعليقه قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، وائل نصر الدين، إن “اعتقال حمزة، كان مسألة وقت منذ خروج المذكرة الأمريكية باعتقاله، وبعد إعلان وزارة الخزانة الأمريكية بأنه يمول حماس”.

وفي حديثه لـ”عربي21″، لفت الخبير السوداني في شؤون الجماعات الإسلامية “إلى أنه منذ أن بدأت القنوات الإسرائيلية الناطقة بالعربية والإنجليزية أيضا في شيطنة حمزة، كان واضحا أنه تم اتخاذ قرار باعتقاله”.

وأكد أنه “وحتى قبل أن تتوجه الاتهامات الأمريكية لحمزة، بشكل رسمي، كانت وبشكل غير رسمي جهات أمريكية تحرض من كانوا يديرون المرحلة الانتقالية في السودان على اعتقاله والسيطرة على أمواله”.

وختم بالقول إن “الأمريكيين ليسوا غافلين عن هذه الشخصية، وأعتقد أن الاعتقال تم بالتنسيق مع السلطات المصرية لتسليمه إلى واشنطن”.

“غضب وانتقادات”

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبارى نشطاء مصريون وعرب في توجيه اللوم والاتهامات للنظام المصري.

واعتبر الأكاديمي السعودي أحمد بن راشد بن سعيّد، اعتقال نظام السيسي، لحمزة، الذي اتهمه الموساد الإسرائيلي ووزارة الخزانة الأمريكية بتقديم دعم مالي لحركة حماس، كاشفا عن أدوار نظام القاهرة بمنع الدعم للمقاومة الفلسطينية.

وقال إن “الخبر يشير إلى أن دعم النظام للعدوان على الشعب الفلسطيني يتجاوز حماية حدود مصر مع غزة إلى قمع أي دعم للصمود الفلسطيني في مواجهة آلة القتل الجماعي الصهيونية”.

عربي 21


Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: