هل يقطف الأردن ثمرة صبره الإستراتيجي في العراق؟.. خبير يجيب

هل يقطف الأردن ثمرة صبره الإستراتيجي في العراق؟.. خبير يجيب

عمّان – رائد صبيح

يواصل الأردن تمتين علاقاته السياسية والاقتصادية مع العراق وبأعلى المستويات، بما يحقق المصالح الإستراتيجية العليا لكلا البلدين وبما يسهم بالتخفيف من حدة الظروف الاقتصادية الضاغطة في الأردن على أكثر من صعيدٍ وخاصة فيما يتعلق بمجالات الطاقة، فهل يقطف الأردن ثمرة “صبره الإستراتيجي” في علاقاته العميقة والمستمرة مع العراق.

ويرى المحلل الإستراتيجي الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” بالفعل أنّ الأردن ما زال يراهن على العلاقات التكاملية السياسية والاقتصادية مع الجانب العراقي، بل أكثر من ذلك يؤكد أنّ ما نشهده اليوم من تطورٍ في العلاقات والزيارات والاتفاقيات ما هو إلا ثمرة من ثمار “الصبر الإستراتيجي” الذي انتهجه الأردن في سياسته تجاه العراق في أعقد الظروف وأصعبها.

وقال المومني: بالحديث عن العلاقة الأردنية العراقية ونظرتنا للعمق العراقي، ففي السياق التاريخي لطالما كان هناك “مركزية” للعراق بالنسبة للأردن وصانع القرار الأردني، ومن الطبيعي لطبيعة ظروف كلا البلدين تتعلق في المصالح المشتركة التي فرضها واقع جيوسياسي مشترك، وفرضتها عوامل كثيرة فرضتها عوامل تاريخية اجتماعية ومصالح وطنية مشتركة في سياقها الأمني والاقتصادي.

وأضاف، بتقديري الشخصي، العلاقة مرت بمراحل مختلفة لكنّها إن تحدثنا منذ عام 2003 والتغيير الحاصل في العراق، يمكن الأردن استمر في مراهنته الإستراتيجية على استمرارية وتعزيز العلاقة مع العراق بغض النظر عن الظروف التي حصلت.

د. حسن المومني: الاشتباك الأردني العراقي على كافة المستويات حتى تحقيق المصالح الإستراتيجية لكلا البلدين

واستدرك المومني بالقول: تكاد الأردن تكاد تكون الدولة الوحيدة التي استمرت في الانفتاح على العراق والوقوف مع العراق، وأنا اعتبره رهانًا إستراتيجيًا في سياق “صبر إستراتيجي” من أجل تعزيز وتمتين العلاقة مع العراق، وفي الوقت نفسه ضمن ما تحكمه المصالح الإستراتيجية الوطنية الأردنية، وأيضا المصالح العراقية، وكان الأردن منفتح على ذلك منذ البداية.

ولفت إلى أنّه في السنوات الأخيرة شهدنا منهجية أردنية عراقية ساهمت وعززت تعميق العلاقة في سياقها الثنائي وانتقلت لسياق علاقات عربية متعددة، ولذلك بدأنا نرى الأردن والعراق يدخلون في شراكات متعددة مثل مصر والخليج.

وتابع، لذلك بدأنا نتحدث عن السياق الإستراتيجي في التعامل متعدد الأطراف ضمن هذا الأمر.

وقال المومني: في السياق الثنائي، تمّ خلق آليات واتخاذ خطوات بهذا الجانب, والدبلوماسية الأردنية كانت فعالة ونشطة تجاه العراق، وبدأ العراق يستعيد عافيته مؤخرًا وهذه واحدة من ثمرات الاشتباك الأردني الفعال في السياق العراقي أمنياً وسياسيًا وإعادة دوره في هذا الجانب.

وشدد على أنّه في السياق الاقتصادي فإنّ الكلّ يعلم بأنّ كلا البلدين لهما ميزات، فالعراق لديه إمكانيات اقتصادية سواءً كان في مجال الطاقة أو الزراعة، والأردن أيضًا دولة ذات إمكانات في سياقاتٍ كثيرة سواءً في العامل البشري أو موقعه، ودوره الإقليمي والدولي، الذي لعب دورًا كبيرًا في مساعدة الاقتصاد في الجانب الاقتصادي.

الأردن متنفس للعراق

ولفت المومني إلى أنّ الأردن يمثل في السياق الإستراتيجي متنفسًا للعراق سواء كان اقتصاديًا أو غيره، وتمّ طرح الكثير من الموضوعات والمشاريع بين البلدين في اللقاءات الأخيرة وتم التوافق على الكثير من المشاريع سواءً المنطقة الصناعية المشتركة أو مد أنبوب نفطي وأخيرًا غرفة صناعة مشتركة.

وأكد أنه في خلال السنوات الماضية كان وما زال هناك دبلوماسية أردنية نشطة وفعالة على مستوى القمم، ورأينا الملك عبدالله الثاني قاد هذه الدبلوماسية، من خلال خطاب إستراتيجي ركز على مركزية العراق بالنسبة للأردن، وأنّ استقرار العراق وتطوره هو مصلحة أردنية، وفي الوقت نفسه مختلف القوى العراقية والحكومات العراقية بسياق أو بآخر كان لديها قناعة بأهمية ومركزية الأردن في المنطقة، وأهمية الأردن للخروج من بعض مشاكله المستفحلة.

تعثر العلاقات في بعض المراحل؟

وعن سبب تعطل العمل بالاتفاقيات والعلاقات بين البلدين، قال المومني: ما يحدث أحيانًا من تعطل بعض الاتفاقيات والمشاريع الأردنية يكون سببه “تضارب المصالح”، في نهاية المطاق نحن نعلم أنّ العراق دولة مهمّة وكذلك الأمر الأردن دولة وازنة ولها أدوار، وبتقديري الشخصي الأردن يستخدم ميزاته النسبية في العراق.

ولفت المومني بالقول: الآن الظروف قد تعرقل بعض المشاريع، وفي السياق العام يوجد نجاحات، ولكن قد تكون أقل ممّا نرغب به أردنيا في سياق التكامل الأردني العراقي، ولكن في الوقت نفسه هناك أطراف أخرى تدخل على الخط بسبب تضارب المصالح.

واستدرك بالقول: لذلك الأردن كان يقترح منهجية التعاون متعددة الأطراف، وتحدثنا عن سياق مصري وإماراتي وغيرها من الدول العربية.

وشدد المومني على أنّ من يصنع السياسات في العراق على مستوى محلي أحزاب وقوى مختلفة وكلنا نعلم أنّ العراق بعد عام 2003 مختلف كليا عمّا قبله، فهناك قوى سياسية واجتماعية وأحزاب وغيره، وفي نهاية المطاف تؤثر في عملية صنع القرار.

وأشار إلى أنّ جانبًا كبيرًا من مختلف أطيالف اللون السياسي العراقي مؤيد لعملية التعاون مع الأردن، ولكن أضف إلى ذلك الجانب الإقليمي فلا نستطيع أن ننفي تأثير الجيوبولتيكس وتأثير التنافس في المنطقة على مسألة التعاون مع الأردن.

في سياق معين كان “موضوع الإرهاب” والذي أثر كثيرًا على مسألة التعاون بين البلدين، وأثر على العراق اقتصاديًا بشكلٍ سلبيٍ.

وأضاف المومني: هناك تنافس إقليمي على العراق والدول التي تتنافس فيما بينها على الاقتصاد العراقي لأنه جاذب اقتصاديًا بما لديه من مقومات كبيرة، ولذلك نرى الدبلوماسية الأردنية وبعدها الإستراتيجي بنسق متصل بشكل ثابت لتعزيز العلاقة مع العراق والاستمرار حتى نصل إلى أهدافنا بهذا الجانب.

لو جئنا وقيمنا ما هو منجز وبين ما هو مؤمّل إنجازه، فإنّنا لا نتحدث عن “عملية مثالية” وقطعًا لا بد أن يكون هناك دبلوماسية ومتابعة كل ما يجري في هذا الجانب من أعلى المستويات السياسية في كلا البلدين.

اشتباك على كافة المستويات

وتابع المومني حديثه بالقول: إنّ الأردن نجده مشتبكًا مع العراق في كافة المستويات، حتى الدبلوماسية البرلمانية مع كافة الكتل والجماعات السياسية العراقية، وعلى صعيد القطاع الخاص والاشتباك الاقتصادي.

وأضاف، بتقديري هذا جزء من الرهان على مركزية العراق في السياسة الخارجية الأردنية، والعراق بالمناسبة لم يعد فقط مجرد سياسة خارجية بل أصبح موضوعًا داخليًا في سياق الاقتصاد والقرب الاجتماعي والعلاقات نجد هذا الرهان أيضًا.

ولفت المومني إلى أنّ زيارة رئيس الوزراء إلى العراق والاجتماعات المكثفة تعبر عن حرص البلدين على إدامة العلاقات والتعاون، ورأينا في الآونة الأخيرة الانفراج في العلاقات العربية العربية، ورأينا تنامي الدور العراقي.

وأوضح أنّ الأردن بالنسبة للعراق شريك أمني مهم جدًا، ولا ننسى في السياق الاقتصادي الدور الأردني الكبير بتعزيز القدرات العراقية الأمنية، وبالتالي خلق عملية اقتصادية آمنة، وفي السياق السياسي كذلك الأردن لعب دورًا في إعادة تأهيل العراق سياسيًا وإقليميًا.

واستذكر المومني أنّ واحدة من أشهر القمم المتعلقة بالعراق “قمّة بغداد2″، تم عقدها في عمّان، وبتقديري الشخصي هذا الرهان الإستراتيجي المستمر بين البلدين، ولنتذكر كيف أنّ رئيس الحكومة العراقية الحالية في أول زيارة خارجية له كانت له إلى الأردن ليرسل رسالة واضحة بأنّ هناك مركزية للأردن في الموضوع العراقي.

غرفة صناعية أردنية عراقية موحدة

من جانبه أكد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير على أهمية زيارة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، للعاصمة بغداد، على رأس وفد وزاري وممثلين عن القطاع الخاص، معربا عن امله ان تسهم في زيادة حجم التبادل التجاري، وتعزيز دور القطاع الخاص في هذا المجال.

واوضح الجغبير انه تم خلال المباحثات التي شهدتها هذه الزيارة، بحث اعتماد شهادات المطابقة بين البلدين، حيث كانت الجهات الرسمية العراقية تشترط موافقة شركات دولية معنية بالكشف على المصانع الأردنية لاصدار شهادات مطابقة تسمح بتصدير المنتجات الصناعية الاردنية الى العراق، وتتقاضى هذه الشركات مبالغ مالية كبيرة نظير اصدار هذه الشهادات، حيث اوعز رئيس الوزراء العراقي الى المسؤولين العراقيين باعتماد شهادات المطابقة الصادرة عن الجهات الرسمية في البلدين، وهذا كان مطلبا دائما للشركات الصناعية، حيث كان الطرف الثالث يتقاضى رسوما مالية عالية، اضافة الى التأخير في عملية الشحن.

واضاف الجغبير انه تم خلال هذه الزيارة الاتفاق على انشاء غرفة صناعية موحدة بين اتحاد الصناعات العراقي وغرفة صناعة الأردن، لغايات تعزيز التعاون المشترك والعمل على حل اي اشكالية تواجه المصنعين الأردنيين والعراقيين، وكذلك تبادل زيارات الوفود الاقتصادية واقامة المعارض المشتركة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: