مساعٍ لجلب “الوطني لحقوق الإنسان” لبيت الطاعة الحكومي وتحذيرات من المساس باستقلاليته

مساعٍ لجلب “الوطني لحقوق الإنسان” لبيت الطاعة الحكومي وتحذيرات من المساس باستقلاليته

عمّان – رائد صبيح

عبّر مراقبون عن مخاوفهم من استمرار تدخل الحكومة في أعمال واستقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان وممارسة مختلف الضغوط عليه بسبب مواقفه والتقارير الصادرة  عنه، مؤكدين على أنّ كل ما يُثار حول عمل المركز اليوم وسعي الحكومة لتمرير قانونٍ معدل لقانون المركز ما هو إلا “سعيٌ مكشوفٌ لجلب المركز الوطني لحقوق الإنسان لبيت الطاعة الحكومي”.

كما حذروا من أنّ أيّ مساسٍ باستقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان من شأنها أن تمس بشكلٍ بالغٍ بسمعة المركز وبالتالي سمعة الأردن على صعيد حقوق الإنسان بما يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقع عليها الأردن في هذا السياق.

وكان الادعاء العام وافق مساء الأثنين على الافراج بكفالة عن المحامية والناشطة في حقوق الانسان نسرين زريقات، وهي تشغل منصب مفوض التعزيز في المركز الوطني لحقوق الإنسان، بعد قرار يقضي بتوقيفها 15 يوما على ذمة التحقيق في مخالفات مالية وإدارية سبق وجرى تحويلها من المركز الوطني لحقوق الإنسان.

وكان مجلس أمناء المركز قرر كف يد المفوض العام علاء الدين العرموطي عن العمل إلى حين انتهاء الإجراءات القضائية بحقه على خلفية “تشكيل لجنة تحقيق خاصة شكلها المركز حول مشروع له علاقة بالمساعدة القانونية ممول من الوكالة الإسبانية للتنمية والاتحاد الأوروبي”.

منصور: الحكومة تسعى لتحجيم دور المركز والمساس باستقلاليته

بدوره قال العضو المؤسس في مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن نضال منصور في تصريحاته لـ “البوصلة“: “لن أعلق على الموضوع القضائي فهو مسارٌ آخر، لكن أريد القول إنّ أي محاولة للمساس باستقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان تؤثر بشكلٍ كبير جدًا على سمعة هذا المركز، وعلى دوره في الدفاع عن حقوق الإنسان”.

وتابع منصور حديثه: “أعتقد أنّ المبدأ الأساسي، والقضية التي أثيرت حول كف يد المفوض العام، والإجراءات التي استتبعت بالإحالة لموظفتين أحدهما تلعب دورًا أساسيًا منذ تأسيس المركز نسرين زريقات، هذا الموضوع فيه محاولة لتحجيم دور المركز واستقلاليته بسبب مواقفه والتقارير التي يصدرها”.

نضال منصور: الزوبعة التي تثار ضد المركز مبيتة ومقصودة وتهدف إلى جلبه لبيت الطاعة

ولفت إلى أنّ “المراقبين عن كثب لتفاصيل القضية يعتقدون بأنّ هناك توجهًا فيه رسائل مبطنة لتحقيق هذه الغاية”.

وأشار إلى أنّ “همم” ومركز حماية الصحفيين أحد أعضائها، أصدرتا مبكرًا بيانًا حول القضية، مؤكدًا بالقول: “نعتقد أنه ليس من صلاحية مجلس الأمناء في المركز الوطني لحقوق الإنسان كف يد المفوض العام وهو أمرٌ خارج اختصاصه”.

وأوضح منصور: إن التعليمات المنشورة للمركز الوطني لحقوق الإنسان بخصوص المخالفات واضحة، معبرًا عن اعتقاده بأنّ هذه الزوبعة التي أثيرت مبيتة ومقصودة، وأستطيع القول إن علاء العرموطي ونسرين زريقات من أكثر الناس كفاءة ومن أكثر الناس نزاهة، وبالتالي فإن التشكيك في هذا الموضوع مسيء.

وحول المزاعم التي تتحدث عنها الحكومة لتبرير وضع قانون معدل لقانون المركز الوطني لحقوق الإنسان، يقول منصور لـ “البوصلة“: هل تذكرت الحكومة الآن فقط موضوع الخلفية الحزبية فيما يتعلق بالمناصب القيادية للمركز الوطني، وهل كانت غافلة عن ذلك؟

واستدرك بالقول: “للاسف، هناك قضايا إيجابية تستخدم لغايات التوظيف”، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ من يعمل في المركز الوطني لحقوق الإنسان، فإنّ المسطرة الناظمة لمواقفه هي مسطرة حقوقية وليست مسطرة سياسية، ولكن هذا لا يعني أنّ ليس لديك رأيًا سياسيًا ولا موقفًا سياسيًا، فهنا فرقٌ كبير.

وتابع منصور حديثه: قد يكون لديّ رأي وموقف سياسي ولكن حين أبدأ بممارسة عملي كعضو أو موظف في المركز الوطني لحقوق الإنسان أو مفوض أو رئيس مجلس أمناء، فإنّ المسطرة التي تقود عملي والبوصلة التي يحتكم إليها هي “المعايير الحقوقية والاتفاقيات والمعاهدات التي صادقت عليها الدولة الأردنية، والتي لم تصادق عليها الدولة الأردنية”، وهي ممارسة فضلى، وهذا ما يحكم ممارستي.

وشدد على أنّ “من يخرج عن ذلك لا مكان له في مؤسسة حقوقية، لكن هذا لا يعني عدم وجود موقف سياسي لي”.

وختم منصور حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “المركز يفترض أن يكون مستقلاً عن ولاية الحكومة، ولكن بهذه الإجراءات فأعتقد أنّ هناك محاولات لجلب المركز الوطني لحقوق الإنسان لبيت الطاعة”.

تمييز ضد المنتسبين للأحزاب ومساس باستقلالية المركز

بدورها قالت الناشطة الحقوقية والمحامية هالة عاهد في معرض تعليقها على مشروع القانون المعدل لقانون المركز الوطني لحقوق الإنسان: ان كان الانتماء للأحزاب يخل بمبدأ الحياد؛ فكيف سنسلم الحكومة لرئيس واعضاء حزبيين حسب زعم تشكيل حكومات برلمانية منتخبة؟!

وحذرت عاهد من أنّ هذا القرار ليس إلا اثباتًا آخر على موقف الدولة من الاحزاب وتمييز ضد المنتسبين اليها؛ فالمطلوب مركز وطني لحقوق الانسان منحاز (للدولة) وعلى مسافة قريبة معها!

وكانت هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم” عبرت عن قلقها البالغ من المس باستقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان، بعد قرار كف يد العرموطي.

وعبّرت “همم” عن مخاوفها من أن يكون قرار كف يد المفوض العام للمركز الوطنى لحقوق الإنسان بداية لحملة استهداف ممنهجة لتقويض، والحد من موقفه الثابت في رفض التجاوزات على قضايا حقوق الإنسان، محذرة في الوقت ذاته من أنّ قرار مجلس الأمناء فيه خروج عن اختصاصه ودوره.

وأكدت على ضرورة الوقوف مع مبدأ الشرعية، وسيادة القانون، وضرورة الرجوع عن القرار المتخذ من قبل مجلس الأمناء، حتى لا يصار إلى مخالفة قواعد حكم القانون، بأي شكل من الأشكال.

وجاء في البيان الصادر عنها: “نرى أن مثل هذه الممارسات تشكل عائقا أمام استقلالية عمل المركز، وعمل المفوض العام لحقوق الإنسان، وأن من شأن هذه الممارسات أن تؤثر سلباً على تصنيف المركز الوطني لحقوق الإنسان دولياً، وتخدش استقلاليته، واستقلال القائمين على إدارته.

 وقالت “همم”: إن المركز الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية مستقله، تقوم بأدوار محورية في القضايا الحقوقية، ويعد تقريره السنوي الذي يعتبر مرجعاً حقوقياً متقدماً لدى جميع السلطات في الدولة الأردنية، بكل ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية، بالإضافة إلى مرجعيته كتقرير مستقل أمام المجتمع الدولي.

كف يد الفوض العام

وكان مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان في وقت سابق، قرر كفّ يد مفوض حقوق الانسان علاء الدين العرموطي عن العمل.

وقال مجلس الأمناء في كتاب اطلعت عليه “البوصلة” إن قراره يستند إلى توصية لجنة التحقيق بمشروع “المساعدة القانونية الممول من الوكالة الإسبانية للتنمية وبعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة”.

وبحسب القرار فإن التوصية طلبت كف يد العرموطي عن العمل إلى حين صدور قرار قضائي من الجهات القضائية المختصة.

العرموطي: كلي ثقة بنزاهة القضاء

بدوره قال العرموطي في بيان صحفي سابق  ردا على كف يده عن العمل: “الموضوع لا يستحق هذا الحجم من التهويل والتضخيم، فلا يوجد أي إثبات على أية تهمة حتى الآن، لكن لغايات معينة تم تضخيم المسألة”.

وقال العرموطي: “كلي ثقة بنزاهة القضاء، وكلي ثقة بنتائج الملف الذي أحيل إلى الجهات القضائية”، مشدداً في الوقت ذاته أنه “قطعاً قرار كف يدي عن العمل ليس من اختصاص مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان بل من اختصاص الجهات التي تعين المفوض العام للمركز وهي رئاسة الوزراء”.

انتقادات للتعديلات الدستورية

يذكر أنّ المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي عبّر عن انتقاده لأيّ تعديلات دستورية من شأنها أن توجد جهات غير “تمثيلية” للشعب الأردني.

وأكد في الوقت ذاته أن بعض التعديلات الدستورية المطروحة غير مقبولة لأنها تفصل من ناحية قانونية بين “السلطة والمساءلة” وهذا أمرٌ لا يجوز، الأمر الذي يستلزم اليوم فتح حوارٍ وطنيٍ مسؤول مع كافة الفئات لتقريب وجهات النظر بين المواطن والمسؤولين.

وقال العرموطي في ندوة استضافها مركز حماية وحرية الصحفيين ديسمبر العام الماضي حول حقوق الإنسان في الأردن إن “السلطة صنو المسؤولية ومتلازمة معها”، محذرًا في الوقت ذاته من أن “منح أيّ صلاحيات عليا مباشرة بدون توقيع الوزراء والحكومة عليها سيفتح بابا لن يسد وستكون سابقة”.

يذكر أنّ المركز الوطني لحقوق الإنسان أصدر تقاريره ومواقفه بشكلٍ واضح من كافة الانتهاكات التي مارستها الحكومة ضد النشطاء السياسيين والتوقيف بسبب الرأي، وتضامن مع نقابة المعلمين وحق المعلمين في التعبير عن آرائهم، وضرورة التزام الحكومة بمعايير حقوق الإنسان خلال تطبيقها لقوانين الدفاع بسبب الجائحة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: