الادارة الاميركية الحالية تنظر للاردن في موضوع القضية الفلسطينية على انها “أضرار جانبية”، ومع ذلك لا زالت واشنطن تشكل لنا الداعم المالي الاول، والضامن الاكبر لقروض الحكومة.
معادلة الحليف الإستراتيجي الذي يساعدنا بيده اليمنى، وتربطنا به مصالح، لكنه في ذات الوقت يعمل على المساس بأمننا واستقرارنا، ويخطط للتلاعب بهويتنا، تلك المعادلة تحتاج الى قراءة اردنية معمقة.
حتى الآن لم نفهم كيفية الرد الذي يخطط له مطبخ القرار الاردني على ذلك التوحش القادم من الحليف الإستراتيجي، فهذا الهدوء والكمون الرسمي يثير الريبة والشكوك.
الادارة الاميركية الحالية تنحاز بشكل سافر ومخلص وعملي لليمين الاسرائيلي المؤمن “بأن الاردن هو فلسطين”، وما صفقة القرن التي اعلن عنها مؤخرا إلا دليل على ذلك الانحياز، وعلى التجاوز السافر للاردن ومصالحه.
نحن بين نارين؛ نارالمساعدات الاميركية وشرورها وعقوباتها، ونار القبول بصفقة القرن التي تساوي “انتحار وطن”! ونهاية شكله الحالي الى صيغة قد لا تبقي منه شيئًا!
لسنا بصدد المفاضلة بين إحدى النارين؛ فلا خيار لنا الا رفض الخطة الاميركية رفضا قاطعا وحاسما، وقد نتفهم ان تكون هناك طريقة ذكية للرفض تحاول التخفيف من الكلف العالية.
الاردن ومرجعياته السيادية يراهنون على فشل الصفقة من خلال جبهة الفلسطينيين، كما تراهن عمان على اصدقاء لها في اوروبا، وفي المؤسسات الاميركية.
تلك اشياء مقبولة، لكنها جُدُر قد تتهاوى! وعلينا ان نستعد لتلك الاحتمالات بكل قوة وعزيمة وتخطيط، فالانتقال الى المسار التنفيذي في الصفقة، وتحديدا ضم غور الاردن، سيضع الاردن ومواقفه وعلاقته بواشنطن على المحك الفعلي والحاسم.
في أزمة الخليج عام 1990، تحمل الاردن عقوبات الولايات المتحدة الاميركية، وحصارها للبلد ولميناء العقبة؛ فواشنطن ليست قدرًا لا فكاك منه، فالتمرد عليها له كلف، لكن الوطن واستمراره اهم واجدى واولى!
(السبيل)