وزير التعليم العالي بين مخالفة القانون والحفاظ على “نزاهة الامتحانات”

وزير التعليم العالي بين مخالفة القانون والحفاظ على “نزاهة الامتحانات”

عمان – رائد الحساسنة

أثار قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس مجلس التعليم العالي الدكتور محي الدين توق إلغاء القرارات الصادرة عن مجلس عمداء الجامعة الأردنية المتضمنة اعتماد نتيجة ناجح أو راسب للامتحانات؛ ردودًا واسعة حول مدى صحة هذا القرار من الناحية القانونية أو تقدير المصلحة التي تقتضيها الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بموجب قوانين الدفاع الصادرة عن الحكومة وضرورة الحفاظ على نزاهة العملية التعليمية وخاصة فيما يتعلق بالامتحانات الجامعية.

فبينما يؤكد الرئيس السابق لديوان الرأي والتشريع نوفان العجارمة أن الوزير ارتكب مخالفة قانونية وليس من حقه إلغاء القرار وذلك وفقًا لقانون الجامعات رقم (18) لسنة 2018 وقانون التعليم العالي والبحث العلمي رقم (17) لسنة 2018 خاصة فيما يتعلق بالامتحانات ومنح الدرجات؛ لكن المنسق العام للحملة الوطنية لحقوق الطلبة “ذبحتونا” الدكتور فاخر دعاس يرى أن مجلس عمداء الجامعة الأردنية تسرع بهذا القرار وكان يفترض به التريث والتنسيق مع مجلس التعليم العالي الذي قرر مسبقًا عدم عقد الامتحانات في فترة العطلة حفاظًا على نزاهة العملية التعليمية وضرورة عقد الامتحان النهائي بطريقة تقيم الطلبة بشكلٍ منصف.

دعاس: القرارات المتسرعة تمس هيبة وزارة التعليم العالي والمؤسسات التعليمية

طالب الدكتور فاخر دعاس المنسق العام للحملة الوطنية لحقوق الطلبة “ذبحتونا” في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” بضرورة استمرار التنسيق بين مجلس التعليم العالي ومجالس عمداء الجامعات قبل الخروج بأي قرارات تمس مصالح الطلبة ونزاهة العملية التعليمية، والتوافق على موضوع الامتحانات النهائية وآلياتها وطريقة احتساب العلامات قبل التسرع باتخاذ قرارات من شأنها أن تمس بهيبة وزارة التعليم العالي وإدارة الجامعات على حدٍ سواء.

وفي تعليقه على قرار وزير التعليم العالي بإلغاء قرارات مجلس عمداء الجامعة الأردنية فيما يتعلق باحتساب نتائج الامتحانات النهائية للطلبة (ناجح/راسب)، أكد دعاس أن المسألة لا تتعلق بالقانون واستقلالية قرارات إدارات الجامعات، ولكنها تتعلق في الحالة الاستثنائية التي يعيشها كل العالم وليس الأردن فحسب؛ مشددًا في الوقت ذاته على أن أي خطوة فيما يتعلق بالعملية التعليمية يجب اتخاذها بالتوافق ما بين إدارات الجامعات الرسمية والخاصة ومجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي لتحقيق مصلحة العملية التعليمية والطلاب.

ونوه إلى أنه “منذ البداية فإن وزارة التعليم العالي مشكورة اتخذت قرارًا في 23 آذار متقدم جدًا، بمنع إقامة أي امتحانات خلال هذه العطلة، لأن الامتحانات لا تعكس النزاهة الأكاديمية”.

واستدرك بالقول: بالتالي كان من المهم أن توقف أي محاولات من إدارات الجامعات التي كانت تريد أن تعقد امتحانات للطلاب، ونحن نعلم جميعًا أنه لا يمكن إجراء امتحانات للطلاب في البيوت تتسم بالنزاهة والعدالة والموضوعية، ولذلك كان قرار التعليم العالي بعدم عقد امتحانات والاكتفاء بالمتابعات والأبحاث من قبل الطلبة والكويزات القصيرة.

وأكد أن هذا القرار وافقت عليه كل الجامعات وطبقته لأنها تعي جيدًا أن هذا لا يمس استقلاليتها فنحن في ظرف استثنائي ونريد أن نوفر جهودنا للخروج من هذه الأزمة، ولم يكن هناك أي احتجاج على هذا القرار.

وتابع دعاس حديثه بالقول: من ثم طرحت الوزارة أيضًا موضوع من الأهمية بمكان ويتمثل بضرورة عقد امتحان نهائي، لأن أي شهادة جامعية محترمة لا يمكن أن تكون من خلال التعلم عن بعد بدون امتحانات حقيقية، ومن هنا كانت الفكرة أن هذه النقطة إيجابية، وتواصلت الوزارة مع رؤساء الجامعات للخروج قريبا بشيء مشترك.

وأوضح أن ما حدث أن مجلس عمداء الجامعة الأردنية استبق قرار مجلس التعليم العالي بخطوة وأعلن قبوله بفكرة (ناجح/راسب)، والإشكالية أن الجامعة الأردنية هي الجامعة الأم والجامعة الأكبر، والمعتاد أنها عندما تتخذ قراراً فإن باقي الجامعات تلحقها.

 “كنا نتمنى من إدارة الجامعة ومجلس عمدائها أن ينتظر قليلاً والتنسيق مع مجلس التعليم العالي للخروج بشيء مشترك، هذا ابتداء من حيث الصيغة، وكنا نتمنى من الوزارة بعد صدور قرار مجلس العمداء أن لا يصدر مباشرة قرار الإلغاء، لأن نحن نتحدث عن صروح أكاديمية كبيرة، وليس جيدًا أن تظهر أمام كوادرها وطلابها وكأن قراراتها لا يعتد بها”، بحسب دعاس.

وشدد على أنه كان يفترض أن يكون هناك تشاور بين إدارة الجامعة والوزارة في الخطوتين اتخاذ قرار (ناجح/ راسب) وقرار إلغائه.

وأشار إلى أنه تم تدارس الموقف والمفترض أن مجلس التعليم العالي عقد اجتماعًا بالأمس، واليوم سيعقد اجتماع لرؤساء الجامعات مع مجلس التعليم العالي للخروج بصيغة مشتركة حول القضية.

ونوه دعاس إلى أن الجامعات قدمت تعليما عن بعد ضمن الإمكانيات المتاحة المحدودة، ولكن لا يعتد به ولا نستطيع تقييم الطالب من خلاله، مؤكدًا أن بعض الطلبة واجهتهم مشكلة النت الضعيف وآخرين من الطلبة الذين لا يتوفر لهم حزم إنترنت ولا يملكون المال لشرائها، فضلا عن أن بعض الطلبة الذين ليس لديهم أجهزة حديثة يبني عليها دراسته والقدرة للوصول للمنصات التعليمية.

وشدد على أن هذا يؤكد أن هناك ظلمًا كبيرًا وقع بحق كثيرين من الطلبة الذين لم تتوفر لهم سبل التواصل والبيئة التعليمية الصحيحة لتلقي التعليم عن بعد.

حل منصف لعقد الامتحانات النهائية

وطالب الدكتور فاخر دعاس في حديثه لـ “البوصلة” رؤساء الجامعات ومجلس التعليم العالي بضرورة الخروج سريعًا بصيغة مشتركة حول طريقة عقد الامتحانات النهائية لطلاب الجامعات واحتساب العلامات بما يحقق الإنصاف للطلبة والنزاهة الأكاديمية للامتحانات.

وقدم دعاس مقترحًا يمكن أن يحقق الحد الأدنى من الإنصاف والخروج بحلول ضمن أقل الخسائر من وجهة نظره، ويتمثل بما وصفه بـ”الحل الأمثل” وذلك بتمديد الدوام للفصل الثاني لما بعد العيد خلال شهر حزيران كاملاً، وبالتالي يتم تعويض الفترة التي غابها الطلاب إلى حد ما، ويتم تقليص المادة العلمية المقدمة بما لا يضعها ويقدموا امتحاناتهم النهائية.

وحذر من أن عقد الامتحانات قبل العيد سيتسبب بالضرر لعشرات آلاف الطلبة وخاصة الطلبة المغتربين الذين عادوا إلى بلادهم الطلبة الوافدين وهم متضررون حاليا، ولن يستطيعوا العودة للأردن تحت أي ظرف خلال وقتٍ قريب.

وختم دعاس حديثه بالقول: “هذا يحقق الإنصاف إلى حدٍ ما بالنسبة لطلاب الجامعات في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد”.

ماذا يقول رجال القانون؟

بدوره علق الرئيس السابق لديوان الرأي والتشريع نوفان العجارمة على قرار وزير التعليم العالي بإلغاء قرارات مجلس عمداء الجامعة الأردنية بشأن احتساب علامات الامتحانات النهائية (ناجح/ راسب) عبر مناقشة موضوعية حملت عنوان “العلاقة ما بين مجلس التعليم العالي والجامعات الرسمية: رقابة أم وصاية؟

وقال العجارمة: لقد اخذ النظام القانوني الأردني ومنذ تأسيس الدولة بنوعين من اللامركزية : الأول: يعرف باللامركزية الإقليمية (أي على أساس جغرافي كالبلديات ومجالس المحافظات) والثاني: اللامركزية المرفقية أو المصلحية وهي طبقت على شكل إنشاء مؤسسات عامة بقانون وقد تم منحها الاستقلال المالي والإداري كالجامعات.

وتابع حديثه بالقول: السؤال الذي يطرح نفسه في المقام: حول طبيعة العلاقة ما بين هذه الجامعات من جهة و الحكومة المركزية ممثل بمعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي و مجلس التعليم من جهة أخرى، فهل هي علاقة رقابة بحيث يملك مجلس التعليم العالي أن يتخذ ما يشاء من قرارات بشان إدارة العمل الاكاديمي لهذه الجامعات و هل يملك أيضا سحب أو إلغاء أو تعديل أي قرار يصدر عن هذه الجامعات أو أي من مجالسها؟ أم أن دور مجلس التعليم العالي هو دور وصائي فقط يملك المصادقة أو عدم المصادفة على بعض القرارات التي ترفع إليه من الجامعات اذا كان ثمة نص قانوني يوجب رفع مثل هذه القرارات إليه؟؟ أم أن الرقابة تأخذ كل من هاتين الصورتين؟

وخلص العجارمة إلى أنه وبالرجوع إلى التشريعات الناظمة لعمل الجامعات الرسمية وتحديدا قانون الجامعات رقم (18) لسنة 2018 وقانون التعليم العالي والبحث العلمي رقم (17) لسنة 2018 نجد بأن معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي و كذلك مجلس التعليم العالي الموقر لا يملك اتخاذ قرار بإلغاء أي قرار صادر عن مجلس عمداء الجامعات الرسمية يتعلق باي أمر من الأمور الأكاديمية لا سيما فيما يتعلق بعقد الاختبارات و منح الدرجات العلمية.

وأكد أن القرار المتخذ من مجلس العمداء يمكن الاعتراض عليه من صاحب المصلحة وبناء على تظلم خطي يقدم بهذا الخصوص إلى المجلس الذي يعلوه مباشرة وهو مجلس الأمناء وليس مجلس التعليم العالي.

وأشار العجارمة إلى أنه سبق للمحكمة الإدارية العليا الموقرة وأن قضت بأن أي مهام أو صلاحيات تتعلق بالأعمال الأكاديمية للطلبة يقع ضمن اختصاص مجلس العمداء وليس من اختصاص مجلس التعالي العالي حيث تقول « … باستقراء المادة (17/ب/12) من قانون الجامعات الأردنية وتعديلاته رقم (20) لسنة 2009 يتبين أن مجلس العمداء هو المختص بالأعمال الأكاديمية للطلبة بينما لم تتضمن مهام وصلاحيات مجلس التعليم العالي التي حددتها المادة (6) من قانون التعليم العالي والبحث العلمي وتعديلاته رقم (23) لسنة 2009 أي مهام أو صلاحيات تتعلق بالأعمال الأكاديمية للطلبة. وعليه فإن مجلس التعليم العالي يكون غير مختص بإصدار القرار المشكو منه الثاني ويتعين إلغاؤه لصدوره عن جهة غير مختصة، كما أنه لا يعتبر قراراً توكيدياً لصدوره عن جهة غير مختصة… » احكم المحكمة الإدارية العليا الأردنية بالدعوى رقم 279/2017 ، تاريخ 2/11/2017.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: