أ. زكي بني ارشد
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الجائحة والفرص الضائعة

أ. زكي بني ارشد
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في اللحظة التي يتخوف فيها العالم من إجتياح موجة ثانية لفيروس كورونا، حسب تحذير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي طالب ب ” تكثف الجهودنا استعدادا (للوباء) المقبل”.
وحسب تنبيهات العديد من خبراء الأوبئة الذين طالبوا : ( بالاستعداد للسيناريو الأسوأ لفيروس كورونا الذي سيصيب ما بين %60 و %70 من السكان)، في هذه اللحظة التي يتسابق فيها الجميع لاكتشاف أسرار هذا الوباء، الذي أودى بحياة مئات الآلاف من البشر ، وشلّ الاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق على الأقل خلال قرن من الزمان، يستطيل الجدل حول ترتيب الأولويات ، وصولاً إلى المستقبل الآمن الذي يحقق الأمن الصحي البيولوجي، والأمن الغذائي وبالتوازي تحقيق الأمن السيبراني.
في غمرة الإنهماك العالمي، للخروج من الجائحة بأقل قدر من الخسائر ، يهتم البعض بالنظر إلى الفرص المرافقة لإعادة هندسة النظم الكفيلة بمواجهة تحديات المستقبل القريب والمفاجآت التي تهدد البشرية على المديات البعيدة الأجل.
في الأردن سيطر على عقل السلطة
هاجس الخوف من تفشي الوباء ، وصمود النظام الصحي والتحكم بمحاصرة الفايروس في أضيق المساحات، ولجأت إدارة الأزمة إلى التزيد في الاجراءآت الاحترازية الحازمة، التي حققت قدرا مقبولا من النجاح، بالغ بتضخيمه البعض وانكره آخرون.
على الرغم من عدة أخطأ ميدانية وإدارية وقعت فيها الإدارة، الا أن الحكومة استعادت نصيباً من الثقة المفقودة بأدئها المهزوز في مواجهة الأزمات السابقة.
لكن الأهم من كل ذلك هو التذكير بأن العقل الاستراتيجي القادر على الاستثمار في الأزمة كان غائباً عن التخطيط والإدارة معاً.
فالفرصة الكامنة في سباق التحدي مع الوباء، تتلخص بالانتقال من الإنهماك في متابعة مسلسل يوميات الوباء، إلى التفكير الاستراتيجي، الذي يعني ضرورة، الخروج من صندوق المألوف الإداري، المعيق للتجديد والكابح لجموح الاجتهاد ، والانطلاق نحو التجديد والنهوض والإبداع.
اول الفرص المهدورة ضياع مشروع النهضة، الذي بشرتنا به الحكومة في نسختها الأولى قبل أن تستسلم لسطوة مراكز القرار العميقة، ورضيت أن تكون نسخة طبق الأصل عن بقية الحكومات التي سبقتها، وتمظهر ضعف الرئيس المكلف عندما رضخ لإرادة غيره بإستلاف نصف وزرائه من الحكومة التي رحلت أو اُقيلت بفعل الضغط الشعبي قبل ثلاث سنوات.
وتوالت خيبات الحكومة عندما آثرت الابتعاد عن عش الدبابير، نتيجة ضعفها وعجزها وحرصها على البقاء.
وباء الكورونا أعاد إنتاج الفرصة للتأكيد على أهمية مشروع النهضة عملياتياً قبل أن يكون شعاراً للاستهلاك المحلي أو العالمي.
ضياع مشروع النهضة تلازم مع إهدار مشروع ( العقد الاجتماعي) الذي تبنته الحكومة في بيانها الأول، ثم تلاشى الحديث عنه نهائياً، وغابت تلك المفردة عن قاموس التداول الحكومي.
الجائحة كشفت أيضاً الحاجة الملحة لإحياء المشروع وإعادة بناء النظام السياسي وهندسة سوسيولوجيا الدولة الأردنية من خلال إعادة ترسيم القواعد القادرة على العبور نحو الأردن الجديد، وتطوير الدولة سياسياً واجتماعياً.
الضلع الثالث في الفرص المهدورة هو الحوار الوطني ، الذي لم يختلف عن الديكور الاستعراضي الذي قامت به جميع الحكومات، في مواجهة الأزمة الحالية تسربت هذه الفرصة من يد الحكومة، فبدلاً من استغلال اللحظة في تجاوز حالة الإنفراد ، واحتكار القرار ، والذهاب إلى بناء الشراكة مع القوى الوطنية بما فيها المعارضة، بدلاً من ذلك استمر الجانب الرسمي بنفس الإتجاه السابق للأزمة بل وزاد من تهميش دور مؤسسات الدولة الرسمية والمجتمعية والمدنية،
لم يلتقي الجانب الرسمي للتشاور والاستماع إلى ممثلي الأحزاب ولا النقابات ولا بقية مؤسسات المجتمع المدني ولا الفعاليات الاقتصادية والتجارية، فضلا عن تجاهل مؤسسة مجلس النواب، بل تجاهلت الإدارة الرسمية جميع النصائح والمبادرات الشعبية والنقابية لتقديم العون والمساعدة تحت مظلة الجانب الرسمي.
بالمقارنة تعتبر تجربة تونس ناجحة في مواجهة الوباء، ولكن الفرق ان تونس قطعت شوطاً في ماسسة الدولة الديمقراطية والشراكة المجتمعية، إذ إلتقى رئيس الوزراء التونسي، خلال الأيام الأولى للوباء مع مجموعة تضم 15شخصا من علماء الاجتماع و النفس و الفلسفة ومع اربع مجموعات من كبار رجال الأعمال تضم كل منها 15شخصا، و مجموعة من المشتغلين في الشأن الديني، وكذلك مع أمناء الأحزاب المعارضة.
أما الفرصة الضائعة بامتياز في زمن الأسئلة الكبرى المتعلقة بالسيادة الوطنية، تمثلت بتجاهل دور اللامركزية في المحافظات وإتاحة الفرصة للحكم المحلي، المكون من التمثيل الشعبي والرسمي ، وهو النموذج الاقدر على التصدي لمواجهة الوباء بالتكامل والتنوع، وكان بالإمكان إختبار هذه النظرية على الأقل لتقديم التوصيات فيما يخص نطاق صلاحياتهم الميدانية، والتي أثبت الوباء خصوصية بعض المحافظات وأشارت الفرصة بوضوح إلى أهمية حكم المدينة، وصلاحية النظام الفدرالي، ما يعني عدم جدية أصحاب القرار في تفعيل نظام اللامركزية والحكم المحلي في الأردن.
في سياق آخر وبحجة الخوف من تفشي الفيروس فرضت الإدارة بحكم قانون الدفاع اجازة إجبارية مفتوحة على القضاء والأصل أنه – أي القضاء سلطة مستقلة – يقرر لذاته أو على الأقل بالتشاور والتشارك معه، استخدمت لجنة الإدارة نفس الحجج التي تذرعت بها السلطة بفرض حظر التجول وإغلاق المدارس والجامعات ودور العبادة والمؤسسات الإنتاجية، ومنع التجمعات لتحقيق التباعد، وتقليل الازدحام، خوفاً من نقل العدوى، هذه الأسباب لم تكن مقنعة ولا موجبة لتعطيل فعل السلطة القضائية وكانت الفرصة في تفعيل تطبيقات ومنصات التواصل الإلكتروني في التقاضي عن بعد على نحو ما تم في منصات التعليم ومزاولة بعض الأعمال الأخرى.
من جانب آخر فقد تضرر قطاع
المحامين، بسبب الغياب القسري والتعطيل الإجباري بعد أن توقفت حركة القضاء والمرافعات بما فيها مرحلة التنفيذ القضائي الا في أضيق الحدود.
الخلاصة :

ليس مطلوبا من الحكومة ، ان تصنع الخوارق ولا أن تأتي بالمعجزات ، كما أنه ليس منتظراً من الاقتصاد الأردني أن يحلق بالفضاء ليقود الاقتصاد الإقليمي، أو يؤثر في الاقتصاد العالمي، ولكن المطلوب أن يتحرر الاقتصاد من سياسة الارتهان والتبعية لاقتصاديات الجوار الإقليمي والعقود التلزيمية المجحفة بحق الوطن، إتفاقية استيراد الغاز من “إسرائيل” مثلاً ، وأن يغادر الاقتصاد غرفة الإنعاش بالتخلص من أوزار الفساد، وكآبة المنظر وسوء المنقلب.
مشكلة الاقتصاد الأردني تكمن في فشل إدارة الموارد وليس انعدامها، ربما يصح الوصف بأن الأردن قليل الموارد، وليس مامولاً أن يصل إلى اقتصاد الرفاه، ولكنه قادر على الوصول إلى إقتصاد الإكتفاء، من خلال وقف الفساد المستشري والمتمدد، وإعادة بناء الاقتصاد على أسس وطنية تراعي المصالح المعتبرة، للوطن، وليس مصالح اقطاع الفساد الذي يتمتع بنفوذ واسع.
الأزمة اشّرت على أهمية الإنتاج الزراعي ما يستوجب رد الاعتبار لهذا القطاع، وعلى أسس جديدة، تسعى لتحفيز الزراعة المائية والمنزلية والاستفادة من التقنيات الحديثة.
إضافة إلى تشجيع رأس المال الوطني و مرافقته واقناعه بادواره الجديدة بدل استهدافه، وهذا يتطلب تواصلا واقناعا معه كما يتطلب تغيير الصورة النمطية لدى الرأي العام .
ويندرج في ذلك إجراء مصالحات مع رأس المال بدلا من اتهامه والتضييق عليه، لأن رأس المال المحلي والأجنبي يبحث أمن وشفافية واستقرار وبيئة سلسة ومؤتمتة تحققها حزم تشريعية تحفيزية وتنافسية مشجعة..
هذه وجهة نظر تحتاج إلى إستكمال أدوار قطاعات أخرى لا تقل أهمية عما ورد في هذه السطور، وبالضرورة فإن النقد للواقع لا يستثني نقد هذه المقاربة، بمنهج ومنطق علمي أرجو أن تحرك المياه الراكدة التي طال سكونها، ولم تعد تصلح للحياة البشرية أو البحرية.
والله من وراء القصد.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts