قانون الانتخاب أم التدخلات الرسمية.. من يؤثر أكثر في تشكيل البرلمانات؟

قانون الانتخاب أم التدخلات الرسمية.. من يؤثر أكثر في تشكيل البرلمانات؟

البوصلة – محمد سعد

ما أن تحدث الملك عبد الله الثاني حول التنمية السياسية في مقابلته مع وكالة الأنباء “بترا”، الأحد الماضي، وأشار إلى ضرورة تطوير الحياة السياسية، وتعزيز المشاركة عبر إعادة النظر في قانون الانتخاب وقانون الإدارة المحلية وقانون الأحزاب، حتى أصبح انتقاد قانون الانتخاب الحالي على مائدة كثير من السياسيين والكتاب ونشطاء مواقع التواصل، وما تبع ذلك من تقارير لمركز الحياة “راصد”، والمركز الوطني لحقوق الإنسان تكشف بالوثائق حجم الانتهاكات التي أثرت على مجريات العملية الانتخابية ونتائجها النهائية.

قانون الانتخاب الحالي كان أحد أبرز مبررات من قاطعوا الانتخابات البرلمانية 2020، والمفارقة تتجلى بحسب مراقبين، أن كثيرًا ممن حثوا على المشاركة في الانتخابات السابقة بناءً على القانون ذاته، أصبحوا يتحدثون اليوم عن عيوب “جسيمة” في القانون ورفض الصمت عنها.

فريقٌ من هؤلاء حمّل القانون الحالي مسؤولية تشكيل البرلمان ونوعية النواب الأعضاء فيه، فيما يرى آخرون ان القانون ليس وحده المسؤول عن “تراجع أداء مجلس النواب” بل يعتقد أن هناك تدخلات رسمية أثرت في العملية الانتخابية لا سيما الأخيرة وهذا ما أشار له أيضا تقرير مركز الحياة ” راصد” .

الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب، أكد على ضرورة تعديل قانون الانتخاب، وقال: “نلاحظ منذ ظهور قانون الصوت الواحد ونحن في تعديلات متكررة للقانون كانت تصب ضد المشاركة السياسية وضد الحضور الحزبي في البرلمان وكرست مفهوم المال السياسي”.

وتساءل ذياب، بأي اتجاه سيكون تعديل القانون قائلا: “بالرغم من خلو البرنامج الحكومي من الحديث عن الإصلاح السياسي تبرز فجأة الحديث عن تعديل قانون انتخاب .. هل سنخدل في دوامة حوار تعديل”.

ثرثرة سياسية وهروبٌ للأمام

القيادي في الحركة الإسلامية زكي ارشيد وصف إعادة الحديث عن قانون جديد للانتخابات بأنه: “هروب للأمام بهدف تبهيت قيمة تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، وتقارير أخرى أكّدت بالتوثيق انتهاكات جسيمة لتلك الإنتخابات، حديث الطبقة السياسية المحافظة عن الإصلاح لا يعني أكثر من ثرثرة سياسية”.

وتساءل بني ارشيد في مقالة له الثلاثاء،”من هو المستهدف بخطاب الإصلاح السياسي وقانون الانتخاب؟الداخل المازوم؟ ام الخارج المتربص؟”.

وأوضح بني ارشيد أن الأحزاب شاركت بالانتخابات “مضطرة” وفق القانون الحالي “بعد أن أهملت الدولة مطالبهم الدائمة بإصلاح سياسي وتعديل قانون الانتخابات، ومع ذلك فشلت الجهات المسؤولة عن إدارة الإنتخابات بتخفيض منسوب العبث والتلاعب وتزوير الانتخابات”.

وقال السياسي الذي شغل منصب نائب امين عام حزب جبهة العمل الإسلامي سابقًا: “من يصدق ان المشكلة تكمن في القانون فقط؟ وليس في اللهو الخفي الذي يصدر من وعن غرفة الأشباح؟”.

فيما بيّن تقرير مركز راصد، أن فريق المراقبين رصد عدداً من الشكاوى المتعلقة بتدخلات من قبل بعض الجهات الرسمية وشبه الرسمية قبيل انتهاء موعد انسحابات المترشحين والمترشحات بهدف تحييد وسحب بعضهم، وذلك أثر بشكل مباشر على معيار حرية المترشحين والمترشحات من جهة ومعيار حرية الناخبين والناخبات من جهة أخرى، يذكر أن هذه التدخلات أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بالتأثير على مخرجات العملية الانتخابية، ومثال ذلك ما حصل في الدائرة الثالثة في عمان ودائرة مادبا الانتخابية.

وأظهر التقرير أن المال الفاسد وما ارتبط به من عمليات شراء أصوات قبيل يوم الاقتراع وحتى يوم الاقتراع شكل تأثيراً على مجمل العملية الانتخابية، خصوصاً وأننا شهدنا انتشاراً غير مسبوق لتفاقم هذه الظاهرة التي بدورها أثرت سلباً على مخرجات العملية الانتخابية، كما شهدت العملية الانتخابية بكافة مراحلها تحويل 51 قضية مرتبطة بعمليات شراء الأصوات واستخدام المال الفاسد منها 9 قضايا حولت إلى الأجهزة الأمنية، بينما حولت 42 قضية إلى المدعي العام، وتم البت بعدد محدود من القضايا، على الرغم أن كافة القضايا التي تم تحويلها إلى المدعي العام من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات تم تدعيمها بأدلة كافية.

النائب السابقة ديما طهبوب وصفت التقارير التي وثقت الانتهاكات التي طالت الانتخابات بأنها “حبر على ورق والجالسون على المقاعد هم الحقيقة”.

وتساءلت طهبوب في تغريدة عبر حسابها على موقع تويتر “ما نفع التقارير وقد انعقد المجلس ومارس النواب صلاحياتهم وتم رد كل قضايا الطعن”.

جسامة الانتهاكات عابت العملية برمّتها

وخلص تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن ما تم رصده وتوثيقه من انتهاكات ومخالفات رافقت العملية الانتخابية، خاصة خلال فترة الترشح والاقتراع بلغ من الجسامة حدًا يعيب العملية الانتخابية برمّتها.

وفي رد المركز على سؤال لـ “البوصلة” أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان أنه لم يصدر عنه توصية باتخاذ إجراءات تجاه المجلس النيابي التاسع عشر بناءً على المخالفات التي وقعت.

كما ناقش التقرير الضغوطات التي كانت يتعرض لها المرشحون لثنيهم عن الترشح للانتخابات النيابية أو الانسحاب منها، بناءً على الشكاوى التي تلقاها المركز من مرشحين وغيرهم، وبالمتابعة والتحقق تشكلت لدى المركز قناعة بصحة هذه الادعاءات.

الوزير الأسبق طاهر العدوان قال عبر حسابه على موقع تويتر “الحديث الرسمي عن الإصلاح كالحديث عن مكافحة الفساد ولو نُفّذ ربع ما نشر وكتب من بيانات ونظريات ووعود عن الإصلاح الديموقراطي خلال السنوات ال ١٠ الماضية لأصبح الاردن اليوم ينافس ديموقراطيا الدول الأوروبية يكفينا حالة الملل التي تسود من كورونا لقد سئمنا الوعود التي تأتي بعكسها”.

رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب خالد الكلالدة، أكد بأن المركز الوطني لحقوق الإنسان لم يسلم الهيئة أية ملاحظات حول تجاوزات، خلال العملية الانتخابية أو قبلها، فيما كانت تقوم جهات وطنية بالإبلاغ عن مخالفات و”الوطني لحقوق الانسان” ليس من ضمنها.

وفي رد على التقرير الذي أطلقه المركز الوطني لحقوق الانسان، والذي هاجم فيه العملية الانتخابية الأخيرة، أوضح الكلالدة بأن “مستقلة الانتخاب” لم تتلق التقرير بشكل رسمي من المركز، وإنما اطلعت على البيان الصحفي المختصر، وهو “كلام عام فضفاض”، بحسب تعبيره.

وتبقى أسئلة النخب السياسية ونشطاء مواقع التواصل تدور في فلك جدية الحديث اليوم عن إصلاح واقع الحياة السياسية وربطه ببرنامج عمل تقدمه الحكومة على طاولة حوار وطني جاد يضع برنامجًا عمليًا بخطة زمنية محددة لتحقيق ما ورد في الرؤى الملكية حول ترسيخ “حياة حزبية برامجية راسخة تمثل فكر الأردنيين وانتماءهم وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة وتحقق تطلعاتهم عبر إيصال صوتها وتمثيلها إلى قبة البرلمان”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: