د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الخبيزة طعام الصابرين

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ارسل إلي أحد الزملاء فيديو فيه حوار أخذت الخبيزة دور البطولة فيه، فاستحضرت واقع أهل غزة  الذين غدت الخبيزة في حياتهم مجرد حشيش بري بلا رتوش يتقوّتون به، والخبيزة التي يعرفها عموم أهل بلاد الشام نبتة طيبة تخرج في الأرض من غير زراعة، يكثر وجودها في الربيع الفلسطيني، طيبة المذاق يضاف إليها البصل ويعصر عليها الليمون ويأكلها المنعمون “سرفيس” على موائدهم في حين كانت طعام البسطاء يأكلونها بالخبز فيملؤون بها بطونهم، وحين دارت رحى الحرب في غزة المجاهدة فقدَ الناس أصناف الطعام فلا عسل ولا بصل.

ومن عادة الإنسان إذا كرر الطعام أن يملّه، فكيف إذا كان مجرد خبيزة بلا رتوش ولا محسنات ؟! ولقد سمعت أحد شباب غزة يصرخ قائلا: لا طعام لنا إلا الخبيزة صباحا مساء، فمرّ في مخيلتي مشهد شباب العرب والمسلمين الذين يملؤون المطاعم والفنادق يأكلون أطايب الطعام من لحوم متنوعة وسلَطات وعصائر، ومشروبات ساخنة في الشتاء وأخرى باردة في الصيف، وينادون النادل ليقرّعوه لأنه لم يحضر الصنف الفلاني أو المشروب العلاني، وهذا ينتقد اللحم، وذاك يثني على جوّ الجلسة.

إخواننا الغزيون يتضورون جوعا ونحن نشكو البِطنة والشبع، وبرغم ذلك لا يُسمح لمطاعمنا أن تتوشح بلون التعاطف مع نكبة الأهل والخؤولة، ولا أن تفرح بإنجازات بطولاتهم، حتى أحداث العزّ والفخار التي سطرها الرجال بعزمهم أبَيْنا أن تكون عناوين على يافطات تجارية تشعرنا بأننا ما نزال على قيد الحياة، ولأن العم سام قد غضب فلتذهب يافطة المطعم إلى الجحيم ولتنزل فورا ليصعد الرضا الصهيوني عن تفريطنا لأجل عيونه.

إذا قورنت الخبيزة بالعدم فازت الخبيزة، لكنها هي الأخرى ليست خيارا متاحا بالضرورة للمنكوبين، فقد راح ضحية فقدها مع جملة الغذاء عدد من أطفال غزة حتى الآن، والعدد مرشح للزيادة السريعة ما دامت المعابر مغلقة وعقول العرب وقلوبهم مقفلة دون استيعاب حجم الكارثة التي أحدثها صمتهم واستسلامهم للأمر الواقع خوفا على أنفسهم من أن يلحقوا بركب آكلي الخبيزة “الحاف”، بعد أن كانت أكلتهم الشعبية الربيعية اللذيذة بمكوناتها ومحسناتها.

حكاية الخبيزة ليست حكاية صنف من الطعام بقدر ما باتت رمزا للإفلاس الإسلامي العربي صنعه تخاذل دول ليست فقيرة للمال بقدر فقرها للإدارة، وليست عاجزة لوجستيا بقدر فقدها  للإرادة.

وهذا هو العزم الغزي يصيح بكم أيها الأعراب: خذوا العسل والبصل ودعونا بلا طعام، أعطونا مشاعركم، قفوا بها معنا في وجه الحضارة الغربية التي سلطت حثالة الأمم علينا وعليكم ليصبح الحشيش قاسما مشتركا بيننا وبين البهائم بعد أن صنفنا وزير حرب الصهاينة حيوانات بشرية، لذلك فهو وزمرته الفاجرة حالوا بيننا وبين طعام البشر!

موضوعنا اليوم مختصر، لقد خارت قوى الأمة يوم أن جعلت الطعام والشراب والشهوة  غاية لا وسيلة، فحرص كل فرد على تأمينها لنفسه وعياله، وضن بها على غيرهم، ونحن إذ نستقبل رمضان شهر الصيام عن الطعام والشراب والشهوة نستحضر أنها ليست غاية في ذاتها، ولكنها أدوات إن أحسنّا التعامل معها فهي نعمة، ويوم تحلّ الأثرة وتستعلن الأنانية ترفع بركة العمر والرزق ويتسلط الأغيار فلا يبقى عزوة ولا دار، وتُزلزل الأمة لتصحو فتعود الأمور إلى نصابها من جديد.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts