الشحروري لـ”البوصلة”: الهجرة بأدبيات الإسلام تعني الجهاد ولدى زعماء العرب تعني التشرد والهزيمة

الشحروري لـ”البوصلة”: الهجرة بأدبيات الإسلام تعني الجهاد ولدى زعماء العرب تعني التشرد والهزيمة

عمّان – البوصلة

قال استاذ الشريعة الدكتور أحمد الشحروري في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ الهجرة حدثٌ مهمٌ أرخ به عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه للدعوة والدولة، وهي كانت المنطلق للتأريخ الإسلامي، مؤكدًا على أنّ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم تعني في أدبيات الإسلام الجهاد والعزة ولكنّها تعني في قاموس زعماء العرب اليوم “التشرد والهزيمة” على حد وصفه.

وأضاف، “إننا ونحن إذ نتذكر الهجرة في مطلع كل عام هجري جديد، لا لكي لندبلج الأشعار وننمق القصائد والمدائح، ولكن لنعيش في ظلال الحياة التي عاشها محمد صلى الله عليه وسلم سيد المهاجرين والأنصار”.

وتابع، “إن محمد عليه الصلاة والسلام الذي يتعمد بنو قومنا في هذه الأيام أن يتنكبوا طريقه وأن يعصوه مع سبق الإصرار والترصد، كانت هجرته جهادًا وإنجازًا دعويًا، وكانت فتح آفاق جديدة للدعوة، وكانت مقدمة للدولة، لكن المسلمين اليوم يجفلون من ذكر لفظ الهجرة، ونحن نعلم لماذا”.

وأشار الشحروري إلى أنّ “الهجرة تذكر المسلمين اليوم بالهجرات القصرية وإذا لم نبعد كثيرًا، فنحن نذكر هجرة الشيشان والشركس من بلاد القفقاز هروباً بدينهم من الحكم الشيوعي المجرم الذي قتل ما قتل واستباح ما استباح من أرض المسلمين وأعراضهم، وتلك كانت هجرة فرضها أعداء الله على بلادٍ كانت تحكم باسم الله وشريعة الله”.

وتابع حديثه بالقول: “ثم توالت الهجرات، هجرة الفلسطينيين التي تعرفونها وكثيرٌ منا اكتوى بنارها وإن لم يكن هو فأجداده، وتحدث بلا حرج عن هجرة السوريين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين والقائمة تطول”.

د. أحمد الشحروري: اصطنع العدو هجرات شعوبنا العربية ليفرق جمعنا ويشتت شملنا



وأوضح أنّ تلك الهجرات اصطنعها عدونا من قبل أن يفرق جمعنا ويشتت شملنا بل كانت كثير من الهجرات مقدمة لهذا التفتيت، ثم كانت الهجرات التالية وكانت الحدود وكانت جوازات السفر، لكي يحرم المسلم أن يدخل جزءًا من أرضه ودياره وأمواله.

وأضاف الشحروري: “ها نحن نعيش اليوم في الهجرة من أمام وخلف جدار الفصل العنصري، فكثيرٌ من أهل فلسطين حرموا الوصول إلى أراضيهم التي منعها منهم جدار الفصل الصهيوني”.

هجرة ومقاومة مشروعة

وقال: هذا هو اللحن المشؤوم الذي يغنيه بني قومي، في ثقافة الهجرة، وليست المشكلة في أن تضعف أمام عدوك لحظة أو فترة أو سنة أو حتى دهرًا، المشكلة أن تنسى مع هذه الفترة أنك صاحب حق، وأن عليك أن تقاوم وأن المقاومة جهادٌ مشروعٌ وليست إرهابا كما يسعى أعداء الإسلام أن يشوشوا عليكم ويملأوا ثقافاتكم بأن من رفع يده بحديدة أو عصا أو رصاصة فهو إرهابيٌ لا بد أن يجتث.

وتابع حديثه بالقول: إنهم يخافون من كلمة إرهاب منذ سمعوها أول مرة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوكم) ، ولذلك هم يستهدفون هذه المفردة لكي يخوفوك منها ويبعدوك عنها وتصبح بلا أضراس ولا أنياب ولا أظافر.

واستدرك الشحروري: “لم تقتصر الهجرة في زماننا على الهجرة من مكانٍ إلى مكان، وتعدت ذلك إلى هجرة العقول عن الأفكار الأصيلة، وغربوا عقول شبابنا، فصار الواحد منهم يمكث في بيت أهله وهو مهاجرٌ عنهم في لبسه وشكله وفكره وقصة شعره”.

وحذر من أنّ “هذه الهجرة الثقافية الوجودية العقدية أخطر من الهجرات على الأرض، ثم انتقلوا بنا من الهجرات السياسية إلى الهجرات الاقتصادية فمنعوا العقول الفاعلة في دولنا العربية والإسلامية أن تنفع دولها، فأصبحت دول العروبة والإسلام طاردة”.

وقال الشحروري: لم يبني النبي عليه الصلاة والسلام دولته في المدينة برفع ناطحات السحاب، لكنه بنى أمة من خلفه تصنع المعجزات، وبنى السوق الموازية في المدينة المنورة حتى لا يظل المسلمون عبيدًا لاقتصاد اليهود وقمار اليهود وربا اليهود.

ولفت إلى “أنه استقل عليه الصلاة والسلام باقتصاده فاستقل رأيه السياسي، وليسمع أصحاب اليد السفلى، لمتى نبقى نتقل معونات وأرضنا تضج بالأموال والمعادث الثمينة والذهب واليورانيوم وسواه”.

الدول تبنى بالصدق والواقعية

وتساءل خلال حديثه: “إلى متى سيزعم أننا ثاني أفقر دولة في العالم في المياه، لمتى نظل نكرر هذا الكذب حتى تظنه الأجيال صدقًا”.

وشدد الشحروري على أنّ “النبي عليه السلام بنى دولته بالصدق والواقعية وبالأخذ بالأسباب، وبنى جيلاً يصنع المعجزات وتخضع له الدنيا، والمصد رالأساسي لعزة هذه الأمة هو القرآن، فلا تحاولوا محاربة القرآن، وتضيقوا على القرآن”.

وحذر من أنّ “كل فكرة وكل قانون وكل قرار يضيق على فسحة لتعليم القرآن هو خطوة في الاتجاه الخاطئ تمكن عدونا من رقبتنا شئنا أو لم نشأ قصدنا أو لم نقصد”.
وقال: أحياناً يكونو الجاهل أخطر على الأمة من العالم الماكر، ولذلك أفسحوا للقرآن في كل الاتجاهات وإلا سنهلك جميعا”.

رسالة لصنّاع السياسة

ووجه الشحروري رسالة في ظلال ذكرى الهجرة، قائلا: “يا صناع السياسة العربية دون أن تعودوا إلى خطا الحبيب صلى الله عليه وسلم لن تذوقوا عزًا”.

وتابع حديثه بالقول: “روت السيدة عائشة سئل رسول الله عن الهجرة، فقال: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونية، وإذا استنفرتم فانفروا”، منوها في الوقت ذاته إلى أنّه لا هجرة على مستوى الدولة ولا هجرة على مستوى النظام السياسي ولا هجرة على مستوى السيادة يمكن أن يهاجر شخص لعلم وتكسب وأما أن تهاجر الأمة وأن يهاجر النظام وأن تهاجر السيادة فهذا ما حكم عليه الصلاة والسلام بإلغائه وتحريمه، منذ كانت هجرته من مكة إلى المدينة.

وشدد على أنّ الهجرة مصطلح يدل في أدبيات الإسلام على الجهاد (انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا في سبيل بأموالكم وأنفسكم)، لافتًا إلى أنّ الهجرة تعني الجهاد الذي أضاعه قومنا، والهجرة هي المصطلح الذي ذبحه العرب والمسلمون في مؤتمر دكار وجعلوا مكانه مصطلح السلام والاستسلام للعدو.

وختم حديثه بالقول: إنّ الهجرة مصطلح يدل في أدبيات الإسلام على الجهاد، وفي أدبيات المنهزمين سادة السياسة العربية والإسلامية اليوم الهجرة باتت تعني التشرد والهزيمة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: