جواد الحمد
جواد الحمد
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الموقف والخيارات الأردنية في التعامل مع خطة ترامب

جواد الحمد
جواد الحمد
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

الموقف والخيارات الأردنية في التعامل مع خطة ترامب

إن قراءة ودراسة تفاصيل الرؤية الأميركية لإنهاء القضية الفلسطينية (صفقة القرن) تؤكد أنها ضربة قوية لعملية السلام التي عملت عليها الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ العام 1974، حيث تجاهلت أسس وقواعد التصور الأميركي الجديد معظم الاعتبارات الخاصة بالصراع والعوامل المؤججة له، بل وتجاهلت بوضوح كافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ولم تتمكن هذه الإدارة بهذه التصورات من مغادرة مربع التفكير الإسرائيلي اليميني المتطرف إزاء المستقبل الفلسطيني، ليكون في النهاية مجرد كانتونات مقطعة الأوصال بالمستوطنات اليهودية والطرق الالتفافية والمحميات المحيطة بها.

وهي لا تعطي أكثر من مدن ومعازل سكانية للفلسطينيين (20-25% فقط من الضفة الغربية)، حالها أسوأ من الحال الذي عاشه مواطنو جنوب أفريقيا قبل انتهاء نظام الفصل العنصري فيها، كما أنه يبقي على جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يقسم المدن والقرى والبيوت إلى قسمين في كثير من المناطق، ويعزل مدنا كاملة عن الضفة الغربية ببوابات حديدية ( قلقيلية مثلا)، بل يوفر غطاء جديدا لاستئناف مشروع الجدار في الجزء الشرقي من الضفة الغربية ويجعل الاستيطان والمعسكرات الإسرائيلية هي الحاجز بين الأردن والضفة الغربية ( ضم الغور وشمالي البحر الميت لإسرائيل)، لذلك فالتواصل غير موجود لا بين المناطق الفلسطينية (المعازل) ولا بينها وبين البحر، ولا بينها وبين المحيط العربي الطبيعي في الأردن ومصر وسوريا ولبنان مثلا، ما يعني الحكم على شكل الخريطة المصممة لهذه الغايات بانها سجن حقيقي وغير كبير تحت الإجراءات الأمنية والأيديولوجية الإسرائيلية المتطرفة.

فالكانتونات الفلسطينية المقترحة ليس فيها قدس ولا استقلال ولا تواصل ولا اتصال ولا اقتصاد ولا حرية، فعلام يمكن لأي إنسان أن يشجع الفلسطينيين أو الأردنيين على قبول التفكير في هذه التصورات العدمية التي تعبر عن تجاهل كامل للشعب الفلسطيني وقضيته وتصفيتها بالمزاد العلني.

وقد كان رد الفعل الفلسطيني الموحد والسريع برفض الصفقة هو الموقف الطبيعي والمتوقع، ولذلك فان الموقف العربي الطبيعي أيضا ينبغي إلا يتجاوز الرفض المطلق للتعامل مع هذه التصورات بهذه التفاصيل والأوصاف وأن اتخذ البعض مواقف هزيلة وبعيدة عن المصلحة العربية أو الفلسطينية بل تنطلق من مصالح النفاق للإدارة الأميركية وإسرائيل لحماية مصالح النخبة الحاكمة فيها فقط كما يظنون.

لا أظن أن الذين يطالبون بالتفكير والدراسة والتريث من بعض الدول الأوروبية والعربية جادون في توقع موافقة الفلسطينيين على طرحهم هذا، أو انهم لا يدركون أو يتجاهلون حقيقة تصفية القضية بهذه التصورات غير الواقعية من الإدارة الأميركية وحليفها اليمين الإسرائيلي المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو .

ولذلك فإن الأردن معني قبل أي طرف آخر -بعد الفلسطينيين- باتخاذ موقف وسياسة وخيار يتعلق بثلاثة اعتبارات جوهرية تجاه هذه الخطة، الأول: المصالح الوطنية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بالتحرر وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كل الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس على الأقل ( وهو موقف الحد الأدنى المشترك الفلسطيني والعربي) بوصف ذلك أساس الصراع، والثاني: المصالح العليا الأردنية المتعلقة بالجوار المتواصل والآمن الفلسطيني، ودوره الأساسي في حماية القدس والمقدسات فيها، ومصالح وحقوق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم وديارهم التي خرجوا منها منذ العام 1948 وكذلك عام 1967، والثالث: يتعلق بالإجماع الوطني الأردني على رفض الصفقة والاستعداد لتحمل تبعات مواجهتها مع الجانب الرسمي، بوصفها تستهدف الأردن تماما كما تستهدف فلسطين، إضافة إلى اعتبارات أخرى عديدة يدركها العاملون في الشأن الأردني والفلسطيني.

ولذلك فإن الأردن يرفض “صفقة القرن” الأميركية الإسرائيلية ولا يمكن له قبولها باي مسوغ أو مبرر، فهذا هو الخيار الوحيد الذي يحافظ على مصالح المملكة وحقوق الشعب الفلسطيني، ويستطيع الأردن حشد مواقف مناهضة للصفقة مع الفلسطينيين ومعظم الدول العربية والإسلامية وبعض الغربية، إضافة إلى السعي لاستصدار مواقف جماعية باتجاه رفض هذه التصورات الأميركية ، على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي لحشد مواقف رافض للصفقة، وخلق حالة استعصاء في المنطقة لمواجهة هذه الخطة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية. ولعل النجاح في محاصرة الموقف الأميركي السابق من القدس في الأمم المتحدة وعلى الصعيد الدبلوماسي الدولي تشير إلى توفر الفرصة للجهد الأردني الفلسطيني المشترك على هذا الصعيد لينجح.

فيما يتعلق بأثر موقف الرفض الأردني على المساعدات وربما الضغوط الأميركية على الأردن، فان رفض الأردن لـ”صفقة القرن” لن يكون إعلان صدامٍ شامل مع الولايات المتحدة، فهناك علاقات قائمة على مستوى عالٍ لها العديد من التشعبات المترابطة بعضها ببعض آخذاً بعين الاعتبار أهمية “الدور المحوري” للأردن في المنطقة وفي السياسة الخارجية الأميركية فيها. خاصة وان الولايات المتحدة وهي تخطو هذه الخطوة المناقضة والمعاكسة للتاريخ، كما قال نتنياهو في البيت الأبيض، فإنها أحوج ما تكون إلى ضمان الاستقرار في المنطقة وفي الأردن على وجه الخصوص، لأن أي غياب لهذا الاستقرار سيؤثر على أمن إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة بأشكال متعددة تخشى الولايات المتحدة ألا تستطيع السيطرة عليها حتى في ظل الضغوط على النخب الحاكمة، ولذلك فان واشنطن بحاجة حقيقية وماسة لعدم الاشتباك مع الأردن أو اللعب في البنية السياسية الداخلية أو فرض أجندات قاسية عليه.

إن أهمية الأردن في المنطقة كدولة محورية وكعامل استقرار لا تزال قوة جيوسياسية وجيواستراتيجية غير مستثمرة جيدا من قبل الحكومة الأردنية، يضاف إلى ذلك ان ثمة دولا أوروبية غير مؤيدة لـ”صفقة القرن” وتؤمن بالدور الأردني والاستقرار السياسي والاقتصادي فيه، وهو ما يمكن أيضا أن يمنح الموقف الرافض للصفقة القوة والمساندة وتقليل المخاطر المزعومة من البعض.

إن اتخاذ أي موقف مهادن أو موافق أو موارب لهذه التصورات الأميركية إنما يعني مغامرة محفوفة بالمخاطر وتضع مستقبل الأردن وفلسطين والقضية الفلسطينية في مهب الريح، كما يعني تقوية إسرائيل لتهيمن على المنطقة وتتحكم في سياساتها المختلفة وتستمر بتهديد امن الأردن والدول العربية الأخرى، والذي سينعكس استراتيجيا على مستقبل ودور المملكة من جهة، وعلى مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته والقدس من جهة أخرى.

وبناء على ما سبق فإن الخيار الأردني المتاح هو رفض الصفقة، ورفض المشاركة في تطبيقها، واستمرار المطالبة بالسعي وراء حلول عادلة يمكن لها أن تنشئ حالة استقرار ولو على المدى المتوسط، وأساسها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967 وعودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على كامل هذه الأراضي، طبعا بما فيها القدس.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts