المومني لـ “البوصلة”: حادثة المنطاد تصعيد تكتيكي جديد في التنافس الأمريكي الصيني المتواصل

المومني لـ “البوصلة”: حادثة المنطاد تصعيد تكتيكي جديد في التنافس الأمريكي الصيني المتواصل

عمّان – رائد صبيح

قال الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ الحالة التنافسية المتواصلة بين أمريكا والصين لم ترقى إلى درجة الصراع التي تذكرنا بأيام الحرب الباردة، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ حادثة المنطاد الأخيرة ما هي حلقة أخرى في “التصعيد التكتيكي” المتواصل بين البلدين.

وأشار المومني إلى أنّ “حادثة المنطاد” ما هي إلا تطور آخر في العلاقة الصينية الأمريكية التي شابها درجة عالية من التنافس خاصة في السنوات الأخيرة، وبالذات منذ زيارة الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيليوسي إلى تايوان، والتي كانت إلى حدٍ ما بالنسبة للصينيين إشارة واضحة لإثارة حساسيات تاريخية فيما يتعلق بقضية “تايوان واستقلالها”.

تصعيد متبادل

وأوضح بالقول: منذ ذلك الوقت شهدنا نوعًا من التصعيد المتبادل في الخطوات، بمعنى أنّ الصين ردت بعددٍ من الإجراءات عبر مناورات عسكرية وتصريحات سياسية، وفي الوقت ذاته اتخذت أمريكا كذلك مجموعة من الخطوات والإجراءات متعلقة بحلفائها في المنطقة، وزيارة مسؤولين أمريكيين لتايوان.

د. حسن المومني: المنطاد هو خطوة ورسالة أخرى من الصين لاختبار ردة الفعل الأمريكية

ولفت المومني: بتقديري مسألة المنطاد والغرض من ورائها يشوبها شيء من عدم الوضوح، حيث تتحدث الصين عن أنّ المنطاد يهدف لأغراض البحث العلمي والرصد الجوي، لكن في الوقت ذاته الرواية الصينية تبدو ضعيفة لأنه إن كان صحيحًا ذلك، فلماذا لم يكن هنالك تنسيق أو إخطار لكندا والسلطات الأمريكية بأنّ الصين فقدت السيطرة على المنطاد.

وشدد على أنه “بالنسبة للصين، فإن المنطاد هو خطوة ورسالة أخرى لأمريكا ونوع من الاختبار لردة الفعل الأمريكية بتكنولوجيا بسيطة طبيعية”.

 واستدرك بالقول: “مقابل ذلك الرواية الأمريكية أنّ المنطاد لأغراض التجسس، وبالتالي جاءت فرصة لتوجيه رسائل للصين والداخل الأمريكي أنّ الصين هي قوة منافسة تتخذ إجراءت فيما يتعلق بالسيادة الأمريكية، وبالتالي إظهار الرئيس الأمريكي بصورة الرئيس الحازم واتخاذ الخطوات المناسبة بهذا الجانب، وعلى إثر ذلك تم إلغاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن للصين”.

تصاعد التنافس

وقال المومني: بتقديري حادثة المنطاد تصعيد تكتيكي آخر في الحالة التنافسية، في الوقت الذي يسعى فيه البلدان لاحتواء هذه الحالة، ورأينا كيف هناك لقاءات صينية أمريكية منذ تسلم بايدن سلطاته الدستورية، وعقدت لقاءات “آلاسكا” بين المسؤولين في البلدين ولكنّها لم تأت بنتيجة، لكن فيما بعد طرأ شيء من التحسن وعقد لقاء قمّة جمع الرئيس الأمريكي بالرئيس الصيني، وكان هناك تفاعل حول القمّة بأنها ستحدث نوعًأ من الإنفراجة في العلاقة، وكلا الطرفين اتفقوا على تأسيس آليات وتكثيف التواصل من أجل احتواء الحالة التنافسية ومنعها من أن تتحول إلى صراع.

وأضاف بالقول: لكن قطعًا هنالك قضايا متعددة تتحلق بتايوان وبحر الصين الجنوبي ومسائل تجارية، وفي الوقت ذاته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الآن يتعاملون بإستراتيجية واضحة تتعلق بأنّ الصين هي المنافس الرئيسي، وفي هنالك دلالات واضحة وأمريكا والغرب في هذا السياق.

إقرأ أيضًا: المومني لـ “البوصلة”: المواجهة المفتوحة بين الاحتلال وإيران قد تحمل “خيارات عسكرية”

ولفت إلى أنّ “أولى هذه الدلالات هي إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي قدمت قبل أسابيع، وبكل وضوح تتحدث عن أنّ المنافس الرئيسي لها الصين وضرورة ضبط روسيا”.

وفي الجانب الآخر نوه المومني إلى أنّ “هنالك خطوات اتخذتها أمريكا من خلال بناء شراكات إستراتيجية وتعزيزها مع حلفاء في المنطقة سواء أستراليا أو اليابان وآخر اتفاق كان مع الفلبين وتوسعة الحضور الامريكي” .

هل نذهب لسيناريو  “صراع مفتوح”؟

وأكد المومني أنّ “حادثة المنطاد هي حلقة أخرى من حلقات التنافس، لكن قطعًا هناك رغبة لدى الطرفين أن لا تتحول حالة التنافس إلى حالة صراع مفتوحة، لا سيما وأنه ما زال هناك اعتمادية اقتصادية بين البلدين، فالاقتصاد الصيني هو ثاني اقتصاد مندمج في الاقتصاد العالمي، وهناك تبادلات تجارية كبيرة مع الغرب وأمريكا”.

ولكن الخبير الإستراتيجي لم يقلل من خطورة  هذه الحادثة واصفا إياها بأنها “حادثة مهمة في العلاقة الصينية الأمريكية، وقد تستدعي كلا الطرفين أن يكثفوا من جهودهم من أجل احتواء هذا التصعيد التكتيكي المتواصل”.

وختم المومني بالقول: “ممّا لا شك فيه أنّ الاتصالات بين الصين وأمريكا مستمرة رغم كل التصعيد، و على الرغم من تأجيل زيارة بلينكن كنوع من الاحتجاج إلا أنّ البلدين سيسعيان لاستئناف التواصل الدبلوماسي في لحظة ما قد تكون قريبة”.

إسقاط المنطاد الصيني

وأسقطت الولايات المتحدة السبت منطاد صيني قبالة ساحل كارولينا بعد أن اجتاز مواقع عسكرية حساسة في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، بحسب وسائل الإعلام الأمريكية.

وأظهرت لقطات أن مروحية مقاتلة من طراز F22، أطلقت صواريخ جو-جو لإسقاط المنطاد الصيني.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه أعطى الإذن بإسقاط المنطاد يوم الأربعاء بمجرد وصوله للمياه الأمريكية، في حين كشفت وسائل إعلام أمريكية أنه جرى التنسيق مع وكالة “ناسا” لاختيار موقع مناسب لإسقاط المنطاد دون أضرار جانبية.

إقرأ أيضًا: خبير عسكري يقرأ لـ “البوصلة” تداعيات الحرب: روسيا توقف العالم على أطراف أصابعه

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان إن مقاتلة أمريكية أسقطت المنطاد في المياه قبالة ساحل ساوث كارولاينا، متهما بكين بإرسال المنطاد من أجل مراقبة منشآت استراتيجية.

وأضاف أن “الأمر تم بالتنسيق وبدعم كامل من الحكومة الكندية”، مضيفا أن ما جرى هو “إجراء قانوني، يوضح أن الرئيس بايدن وفريقه للأمن القومي يضعون دائما سلامة وأمن الشعب الأمريكي  في المقام الأول خلال التعامل مع انتهاكات الصين غير المقبولة”.

الصين تحتج

من جانبها علقت وزارة الدفاع الصينية الأحد على إسقاط واشنطن منطادا صينيا حلّق أياما فوق الولايات المتحدة؛ مسببا توترا كبيرا بين واشنطن وبكين، وذلك في وقت أعلنت فيه كولومبيا أنها رصدت جسما مماثلا في مجالها الجوي.

وفي أول تعليق لها بعد الحادثة، قالت وزارة الدفاع الصينية إن إقدام واشنطن على إسقاط المنطاد الذي وصفته “بالمدني” بالقوة رد مبالغ فيه، معربة عن احتجاجها الشديد.

وأضافت الوزارة أن بكين تحتفظ بالحق في استخدام الوسائل اللازمة للتعامل مع المواقف المماثلة، من دون أن تشير إلى طبيعة تلك الوسائل.

ويأتي بيان وزارة الدفاع بعد بيان سابق للخارجية الصينية عبرت فيه عن استيائها مما وصفته باستخدام الولايات المتحدة القوة في إسقاط المنطاد، وعدّت الأمر انتهاكا خطيرا للأعراف الدولية، مشددة على أن التصرف الأميركي ينذر بتداعيات.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: