أسامة أبو ارشيد
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

بشّار الأسد… عندما يعظ الشيطان

أسامة أبو ارشيد
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

من الناحية المهنية والموضوعية البحتة، لم تكن مقابلة قناة سكاي نيوز عربية، أول من أمس الخميس، مع بشّار الأسد، أكثر من محاولة بائسة لتلميع (وإعادة تأهيل) زعيم مافيا إجرامية وسفاح لئيم، يقدّم نفسه رئيس نظام حكم في دولة. ومن ركّز في نبرة أسئلة مجري الحوار وطبيعتها لوجد أنها تحيل إلى اتهاماتٍ في حقّ الأسد وحقّ نظامه بطريقةٍ ودِّية وسطحية، بل وتبريرية كذلك، ثمِّ إعطائه، من دون تحدٍّ ولا متابعة، فسحة التلفيق وتزوير الحقائق والأحداث، تاريخاً وواقعاً ومسارات، وقد كان الرئيس الطاغية كان أشدّ بجاحةً وصلافة في  المقابلة.

لم يكتف الأسد بإنكار حقيقة الواقع الكئيب والكارثي في سورية ومسؤوليته فيه وعنه، بل إنه تولى كبره عبر محاولة إعادة كتابة تاريخٍ معاشٍ لا يزال في سيرورة، وموثق صوتاً وصورة. بعد قرابة 13 سنة على اندلاع الثورة السورية، لا يزال الأسد يصرّ أن جرائم نظامه الطائفي بحقّ شعبه إنما تندرج في سياق “الدفاع عن المصالح الوطنية السورية”. بالنسبة له، المستهدف هي سورية ومواقفها وليس هو بشخصه. بمعنى أن نزول السوريين إلى الشوارع ليس أكثر من مؤامرة تستهدف البلد وما يسمّى “محور الممانعة”. ومن ثمَّ لا عجب في أنه اعتبر من تظاهروا ضد حكمه لم يزيدوا على “مائة ألف ونيّف”. ولا عجب أن يماهي كل من يعارض طغيان نظامه واستبداده بـ”الإرهابيين”. وهكذا، يكون استمراره على رأس النظام انتصاراً لسورية وهزيمة لأعدائها. أما قتله مئات الآلاف من أبناء شعبه، وتدمير البلد، وتشريد الملايين من أهلها بين نازحين ولاجئين، وحالة البؤس والفقر والحرمان التي يعيشها السوريون، فهي أثمانٌ مستحقّة ومبرّرة في مخياله السقيم.

يختلفون في كل شيء وعلى كل شيء، إلا عندما يتعلق الأمر بالدوْس على حقوق شعوبهم ورفض احترام إنسانيتهم

تمثّل المقابلة التلفزيونية محلّ الحديث هنا تعبيراً جليّاً عن تعاضد نظام القمع والتخلف الرسمي العربي. لا يتردّد هذا النظام الفوضوي والإجرامي في جوهره في تناسي خلافاته وتجاوزها في سبيل وأد أي بارقة أملٍ للحرية والديمقراطية والكرامة عربياً. يختلفون في كل شيء وعلى كل شيء، إلا عندما يتعلق الأمر بالدوْس على حقوق شعوبهم ورفض احترام إنسانيتهم. ولا يهم هنا إن اضطر هؤلاء إلى الاستعانة بالأجنبي من أجل سحق أي مطالب شعبية محقة ومشروعة. من ثمَّ، حسب مقاربة بشّار، الروس والإيرانيون الذين يفتكون بالشعب السوري حلفاء لا أعداء ما داموا يدعمون نظامه. وعلى الضفة الثانية، أنظمة عربية أخرى ترى في أميركا والغرب، وكذلك إسرائيل، حلفاء لهم، لا يعنيهم ما يرتكبونه من جرائم وفظائع بحق الأمة العربية. هم شعث ومحاور متضادّة في المبادئ والمواقف والمصالح والتحالفات، إلا أنهم يدٌ واحدةٌ ضد الإنسان العربي المنكوب بهم.

قدّم بشار بعض “الوعظ” عن عيوب التنسيق في جامعة الدول العربية، وكيف ينبغي مواجهة آفة المخدّرات، التي تؤكد تقارير دولية أن نظامه يرعى صناعتها وتوزيعها إقليمياً ودولياً، ولم ينس التلويح بفزّاعة “الإرهاب”، التي لا تستثني المطالبين بحريتهم واحترام آدميتهم بوصفهم بشرا. وهو، بكل تأكيد، وجد آذاناً صاغية لدى نظرائه في الأنظمة العربية القمعية، فما يوحّدهم في الحرب على شعوبهم أكبر من افتراق ولاءاتهم وحساباتهم. من أجل ذلك، تجد هؤلاء معنيين بإعادة بشّار إلى حظيرة ديكتاتورياتهم. ومن أجل ذلك أعطي تلك المساحة التلفزيونية ليبثّ سخافاته وأكاذيبه، فهي سخافاتٌ وأكاذيبُ هم جميعاً شركاء فيها.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts