بعد “دموع التوجيهي”.. خبيرة تربوية: لا نريد أجيالاً مهزومة من الداخل

بعد “دموع التوجيهي”.. خبيرة تربوية: لا نريد أجيالاً مهزومة من الداخل

عمّان – البوصلة

عبّرت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن رفضها الشديد للدور الذي بات يلعبه الإعلام ومواقع “التواصل الفوضوي” لاسترضاء طلبة التوجيهي على الرغم من تقصيرهم في بعض الأحيان، مشددةً في الوقت ذاته على أننّا لا نريد أجيالاً مهزومة من الداخل وتستسلم عند أول مطبٍ في حياتها، لا سيما بعد انتشار مقاطع بكاء طلبة توجيهي بسبب حرمانهم من تقديم الامتحان لتأخرهم عن المواعيد المحددة.

وقالت عربيات: “إنّ الأجيال تتغير بمرور الأيام، وهذا أمرٌ طبيعي، نتيجةً لتغيُّر ظروف الحياة ونتيجة للتطور التكنولوجي ونتيجة لأسباب عديدة تعمل على تغيير أسلوب الحياة وطرائق التفكير، لكن أن يصلَ بنا الحال إلى تمييع العملية التعليمية والتربوية من أجل إرضاء الطلبة، خصوصاً طلبة الثانوية العامة “التوجيهي” والذين انصبَّ عليهم اهتمام الوزارة والمدارس وأولياء الأمور منذ سنوات، وكأنَّ التعليم فقط توجيهي، أمرٌ مرفوض كلياً، لأنَّ الطالب الذي نريد يمرُّ بمراحل دراسية عديدة لا تقلُّ أهمية عن التوجيهي، بل ربما تكون أكثر أهمية”.

المستشارة بشرى عربيات: إنَّ الطالبَ الذي نريد، أن يكون طالباً متعلماً، مثقفاً، سلوكه يشير إلى حُسن تربيته، قوياً غير مهزوم نفسياً

الطالب الذي نريد؟

وتابعت عربيات بالقول: “إنّ الطالب الذي نريد، يعتمد إعتماداً كلياً على المعلم الذي نأمل أن يكون مربياً قدوةً بالدرجة الأولى، ومعلماً متمكناً من المبحث الذي يقوم بتدريسه بدرجة لا تقلُّ أهمية عن كونِهِ مربي، وكذلك يعتمد على المدرسة التي نريد فعلاً أن تحققَ الهدف التربوي والتعليمي، إضافةً إلى الأنشطة التي تعمل على بناء شخصية الطالب، ولا تكتفي بكونها مسبح أو مسرح”.

ولفتت إلى أنَّ “عملية بناء الإنسان من أصعب الأشياء، وتبدأ هذه العملية في داخل الأسرة وتكتمل في المدرسة، لذلك لا بدَّ من وجود تعاون ما بين الأسرة والمدرسة لتكتمل عملية البناء، بحيث لا يكون هذا البناء مشوَّهاً  كما نلاحظ ذلك في السنوات الأخيرة، لأن استرضاء طلبة الثانوية العامة من خلال اللقاءات على الفضائيات ومن خلال الأخبار المنشورة لا تبني إنساناً، ولا تبني أوطاناً”.

وأضافت بالقول: “على سبيل المثال لا الحصر، أعلنت وزارة التربية والتعليم قبل أيام أن القاعات مفتوحة للطلبة الساعة التاسعة صباحاً وأن الإمتحان يبدأ في تمام الساعة العاشرة، وأنه لا يوجد مجال لدخول طالب التوجيهي القاعة في حال مجيئه متأخراً، ولكن حصل أن جاء البعض متأخراً وتمَّ حرمانهم من دخول القاعات، وبسبب مواقع التواصل الإجتماعي الذي أصبح مصدراً للفوضى الإجتماعية، انتشرت فيديوهات بكاء ونحيب لهؤلاء الطلبة! هذا المشهد هو الذي يؤكد على ضرورة طرح فكرة من هو “الطالب الذي نريد”، تُرى هل نريد أجيالاً مهزومة من الداخل؟ هل نريدُ أجيالاً تستسلم عند مصادفة أول مطبّ في هذه الحياة؟ أم ماذا نريد؟!”.

إقرأ أيضًا: عربيات: التعليم ليس “توجيهي” فقط وحان وقت الالتفات للمراحل الأساسية

وأشارت عربيات إلى أنّه قبل سنة ونصف شكى طلبة التوجيهي من ضيق الوقت في أحد الإمتحانات، وعندما ناقشنا ذلك على إحدى الفضائيات قلتُ في معرض الحديث أنَّ هذا الجيل “مدلَّل ” لأن الوقت هو جزء مهم من الإمتحان، ذلك لأن الإمتحان يفقد قيمته إذا تمَّ إعطاء أربع ساعات – على سبيل المثال – لامتحان لا يحتاج أكثر من ساعتين حينئذٍ أُثيرت ضجة كبيرة من بعض المعلمين على وسائل التواصل الفوضوي، وكأنَّ ما قلته جريمة في حق الطلبة، ولم يدرك هؤلاء أني لا أتحدث عن طلبة ذلك العام تحديداً، لأن كلمة (جيل) تعني حقبة زمنية وليس عام واحد! المهم في الموضوع أننا لا نأمل أن يكون طلبتنا مهزومين نفسياً واجتماعياً، إذ أن الهدف من التربية والتعليم أسمى من ذلك فعلاً

ونوهت الخبيرت التربوية إلى أنّه قبل حوالي خمسة وعشرين عاماً، قامت إحدى معلمات التوجيهي بحرمان طالبة من التقدُّم لامتحان الوزارة بسبب غيابها المتكرر – فقد غابت الطالبة ما يقارب ثمانية وأربعين يوماً خلال الفصل الدراسي، أي نصف الفصل! ولكن حدث خلاف حينئذٍ مع أحد الأطراف التي كانت تحظى بهدايا وعطور من والدة الطالبة! وتفاقم الأمر وتمَّ التحقيق من قِبَل الوزارة، خلاصة الأمر أن ليس هذا الطالب الذي نريد، نعم لا نريدُ طالباً راشياً أو مرتشياً، لا نريدُ طالباً ضعيف الشخصية، لا نريدُ طالباً توجهه الرياح أينما اتجهت!

وختم عربيات حديثها بالقول: “إنَّ الطالبَ الذي نريد، أن يكون طالباً متعلماً، مثقفاً، سلوكه يشير إلى حُسن تربيته، قوياً غير مهزوم نفسياً، يحترم نفسه ويحترم الآخرين، ما عدا ذلك لا يلزمنا، لأنَّ أساس بناء الأوطان هو بناء الإنسان، وللحديث بقية”.

نتألم لدموعكم

وكانت وزارة التربية والتعليم، دعت طلبة الثانوية العامة “التوجيهي” إلى الحضور إلى مركز الامتحان قبل موعد كافٍ من بدء الجلسة الامتحانية.

وقال مدير مديرية التعليم العام، الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم‏ أحمد المساعفة في منشور له على فيسبوك: ” فلذات أكبادنا وبُناة مستقبلنا.. رجاءً رجاءً رجاءً.. الحضور إلى مركز الامتحان قبل موعد الامتحان بوقت كاف.. خذوا بحسبانكم ظروف الطريق، والذي لا إله غيره أننا نتألم حين نرى دموعكم بسبب عدم دخولكم مركز الامتحان لتأخركم عن موعده المحدد”.

وطالب المساعفة طلبة التوجيهي بتقدير موقف الوزارة وضرورة الالتزام بتطبيق التعليمات الناظمة للامتحان على الجميع، التي تكفل تحقيق مبدأ العدالة بين الطلبة.

وأشار المساعفة إلى أن تحديد موعد الامتحان في تمام الساعة العاشرة لتمكين جميع الطلبة من حضور الجلسة الامتحانية في موعدها.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تسلط الضوء على “ركائز ثلاثيّة الأبعاد” للارتقاء بالعملية التعليمية

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: