تحذيرات من تفاقم أزمة المديونية وضرورة مواجهتها باستراتيجيات عاجلة

تحذيرات من تفاقم أزمة المديونية وضرورة مواجهتها باستراتيجيات عاجلة

عمّان – رائد صبيح

في الوقت الذي حذرت فيه منظماتٌ دولية مطلع شباط الجاري من خطورة تفاقم الأزمات العالمية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي وازدياد الأوضاع المالية سوءًا لكثيرٍ من دول العالم بسبب انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من أزمات المناخ والصحة، تواصل المديونية الأردنية ارتفاعها بشكلٍ كبيرٍ جدًا مترافقًا مع عجزٍ في الموازنة العامّة التي صادق عليها مجلس النواب مؤخرًا، ويرافقه كذلك عجزٌ آخر لعله أسوأ عدم وجود حلول إستراتيجية حقيقية لمواجهة ذلك، بحسب مراقبين.

من جانبه حذر الخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي من أنّ الأوضاع الاقتصادية والأرقام التي وصلت لها المديونية في نهاية 2022 تتطلب حلولًا اقتصادية عاجلة، محذرًا في الوقت ذاته من أنّ الحلول المتمثلة بالضرائب والجبابة وصفقات صندوق النقد الدولي غير مجدية وهي التي أوصلتنا لهذا الحال.

إقرأ ايضًا: البشير لـ “البوصلة”: تمرير الموازنة مخيب للآمال وتكريسٌ لأزمة المالية العامّة

وقال الشوبكي: “إنّ اجمالي الدين العام للأردن وصل الى 54 مليار دولار في نهاية العام 2022، مرتفعاً 38 مليار دولار وبنسبة 238% منذ العام 2010″، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ “الضرائب والجباية وصفات صندوق النقد نتائجها سلبية مع نسب فقر وبطالة تاريخية، والأمر ملحٌ لعلاج جراحي”.

بدوره طالب الصحفي حازم عياد بضرورة “الاستعداد لأزمة غذاء عالمية” في سياق تعليقه على تقارير المنظمات الدولية مطلع الشهر الحالي، مؤكدًا في الوقت ذاته على انّ الأمر يتطلب طرح خطط وطنية للتخفيف من وطأتها قبل ان تتحول الى ديون بفوائد عالية تقود الى مزيد من التضخم، والانهيار الاقتصادي في العديد من الدول، خصوصا  العربية الفقيرة التي باتت مطالبة بإستراتيجية تحسن مناعتها السياسية أمام شبح التضخم والمديونية، وضغوط تتجاذبُها فيه القوى المتصارعة دوليًا، فالعام المقبل لن يكون بأفضل من الذي سبقه.

الأمن الغذائي وشبح التضخم والمديونية

وقال عياد في مقالته بصحيفة “السبيل” إنّ البيان المشترك لرؤساء منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة التجارة العالمية حذر بشأن أزمة الغذاء والأمن التغذوي العالمية خلال اجتماع مسؤوليها في 8 شباط/ فبراير الحالي، من ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الامن الغذائي بعد ان اجتماع تعطل سلاسل الإمداد، وتغير المناخ، وأزمة جائحة كورونا، وتشديد الأوضاع المالية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، والحرب في أوكرانيا في مدى زمني قصير منذراً بأزمة غذاء عالمية.

إذ أشار المجتمعون في بيانهم الى تقرير برنامج الأغذية العالمي الذي لفت الى معاناة 349 مليون شخص في 79 بلدا من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وارتفاع معدل انتشار سوء التغذية في ظل توقعات بانخفاض الإمدادات الغذائية العالمية إلى أدنى مستوى لها في 3 سنوات في 2022/2023.

إقرأ أيضًا: عايش لـ “البوصلة”: هل تملك الحكومة ترف التنازل عن رفاهيتها والتوقف عن استفزاز الأردنيين؟

ولفت عياد إلى أنّ الأرقام والتوقعات تشير الى أزمة يُتوقع ان تتفاقم؛ بفعل تراجع القدرة الإنتاجية لأوكرانيا التي فاقت خسائرها في البنية التحتية والصناعية والزراعية والبشرية المنتجة التريليون دولار، علما ان اوكرانيا تحتلّ: المركز الأول عالمياً في صادرات دوار الشمس وزيته، الخامس عالميّاً في تصدير القمح، الرابع في إنتاج الشّعير، الخامس في إنتاج الذرة، غير أن تراجع قدراتها الإنتاجية بات حقيقة أشار لها تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بعد تسعة أشهر من الحرب.

وشدد على أنّ “أزمة الغذاء لا تقتصر على الإنتاج، بل على سلاسل التوريد والتصدير وارتفاع اسعار النقل والاسمدة والعقوبات الدولية والحروب التجارية المستعرة في مجال التمويل والإنتاج والتوزيع، والذي عمدت العديد من الدول إلى الاستعداد له”.

أرقام خدمة المديونية أمرٌ كارثي

وكان الخبير الاقتصادي محمد البشير عبّر  في تصريحاته لـ”البوصلة” عن خيبة أمله الكبيرة من تمرير النواب للموازنة العامة، دون تصحيح المسار الاقتصادي الذي يكرس الأزمة الاقتصادية المستمرة بسبب السياسات الاقتصادية التي يمارسها تحالف السلطة ورأس المال بمباركة المجلس التشريعي والذي أصبح ظاهرًا للعيان أنهم جميعًا مستفيدون ولمصالحهم الخاصة على حساب الوطن والمواطن.

وعبر عن أسفه من أن تمرير الموازنة مخيب للآمال كما هو متوقع، كما هو تكريس لأزمة المالية العامة بازدياد المديونية وانعكاسها مباشرة، يعني عندما نرى ١٦-١٧٪ من النفقات الجارية هي لخدمة المديونية فهذا شيء كارثي، وعندما نرى ٧٠٪ من النفقات الجارية هي الرواتب ومشتقاتها وللطبقة الأولى من المتنفذين في السلطة التنفيذية، فهذا تكريس لكارثة مستمرة.

وتساءل البشير: “هل من المعقول أن ندفع لخدمة المديونية أكثر ممّا ندفع لصندوق التقاعد؟ نحن دولة أردنية عمرنا مائة سنة وفاتورة خدمة الدين العام أكثر من فاتورة التقاعد؟ وهذا شيء فظيع سببه السياسات المالية والسلطة التنفيذية والسياسيون الذين يديرون بلدنا؟”.

إقرأ أيضًا: وسط ارتفاع نسب العجز والمديونية.. “الرياطي” يدعو الحكومة لخطة إصلاح اقتصادي عاجلة

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: