د. منذر الشحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

خيار العرب بين القواعد العسكرية ووصفة غزة

د. منذر الشحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بلغ ضعف العرب حدا جعلهم يتسابقون في استجداء القواعد العسكرية الأجنبية على أراضي بلادهم إن لم ترَ الدول الأجنبية ابتداءً ضرورة فرض قواعد في بلد من بلدانهم لضرورة استراتيجية في موقع جغرافي حساس.

القواعد العسكرية ليست كرنفالا سياحيا يجلب الرفاه لدولة يعرض فيها، وليست معرض كتب عالميا يُكسِب الدولة المضيفة أرباحا مادية وشهرة عالمية أو إقليمية، القواعد العسكرية هي الاسم الحديث لحركة الاستعمار العسكري الذي أخرجته الشعوب الحرة بالأمس بقوة السلاح، فأنعم الله عليها بسياسيين ذوي تفكير عصري أعادوه بقوة الحجة وبتوقيع البرتوكولات التي تلتزم بموجبها دولة القاعدة العسكرية بحماية المضيف بل بالاعتداء على خصومه إن اقتضت الضرورة، مقابل تصرف هذه القواعد في مكان وجودها وكأنها في بيتها!!

القواعد العسكرية تكلف الدول الاستعمارية أموالا طائلة لا حصر لها، وهي بإنفاقها لا تمثل جمعية خيرية ولا تؤسس شركات غير ربحية، إنها تشكل الوجه الاستعماري المجمّل في عيون الدول الضعيفة، فهي ليست مظاهر عسكرية أجنبية تظهر في شوارع المدن، وليس لها قيادات عملياتية ظاهرة للجمهور ولا تقف على حدود الدولة المستهدفة، إنها قواعد في أطراف الدول والأماكن الخالية فيها، وإن لزم الأمر فهي تحت الأرض حسا أو معنى.

كانت فكرة القواعد العسكرية الأجنبية مرفوضة بالجملة من قبل المثقفين وقادة الرأي، إلى أن اشتعلت المنطقة بنار العداوات البينية العربية أو عداوة العرب للصهاينة، فصار بعض المتفيقهين يجدون تخريجا لشرعنة وجود هذه القواعد على أراضيهم، لقد دفعت بعض الدول مليارات الدولارات لأمريكا لتُبقي على قاعدتها في مكانها بعد أن دفع خصومها مليارات لإقناع أمريكا بأن تنقل هذه القاعدة إلى دولهم، أما اليوم فقد أحس بعض من أخذتهم الشفقة على حال دولهم بضرورة التفكير في سبيل حمايتها من عدوها، فبدؤوا يطرحون على الطاولة تبريرا لوجود القواعد الأمريكية -الموجودة أصلا- في ديارهم بدعوى أن البلد يتعرض لخطر الاستفراد به، وأنه لا قبَل له بمقاومة خصومه من الصهاينة وغيرهم منفردا، لقد نسي هؤلاء، وهم الكارهون للاستعمار مثلنا المحبون للاستقلال مثلنا، أن الخوف الذي يأكل قلوبهم على الديار لن يتبدد بدخولنا في جوار دولة هي الراعية الرسمية للغول الذي نخشاه، وهي المزود الرئيس له بالمال والعتاد الذي يحرق به الأخضر واليابس في غزة، فمنذ متى كانت أمريكا ترقب فينا إلاّ أو ذمة ؟ ومنذ متى كانت تقيم لنا وزنا ونحن الضعفاء وهي القوية ؟ ونحن الذين أفقرتهم لنبقى محتاجين لفضلها، وأذلتهم لتبقى سيدة علينا.

 أصحاب هذا الطرح،وهم ممن أُحبهم ولا أشك في ولائهم للبلد ولا أشكك في حرصهم عليه، دفعتهم عاطفتهم إلى التفكير في وسيلة للحفاظ على البلد فهربوا من الدلف ليقفوا تحت المزراب، ويذكرني طرحهم بحال سبع دول عربية خاضت ما يسمى حربا في عام ١٩٤٨م لدفع اليهود عن فلسطين، ولم تكن حربا، لقد كانت انتحارا أضاع فلسطين وأضاع معه هيبة العرب، وكلمة السرّ في هذا الضياع كانت (كلوب باشا) الإنجليزي الذي قاد الحرب عسكريا، ولا أدري كيف فات العرب مجتمعين أن قائدا عسكريا منحت دولته اليهودَ فلسطين في وعد بلفور لا يمكن أن يقود العرب للانتصار عليها وإفشال مشروعها؟!

تلك هي حكايتنا، فعلاقات العرب مع أمريكا إستراتيجية، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنها لن تقدمهم على ربيبتها ولن تحميهم منها عندما يجد الجد، وأن قواعدها وقواعد أوروبا الموجودة في ديار العرب طولا وعرضا لن تكون إلا للحفاظ على أمن “إسرائيل”.

وحدها المقاومة، وحدها لغة العزة، وحدها غزة هي القاعدة العسكرية الموثوقة التي مرغت أنف أمريكا في التراب عندما كسرت ظهر الجيش الذي زعم يوما أنه لا يُهزم.

إن الوصفة المضمونة لاسترداد هيبتنا هي أن نكفر بالعلاقات الإستراتيجية مع عدونا الحقيقي وأن ندعم المقاومة بالمال والرجال، فلو وقف العرب مع غزة بقوة وصدق ودون مواربة وقفة جدّ لكتبوا لأنفسهم الحرية الحقيقية ولولّت القواعد العسكرية الأجنبية وجهها إلى ديار ليس فيها غزة ولا المناصرون لها ولا السائرون في ركاب عزتها، وإلى أن يقتنع العرب بهذا أخشى أن يكون قد فات الأوان.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts