عمّان – البوصلة
أكد أستاذ المعاملات الإسلامية الدكتور عبدالمجيد ديّة على الأهمية الكبيرة التي يجب أن يوليها حجاج بيت الله الحرام خلال أدائهم لمناسك الحج لخلق الصبر والتحمّل، لا سيما مع ما يبذلونه من جهدٍ كبيرٍ في الطواف والسعي والوقوف بعرفة في أجواءٍ شديدة الحرارة كثيرة الزحام، الأمر الذي سيجعلهم يعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم فلا يبقى في صحائفهم سيئات بعد أن يتقبل الله سبحانه وتعالى حجهم.
وقال الدكتور عبدالمجيد ديّة في تصريحاته لـ “البوصلة“: إنّ الحاج لبيت الله الحرام مطالبٌ ببذل الوسع والطاقة والصبر والتحمّل حتى يحقق مراد حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من حج فلم يرفث ولم يصخب عاد كيوم ولدته أمّه”.
وأكد أنّه “يجب على الحاج أن يصبر على هذه الطاعة بما فيها من مشقة، ويحرص كل الحرص على أن يؤديها بفرائضها وواجباتها وسننها وأركانها”.
وأضاف أنه في هذه اللحظات حيث يتحرك الحجيج من كل مكانٍ في هذه الأرض إلى بيت الله لأداء فريضة من فرائض الإسلام وأداء ركنٍ من أركانه، وهو ركن الحج، فإنّ على كل حاجٍ أن يستشعر المعاني الكثيرة جدًا التي تحملها هذه الفريضة، فكل ركن من أركانه وكل فريضة وسنة من سننه لها معنى من معاني الإسلام العظيمة.
ونوه دية بالقول:فالنية والتلبية لها معاني، والتجرد من الدنيا، والإقبال على الله سبحانه وتعالى، ولبس الإحرام له معنى بالتجرد من الدنيا والإقبال على الله، والمساواة بين جميع البشر والخلق في العبودية لله سبحانه، وكذلك الطواف في الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، وتذكر تضحيات هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وتذكر كيف ضحت وضحى زوجها إبراهيم عليه السلام، درس التضحية عندما أراد سيدنا إبراهيم أن يسافر، فقالت له أتتركنا هنا يا إبراهيم، وعندما أخبرها أنّ الله أمره، كان موقفها موقف المراة الصابرة المحتسبة: إذا كان الله أمرك فاذهب فإنّ الله لن يضيعنا.
وأضاف، أنّ الوقوف بعرفة، أيضا والاعتراف لله بالذنوب والمعاصي، والطلب من الله سبحانه وتعالى المغفرة، هو من إحدى المعاني.
ولفت إلى أنّ رمي الشيطان بالجمار فيه دلالة على الحرب على هذا الشيطان الذي يغوي الإنسان، وكل هذه الأمور لها معاني والأصل أن يأتي بها الحاج وأن يتحمّل ويصبر، لأنّ هذه العبادة والطاعة بحاجة لصبر وبحاجة لتحمّل وهي صبرٌ على الطاعة، وصبرٌ عن المعصية.
الصبر والتحلل من الحقوق
وشدد أنّ على المسلم عند أدائه فريضة الحج فعليه أن يصبر، وكما ورد في الحديث: من حج فلم يرفث ولم يصخب رجع كيوم ولدته أمّه، فلا يؤذي الآخرين بكلمة نابية، ولا يؤذي الآخرين بجارحة، بل يصبر على هذه الطاعة بما فيها من مشقة، ويحرص على أن يؤديها بفرائضها وواجباتها وسننها وأركانها، وليحرص على الحرص.
واستدرك ديّة بالقول: وقبل كل ذلك قبل أن يغادر من بلده عليه أن يتحلل من حقوق العباد، فإن كان عليه دين فعليه أن يؤديه لأصحابه، أو يطلب منهم المسامحة لأنّه يريد الذهاب للحج، فإذا رجع فإنّه سيؤدي دينه له، فيطلب و يستأذن إن كان اقترض من إنسان دينًا فلا يكون مماطلاً بسداده، وعليه التحلل والسماح من العباد حتى يسامحوه وليذهب وقد تحلل من حقوق العباد، لأنها لا تسقط عن الإنسان بالحج، وهنا نؤكد على أنّه يجب على الحجاج أن يراعوا حقوق العباد ويطلبوا منهم المسامحة.
الإكثار من العمل الصالح
وقال إنّ الحجيج عليهم أن يكثروا من العمل الصالح، فكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء.
وأوضح أنّ العمل الصالح لا يقتصر على أداء مناسك الحج، وقد يكون أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وصدقات، ودعاء لله سبحانه وتعالى، وإصلاح ذات البين، والأعمال الصالحة كثيرة وليست محصورة في العبادات القاصرة مثل الصوم والحج والصلاة، بل تمتد لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة.
وختم ديّة حديثه لـ “البوصلة” بالقول: هذه الأعمال الصالحة، مفهوم شامل للإسلام فكل عمل يحبه الله عز وجل يعتبر عملاً صالحًا ويعتبر عبادة لله تبارك وتعالى، والأصل أنّ الإنسان يوسع هذا العمل، وينتقل من الأعمال القاصرة إلى الأعمال المتعدية التي يتعدى نفعها لأمّة الإسلام ويساهم في بناء الأمّة بمفهوم العبادة الواسع الشامل الكامل.
(البوصلة)
