رمضان يجمعنا.. هكذا يفوز المسلم بالسعادة عندما يجعل همّه الآخرة (شاهد)

رمضان يجمعنا.. هكذا يفوز المسلم بالسعادة عندما يجعل همّه الآخرة (شاهد)

عمّان – البوصلة

يسلط أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في حلقته الثالثة من سلسلة “رمضان يجمعنا” التي تبث “البوصلة” حلقاتها على مدار الشهر الفضيل على أهمية أن يربط المسلم همومه بالآخرة حتى ينال السعادة في الدنيا والأخرة، ويستغل ليالي الشهر الفضيل في طاعة الله سبحانه بعيدًا عن التنازع على حطام الدنيا.

وقال الدكتور الشحروري: “في ليلة رمضانية كريمة ما أجمل أن نصل حبالنا بالله عز وجل وأن تكون الدنيا آخر همّنا، وتكون الآخرة هي همّنا الحقيقي، لأنّ من فعل ذلك والله كسب كثيرًا”.

وأضاف أن “من كانت همّه الآخرة، جعل الله غناه بين عينيه وكفاه همّه، هكذا جاء في الحديث الصحيح” مستدركًا: أمّا إذا كانت الدنيا همّنا، فإننا لن نشبع منها ولن يأتينا منها إلا ما كتب الله لنا ولكننّا سننغص على أنفسنا كثيرًا ممّا يمكن أن يكون من سعادتنا لو كنا في حياض الله.

ويتابع حديثه بذكر الحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلّا ما قدّر له.

ويتابع بالقول: “أذكر هذا المعنى وهذا الحديث الصحيح وأنا أستمع لأهل الدنيا يتنازعون عليها،انظر كيف يغدر الأخ بأخيه لأجل الدنيا وحطامها ومنزلتها ومن أجل رتبة من رتبها. يكره الأخ أخاه ويغدر به وينتقص منه، بينما هذه الدنيا لا تصفوا لمن كان قلبه أسود ومن ضمر الشرّ للناس”.

وأضاف، “لقد بشر رسولنا صلى الله عليه وسلم رجلاً بالجنة فعندما سألوه عما يفعل قال أنا لا أبيت في صدري غل ولا حقد على مسلم، لماذا لأن غايته الله ولأنه يريد الدار الآخرة ولا يريد الدنيا”.

وقال الشحروري: نحن نصوم والله عز وجل قال لعلكم تتقون فما التقوى إذا لم تكن الدنيا دار ممرٍ بالنسبة لنا والآخرة التي هي دار المقر عمادنا ومقصدنا الحقيقي، والله يا إخوة عندما نضع في حسباننا أن هذه الدنيا زائلة ونحن ندفن الميت العزيز علينا ونجعل من فوقه التراب، ألا تخطر هذه المعاني ببالنا، فأين العز الذي كان فيه، وأين السيادة، وأين الخدم والحشم وأين الحرس وأين الأجهزة.

وتابع بالقول: هذا كله مضى وانقضى ولن ينزل معه إلى قبره إلّا عمله، فلن ينزل معه قبره إلا سيرته فإن كان من أهل القرآن مكث القرآن معه في قبره يؤنسه إلى ان تقوم الساعة، وإن كان من أهل الدنيا فلننظر ماذا ستنفعه الدنيا.

ويوجه الشحروري رسالة: أيها الإخوة حطام الدنيا زائل، والمال زائل، والصحة زائلة، وكل ما يتنعم به أهل الدنيا زائل، فيؤتى بأشقى أهل الأرض من أهل الجنة فيغمس غمسة في الجنة ثم يسأل هل رأيت شقاءً قط فيقول لا والله يا رب، فينسى شقاءه بغمسة واحدة في الجنّة، وذاك الذي كان أنعم المتنعمين في الدنيا عندما يغمس غمسة في النار، يسأل هل ذقت نعيمًا قط فيقول لا والله يا رب ما رأيت نعيما قط فينسى حليب أمّه وما تنعم به في الدنيا، وهناك ما يدخره الإنسان لآخرته في دنياه.

ويشدد على أنه لا بدّ أن تكون الآخرة همنا فلا نتنازع على حطام دنيا زائلة ولا نقتل أنفسنا ولا غيرنا من أجل حطام هذه الدنيا الزائلة، إذا استحضرنا هذه المعاني فلقد فهمنا معنى الصيام وأن نكون متقين لله في أقوالنا وأفعالنا وحركاتنا وسكناتنا وتربيتنا لأولادنا وفي تجارتنا وفي وظيفتنا وفي تعهدنا لزوجاتنا وأخلاقهن ومأكلهن ومشربهن.

“وفي سلوكنا مع الله والشجر والحجر والطير وكل شيء يسبح مع الله ولا نفقه تسبيحه ، إذا كنا أصدقاء لهذا كله في سبيل الله، وكنا عبادًا لله حقيقيين فسنبعد عن عبودية العبيد الذين تسترقهم شهواتهم وتسرقهم اطماعهم في الدنيا، فتغفل أنفسهم عن طاعة الله وتقوى الله، حتى يبغتهم الموت، ساهين لاهين مضيعين غافلين، نسأل الله العافية”.

فلتكن الآخرة همّنا فإن الله سيصلح لنا دنيانا ويصلح لنا آخرتنا بهذه النية، وسنعرف معنى السعادة التي يعرفها أهل الدنيا ورحم الله العارفين به الصالحين الذين كانوا يستشعرون حلاوة إيمانهم والتزامهم وفهمهم للتقوى، فيقولون: نحن في سعادة لو علمها الملوك لقاتلونا عليها في حد سيوفهم، مستدركًا بالقول: “أتدرون لماذا لأنهم يفتقدونها”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: