رمضان يجمعنا.. هل يجب على الحكومة التدخل لنتراحم فيما بيننا؟ (فيديو)

رمضان يجمعنا.. هل يجب على الحكومة التدخل لنتراحم فيما بيننا؟ (فيديو)

عمّان – رائد صبيح

يسلط أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في حلقة جديدة من “سلسلة رمضان يجمعنا” التي تبثها “البوصلة” على مدار أيام الشهر الفضيل، الضوء على مسألة بالغة الأهمية تتمثل في ضرورة تطبيق معاني “الإخوة الإسلامية” خلال أيام الصيام، لا سيما التجار الذين يرفعون الأسعار للسلع الأساسية متجاهلين حاجة الفقراء والمحتاجين وعوزهم.

ويشدد الشحروري على ضرورة أن يرفع المسلمون جميعا في هذا الشهر شعار الهدي النبوي “وكونوا عباد الله إخوانًا”، ليعمّ الخير والبركة والتراحم بين أبناء الأمّة دون الحاجة لكي تشرع الحكومة سيفها لمنع التجار من الجشع والانتهازية ورفع الأسعار بغير وجه حق، بل يكون الدافع للجميع تحقيق “التقوى” التي جاء من أجلها شهر الصيام ويكون التكافل والتراحم نابعًا من داخل كل إنسانٍ فينا.

يقول الشحروري: اليوم وأنا أطالع بعض الأخبار رايت أن الحكومة الأردنية وحدت بعض أسعار السلع الخضرية، فقلت في نفسي هل كان يجب أن تتدخل الحكومة لكي تقطر التاجر أو المزارع أو التاجر لكي لا يتجاوز سعرًا معينًا.

ويذكر الأردنيين بالقول: “نحن في المناسبة بشهر الخير والرحمة والبركة، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة عليه رضوان الله، ويقول فيه: لا تحاسدوا ولا تناجشوا (لا يرفع أحدكم السعر ليغري غيره بالسلعة وهو لا يريد أن يشتريها) ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا (ويشير إلى صدره الشريف ثلاث مرات)، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه”.

ويستدرك: “حصانة عظيمة يكونها هذا التشريع الإلهي بين بين المسلمين في أنفسهم في أموالهم، فما الذي جرى لنا في هذه الأيام، وماذا دهانا؟ وأين ذهبت وكونوا عباد الله إخوانًا”، معيدًا إثارة التساؤل السابق: فعلاً هل كان على الحكومة أن تتدخل لتقف دون جشع بعض التجار مثلا؟

ويضيف: “نحن نعرف أن المزارعين مظلومون وأنهم ضحايا  السمسرة وضحايا التجارة وضحايا السوق، ونعرف أن صغار المزارعين مظلومون ومغبونون؛ لكن في النتيجة تسير الأمور في اتجاه أن يظلم بعضنا بعضًا وأن يغلي بعضنا السعر على بعض في هذا الشهر الذي أمرنا فيه بالتراحم وأمرنا بالتكافل الاجتماعي”.

ويتساءل الشحروري: “ما الذي دهى الأمة الإسلامية، ألم يوصي النبي صلى الله عليه وسلم حبيبه أبا ذر قائلا: إذا طبخت فأكثر المرق حتى يوزع على جيرانه، ألم يوصي عليه السلام أن لا يشمّ رائحة الطعام طفل صغير إلا وأذقناه منه”.

ويقول: أين التكافل الذي كان يعيش فينا وكنا نحقق معانيه في الجوار وفي القرابة النسبية والدين، وأين جو التراحم الذي يسود فينا، ونحن ننتقل من بؤس إلى بؤس ومن فقر إلى فقر، ومن عوزٍ إلى عوز، ومن حاجة إلى حاجة.

أخوة بمواجهة التحديات

ويشدد أستاذ الشريعة الإسلامية على أن الأمّة مدعوة لأن تكون كتفا واحدًا وصفًا واحدًا وكلمة واحدة، وعدوها يزداد شراسة، والتحديات الداخلية والتحديات الخارجية، والحقيقة أنّ هذه الفوارق الطبقية هي التي أصبحت تغذي الحسد بين الناس، وتغذي الحقد والكراهية بين الناس، أما ينبغي أن يكون فينا من التراحم ما يقطع دابر هذا الحسد والضغينة والحقد.

ويحذر من أنّ الأمّة اليوم تواجه بأعتى عدوّ خارجي، فإن لم تكن أهلاً لترصّ صفها الداخلي، إذا لم تستطع أن تتراحم فيما بينها، وإذا لم تستطع أن تكون صفًا واحدًا أمام عدوها، إذن فماذا تفعل، ومتى تفعل هذا الأمر.

ويضيف، يا إخواني معروف أنهم قالوا: أنا وأخي على ابن عمّي وأنا وابن عمّي على الغريب، واليوم نحن خربطنا هذه المعادلات كاملة، واليوم عدونا علينا وأخونا علينا وابن عمّنا علينا، وما الذي دهانا.

ويتابع، رغم أننا مأمورون في أدبيات الإسلام أننا أنا وأخي وابن عمّي معا، وليس هناك أنا وأخي على ابن عمّي، فهي أمثال جاهلية غير شرعية، فنحن لا نلتقي على ابن عمنا ما دام مسلما مؤمنا مهتديا تقيا نقيا.

الجسد الواحد

ويقول: نحن مدعوون جميعا أن نكون معا صفة ولحمة واحدة، فيما يكثر الخطباء الحديث عن الزكاة والصدقات وصلة الرحم والتكافل والتناصح، فهل هذه عبارة عن كلمات تطير في الهواء، أم اننا بحاجة لأن نكرسه.

ويؤكد، التاجر يجب ان يرحم المستهلك، فنحن لا نقول له لا تربح، فقد فتح متجره لذلك، ولكن عليه أن يربح ويتقي الله في المحتاجين، وإذا كان عنده لله حصة، فإنّه هو الربحان.

ويقول الشحروري: ليس الربحان الذي يربح نسبًا كبيرة، لكن الربحان الذي لا يبيت شبعان وجاره جائع، الربحان هو الذي يطعم ابن أخيه قبل أن يطعم ولده، الربحان هو الذي يدخر لاخرته من دنياه، الربحان هو الذي يلبي أمر الله تبارك وتعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في العطف على المسكين والمحتاج والفقير.

ويوضح: نحن أحوج ما نكون إلى هذه المعاني، ولسنا بحاجة غلى سيف الدولة ليكون مسلطا فوق رؤوسنا حتى تتحسن أخلاقنا.

التقوى مبعث المعية

ويستدرك بالقول: لا بل لا بد ان يكون الشرطي في داخلنا، والتقوى ورقابة الله والخوف منه رجاء ما عنده، يجب أن يكون مبعثه داخليًا فينا لأن رمضان شهر التقوى، ولأنه شهر المراقبة، ولأنه شهر المعية.

ويشدد على أن المعية لا تكون حتى تكون فينا معاني الإيثار لا معاني الأثرة ومعاني تقديم الناس على أنفسنا وأبنائنا، لكي يخلف الله علينا ذلك بركة في أعمارنا، وأرزاقنا والله تبارك وتعالى يعطي فضله من يشاء ومن احق من يستحق فضل الله المحسنون الذين يقدمون الناس على أنفسهم (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).

ويختم الشحروري حلقته بالقول: هذه المعاني لا يجوز أن تبقى شعارات وخطب رنانة أو كلمات على فيسبوك، هذه الكلمات يجب أن تجري فينا روحًا فاعلة نعيش فيها ونموت عليها، نسأل الله أن يجعلنا من المحسنين.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: