عربيات: “اختيار من متعدِّد”.. لكنّه ليس في مصلحة التعليم ولا المجتمع

عربيات: “اختيار من متعدِّد”.. لكنّه ليس في مصلحة التعليم ولا المجتمع

عمّان – البوصلة  

أكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” أنّ كل ما يتعلق بالـ “اختيار من متعدِّد” سواءً في الامتحانات وخاصة الثانوية العامّة أو التشعيب بعد نهاية الصف التاسع إلى أكاديمي أو مهني، لا يصبّ في مصلحة العملية التعليمية وفي النهاية سيضرّ بمصلحة المجتمع.

وقالت عربيات: إنّ ملفّ التربية والتعليم يدور ومنذ سنوات حول امتحان الثانويَّة العامَّة، وكأنَّ التعليم فقط توجيهي، وكنتُ قد أكدت من قبل أنّ التعليم ليس فقط توجيهي، لكني لم ألاحظ أي تغيير أو تعديل على ملف التعليم، وكأنَّ التعليم يقتصر على هذه المرحلة فقط.

نمط أسئلة الامتحانات

وأضافت، أنّ نمط الأسئلة تغيّر خلال جائحة كورونا، وجاءت معظم الأسئلة، إن لم تكن جميع الأسئلة في بعض المباحث، من نمط الإختيار من متعدد، الأمرُ الذي أدى إلى ظهور معدلات المائة لسنواتٍ لحقتها.

وأشارت عربيات، إلى أننا “لو أردنا تقييم هذا النمط من الأسئلة لوجدنا عدة نقاط ، أهمها أنه يمكن لأي طالب أن ينجح حتى لو كان في الصف السابع الأساسي، وحتى لو لم يسمع يوماً بالفيزياء أو الكيمياء، وحتى لو لم يعرف الفرق بين التفاضل والتكامل، بل أخشى عليهم تذوق طعم التخاذل”.  

المستشارة بشرى عربيات: أخشى أن تصلَ الأجيال القادمة إلى جهلٍ مُطبق وأن يصبح التعليم في قائمة الإختيار من متعدد

واستدركت بالقول: لعلَّ من النقاط التي ينبغي أن نذكرها هي أن عملية تحضير هذا النمط من الأسئلة من أصعب العمليات، على الرغم من استهتار البعض بذلك، لكن في المقابل لا ينبغي أن يُعطى الطلبة وقتاً كبيراً عند إجراء الإمتحانات، وإلاَّ فإن الإمتحان سوف يفقد مصداقيته، ناهيك عن فقدان العدالة في النتائج.

وتابعت حديثها: سمعتُ وقرأتُ قبل أيام عن خطوة إنشاء بنك أسئلة للثانوية العامة، ولا أدري لمَ هذا التأخير في إنشاء بنكٍ للأسئلة؟ ولكن السؤال الأهم لماذا الآن؟ لماذا يتم إنشاء بنك للأسئلة بعد اختزال المناهج في المواد الأدبية، وحشوها في المواد العلمية، وفي نهاية المطاف تُختزل الأسئلة لتكونَ من نمط واحد وهو الإختيار من متعدد!.

وتنوه للقول: لقد بدأنا نسمع مؤخراً عن أشخاص يتقدمون لامتحان الثانوية العامة بعد سنين من الفشل، وينجحون، تكون تصريحاتهم لوسائل الإعلام أن التوجيهي أسهل مما كان عليه، أوافق على ذلك فقد أشرت أنه يمكن لطالب في الصف السابع أو الرابع أن ينجح عن طريق التجربة والخطأ.

واستدركت عربيات: ولكن ماذا ستكون مخرجات التعليم بعد سنوات؟؟ وكيف سيكون تأثير هذه المخرجات على الجامعات؟؟ وكيف سيعود خريجي الجامعات ليكونوا معلمين ومعلمات في المدارس؟ إنها حلقات متصلة، تؤثر كلٌّ منها في الحلقة التالية تأثيراً عميقاً، ولو فكَّرنا للحظات، وليس لسنوات، لتوصلنا إلى أن ذلك لا يصبُّ في مصلحة التعليم، وبالتالي فإنه لا يصبُّ في مصلحة المجتمع لأجيالٍ قادمة.

وأضافت أنه وحتى نكون منصفين، علينا أن نعقدَ مقارنةً بين التوجيهي وامتحانات البرامج الأجنبية، إذ لا يمكن أن تجدَ امتحاناً دولياً يعتمد ” فقط ” نمط الإختيار من متعدد ولو كانت هناك بعض الأوراق من هذا النمط فهي امتحانات دون استخدام الآلة الحاسبة، لذلك فإنَّ محاولة تقليد بعض البرامج ليست بالمستوى المأمول، ذلك لأن نمط أسئلة امتحان الثانوية قد تغير مع السماح باستخدام الآلة الحاسبة.

الاختيار من متعدد والتشعيب

وتابعت عربيات بالقول: أريد التحدث عن موضوع التشعيب بعد نهاية الصف التاسع إلى أكاديمي أو مهني، وهنا الإختيار متعدد أيضاً، لكن هذا الإختيار من نوعٍ آخر، إنه اختيار دون تجهيز مسبق لكثيرٍ من المدارس، نتج عنه خلال عامٍ واحدٍ فقط طلبة تبيع الخضروات في الشوارع، لأن مدارسهم المهنية مغلقة أو غير جاهزة لاستقبالهم، وبالتالي يعتبر هذا تسربًا من نوعٍ آخر وما يزال الطلبة في المرحلة الأساسية.

وتنوه بالقول: هنا يجدر بنا أن نوجهَ سؤالاً كبيراً وخطيرا: إذا قام طالب في الصف التاسع ببيع الخضار، فأين تذهبُ الطالبات في هذه المرحلة العمرية في حال عدم جاهزية مدرستها؟ والسؤال الآخر أين أولياء الأمور من هذا؟ أضف إلى ذلك ما مدى جاهزية المدارس الخاصة “التي تقوم بتدريس المنهاج الوطني” لمثل هذا التغيير؟ وهل قامت بتعيين معلمين ومعلمات في تخصصات مهنية؟

وقالت عربيات: لستُ ضد التطوير والتحديث، لكن ينبغي أن يكون ذلك بناءً على أُسس متينة ترفع من شأن العلم والتعليم، فقد قالوا يوماً أن هناك طائر أراد تقليد الطاووس في مشيته، ولم ينجح، فقرَّرَ العودة إلى مشيته، وكانت المفاجأة أنه نسيها.

وختمت عربيات حديثها بالقول: لذلك أخشى أن الإختيار من متعدد في نمط الأسئلة وفي اختيار أي مسار في هذه الحياة، سيجعلنا ننسى لغتنا وثقافتنا وحضارتنا وكثير من الأمور التي تبني الأوطان، وأخشى أن تصلَ الأجيال القادمة إلى جهلٍ مُطبق، لا تعرف الرأي ولا تعرف كيف تُعبِّرَ عنه، ولو نظرنا نظرة فاحصة للجيل الحالي لوجدنا أكثر من ذلك، إذ أنَّ من أكبر الهموم لدى معظمهم الهاتف الخلوي وتوفر الإنترنت أما بالنسبة للتعليم فقد أصبح في قائمة الإختيار من متعدد.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: