كيف يصحح المسلم عقيدته ويحقق الإخلاص لله؟

كيف يصحح المسلم عقيدته ويحقق الإخلاص لله؟

اعتبر أستاذ العقيدة في كلية الشريعة جامعة قطر، الدكتور محمد عياش الكبيسي، مكانة التوحيد من الإسلام كمكانة الروح من الجسد، ولذا كان له بالغ الأثر في الصحابة، حيث أحدث فيهم انقلابا كليا بمجرد نطقهم شهادة التوحيد، واختلفت حياتهم وأفعالهم بشكل كامل بعد الإيمان.

وأوضح الشيخ أن القرآن حدد معاني واضحة لعبارة التوحيد ووضع لها معايير يغفل عنها كثيرون، فهي تقتضي تفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق وملك الكون وتدبير أمره وتصريف شؤونه، ومن ثم فهو المستحق للعبادة والطاعة، فالمالك له الحق في الأمر والحكم والتشريع، والمخلوق مأمور بالاستسلام والانقياد.

وقد خصصت حلقة (2023/4/1) من برنامج “الشريعة والحياة” موضوعها لمفهوم عقيدة التوحيد لدى المسلم وسبل تصحيحها وأهمية إخلاص العبادة لله، وتفنيد المظاهر الشركية في المجتمع.

ويشير أستاذ العقيدة إلى أن التوحيد هو أساس للإيمان والإسلام، كما ورد في حديث جبريل عليه السلام حين أتى للنبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن أمور منها: الإيمان والإسلام والإحسان، حيث تضمنت الإجابة اعتبار التوحيد ركنا من أركانهما.

غير أنه أكد أن استقرار التوحيد لدى المسلم لا يكفي له النطق بالشهادتين، حيث يستلزم الانضباط بسلوكيات وعبادات وتصرفات، تنبثق عن إيمانه بالقلب، لافتا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك الإيمان القلبي وحده، وإنما أتبعه بتقرير نهج الإسلام في العبادات والمعاملات والأخلاق.

ويشير الدكتور الكبيسي إلى أنه كلما انضبط المسلمون في سلوكهم اليوم وتصرفاتهم بتلك التعاليم، كان ذلك دليلا على ارتباطهم بالتوحيد وفهمهم الصحيح له، وحينما يظهر خلل في السلوك بأي شكل فهذا يعني حدوث خلل ما في فهم عقيدة التوحيد، فالإيمان الصادق لابد أن ينبثق عنه عمل صالح.

وفي هذا السياق، حذر الشيخ الكبيسي من خطورة البدعة حتى ولو كانت مصروفة لله، حيث إنها تتعارض مع تفرد الله سبحانه وتعالى بالتشريع، فالعبد المسلم ليس له أن يمارس عبادة ليس لها أصل تشريعي، ولم ترد في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

تصور وخلط خاطئ

ولفت ضيف البرنامج إلى أن هناك خلطا لدى البعض بين علم الكلام والعقيدة، حيث يظن البعض مخطئين أن فهم العقيدة يتطلب الإلمام بعلم الكلام ومباحثه، وهو أمر غير صحيح، فالأخير يعنى بالدفاع عن العقائد الدينية بالأدلة العقلية في وجه المشككين من غير المؤمنين بها.

وأوضح أستاذ العقيدة أن ذلك لا يتعلق بالمفترض على العامة معرفته، مشيرا في هذا السياق إلى كتاب الإمام الغزالي “الجام العوام عن علم الكلام” لافتا إلى أن ما ينبغي على المسلم العادي أن يعتمد عليه، في بناء عقيدته الصحيحة، ما ورد من وحي في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وأشار إلى أن الإشكاليات التي تتعلق بعلم العقيدة والتوحيد تغيرت بتغير الزمان، فعلى سبيل المثال لم تعد الأصنام بشكلها الحجري حاضرة كما في العصور السابقة، وإنما ظهرت “أصنام جديدة” باتت في شكل الآلهة التي تعبد من غير الله، وقد أشار القرآن لها في مثل قوله تعالى “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه..” فقد يعبد الإنسان المصلحة والهوى فيضل عن سبيل الله.

لكن الشيخ أوضح كذلك أن ارتكاب المعصية لا يناقض الإيمان أو ينفيه، ما لم ينكر المرء أمرا مستقرا ومتفقا عليه من العقيدة والشرائع، أو يستهزئ بها، فمرتكب المعصية دون استحلالها أو الاستخفاف والاستهزاء، بنصوص تحريمها، لا يستوي بمن استحلها أو استخف بمنعها وإن لم يرتكبها.

وإلى جانب تحذيره من الممارسات الشركية كالاعتقاد بنفع الموتى وتقديم النذور لهم، حذر الدكتور الكبيسي من ممارسات أخرى شاعت ومن ذلك التأثر بأفكار مخالفة للإسلام، وتقديس الولاة والحكام ورفعهم إلى مراتب الأنبياء.

وتحفظ أستاذ العقيدة على وصف من يزيد من عباداته ويشتد على نفسه في رمضان بأنه “عبد لرمضان” وأن ذلك ينافي الإخلاص، حيث يرى في ذلك خللا في التصور، فشهر رمضان له خصوصيته كما الحال مع موسم الحج ونسكه، ومن ثم فالاجتهاد فيه أمر مشروع، إنما يمكن أن يصدق الوصف فيمن يتجنبون المحارم في رمضان ثم يعودون إليها وينتهكون حرمات الله بعد رمضان.

 الجزيرة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: