د.أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

مجاعة في غزة ومعرض للأغذية في دبي

د.أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

خاطبنا العرب بكل اللغات وبكل اللهجات وبكل العقل وبكل العاطفة، خاطبناهم بالدين وخاطبناهم بالعروبة وخاطبناهم بالإنسانية، منذ خمسة أشهر والكتّاب والخطباء والمفكرون يصيحون: أنقذوا غزة وأهلها، غزة أرضكم وعرضكم وحائط الصد عنكم، إن ذهبت غزة فستذهبون وتتلاشون خلفها، ولا حياة لمن تنادي، إيه، إن من ننادي حي، لكنه يعيش حياة سلبية هي أخطر عليه وعلينا من الموت، فالأخبار القادمة من شمال غزة تنبئ عن مجاعة بدأت معالمها تظهر، فلا طعام ولا ماء ولا دواء، والمؤسسات الدولية تؤكد هذا الواقع وتحذر من استفحاله، في الوقت نفسه يشد العالم رحاله إلى دبي حيث يقام المعرض الخليجي العالمي السنوي للأغذية هناك، وهو معرض تحضره “إسرائيل”، وليست مشكلتي الوحيدة هنا في التطبيع، الذي يضاف إليه هذا العام هذا التحدي العالمي عموما والعربي على وجه الخصوص لمشاعر الغزيين الجائعين ولجمهور الغيورين من المسلمين عموما.

لم يتنادوا لإطعام غزة، لكنهم تنادوا لصناعة المزيد من الغذاء لتحقيق أهدافهم الاقتصادية وهم يظنون أن الاقتصاد سيظل قائما على سوقه إن أبيدت غزة، فليعرضوا ما يشاؤون من إنتاجهم الغذائي فإن مثلهم كمثل من قتل خصمه صبرا، والقتل صبرا هو أن يترك الخصم يشتهي كأس الماء ولقمة الغذاء وهو يأكل أمامه ويشرب حتى تذوي ضحيته فتموت جوعا وعطشا، هكذا يفعلون بأهل غزة مع سبق الإصرار والترصد وهم يدورون في فراغ، منهم من يحتج بعدم سماح الصهاينة بفتح المعابر ومنهم من يتعذر بأنه أرسل معونات ولم يسمح لها بالدخول، أما أوراق الضغط فيفرطون بها، فلا أغلقوا معابرهم دون التجارة العالمية الفاجرة، ولا حجبوا نفطهم، ولا أغلقوا سفارات عدوهم، وهم يضغطون على الشعوب فيمنعون التظاهر حتى في الدول التي تبدي تعاطفها مع الضحايا وتعمل في لب الوساطة لإيقاف الحرب، هذا الكم الهائل من التفريط والتلكؤ في حفظ حياة ما تبقى ومن تبقى في غزة يُشفَع بمعرض للصناعات الغذائية التي يراد لها أن تزيد من تخمة الشبعان وأن يسمع بها الجائع فتزيد من ألمه وحسرته وشعوره بالعزلة التي يمارسها عليه إخوته في العروبة والدين.

أين نحن من إنذار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ” أيما أهل عَرًصة -حي- باتوا وفيهم امرؤ جائع وهم يعلمون فقد برئت منهم ذمة الله” !! والعالم اليوم قرية صغيرة وحَيّ إذا عطس من في طرفه قيل له في الطرف الآخر يرحمكم الله، فهل من رحمة ؟ فلقد ملأ العطاس الجو ولا رحمة، بله استشرى السعال من الأمراض والأوبئة ولا رحمة، ومات الأطفال جوعا وبردا ولا رحمة، والحوامل الخمسون ألفا مهددات بالإجهاض من سوء التغذية وإهمال المتابعة ولا رحمة، وسيق الأبناء أمام أعين آبائهم الشيوخ إلى الأسر في طريق النزوح ولا رحمة.

أيها العارضون صناعاتهم الغذائية، أيها المشاركون في معرض يحضره قتلة أبنائنا وأمهاتنا وأطفالنا، لن يبارك في غذائكم حتى يشبع أهل غزة، ولن تنفعكم صناعاتكم ولا تجارتكم إن لم تديروها بروح الانتماء إلى شرفنا وعروبتنا وديننا، ولن نكون معكم ولا منكم حتى نرى على الأرض آثار إحساسكم بأن المستهدفين بالإبادة في غزة بشر لا أقول مثلكم بل هم أولى منا جميعا بالحياة، لأنهم يدافعون عن وجودنا جميعا وعن مستقبلنا جميعا، فلا اقتصاد ولا سياسة ولا سيادة حتى تنتصر فلسطين ويجتث هذا السرطان الصهيوصليبي من أرضنا ومن وجودنا كله. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts