مستشارة تربوية تحذر من “العدوى السلبية” التي تفتك بالمجتمع

مستشارة تربوية تحذر من “العدوى السلبية” التي تفتك بالمجتمع

عمّان – البوصلة

حذرت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” ممّا أسمته انتشار “العدوى السلبية” في مختلف قطاعات المجتمع وما يترتب عليها من أخطار لا سيما وأنّها تفتك بـ”الأخلاق والقيم” وتدخل المجتمع وأفراده بـ “متاهةٍ فكرية” إن لم يتمّ علاجها.

وقالت عربيات: تتزايد المشاهد والمظاهر المجتمعية، وفي مختلف المجالات، الأمر الذي يدعو الإنسان للحيرة والتساؤل معاً، تُرى هل هناك عدوى سلبية للسلوكيات المجتمعية؟ وما هي أخطار هذا النوع من العدوى على المجتمع بأكمله؟ ذلك لأنها ليست مجرد فيروسات أو بكتيريا منتشرة في الأجواء، هذه العدوى تنعكس سلباً على الجيل الحالي والقادم!

أشكال متعددة للعدوى السلبية

وذكرت عددًا من المشاهدات على انواع هذه العدوى وأولها عدوى استخدام الهاتف الخلوي، محادثةً أو رسائل، في الطريق، سواء كانً مشياً على الأقدام في الشوارع وفي كل الأوقات أو أثناء قيادة السيارة، أمرٌ يدعو للتساؤل، لماذا ومن أجل ماذا؟ وما هي المواضيع التي لا يمكن تأجيلها؟ إذ تراهم سُكارى وما هم بسكارى، يلهو كل منهم بالهاتف، وأتساءل ماذا يمكن أن يحدث لهذه الفئة إذا لم توجد هواتف خلوية؟

المستشارة بشرى عربيات: العدوى السلبية تفتك بالأرواح والأخلاق والقيم وإذا لم نبدأ بالعلاج سوف نصل إلى متاهةٍ فكرية

وأضافت عربيات: ولو ربطنا هذا السلوك بأن الأكل في السوق – الدَّرب – دناءة كما ورد في حديثٍ شريف – سنده ضعيف – لرأينا أن ما يحدث من سلوكيات أكثر دناءة! وهل فقد المجتمع الرقابة الأخلاقية والأُسرية على الشباب والفتيات لهذه الدرجة، التي تنفلت فيها السلوكيات لتكون أكثر دناءة؟!

إقرأ ايضًا: خبيرة تربوية تحذر من فئةٍ شديدة الخطورة على المجتمع

ولفتت إلى نوع آخر من أنواع العدوى السلبية التي تسلَّلَت هي الأخرى إلى المجتمع، متمثلة بـ “ظهور فتيات محجبات للمشاركة في برامج للمواهب أو أحلى صوت على سبيل المثال لا الحصر، بحيث تشارك تلك الفتيات بتلاوة القرآن الكريم أو أناشيد إسلامية، لترى وجوه لجان التحكيم ما بين معجبة وخائفة، وبالطبع لا يمكنها رفض هؤلاء حتى تكتمل المصيبة، ولم يتوقف الموضوع هنا، بل تعدَّى ذلك إلى نشر إعلانات على بعض مواقع التواصل الإجتماعي ” لمقرئة ” من بلدٍ ما!”.

وتساءلت عربيات: “تُرى من أعطى فتوى شرعية بذلك؟؟ واذا انتشر هذا الموضوع سيكون بالتأكيد نوعاً خطيراً من العدوى السلبية، أضف إلى ذلك انتشار أكثر من صورة نمطية للحجاب، لكن لا علاقة لها بالإسلام، بدايةً من لبس البنطال الضيق الذي يفصِّل الجسم، مروراً باستخدام مساحيق الوجه بأسلوبٍ لافت، لكنه مقرف ومقزز، وحالياً انتشرت ظاهرة ترك جزء من مقدمة الرأس – شعر الفتاة والسيدة – مكشوف وحتى كشف الأذنين والرقبة”.

العدوى تفتك بكل الأعمار

وأوضحت الخبيرة التربوية أنّ هذه المشاهد لا علاقة لها بالعمر فترى السيدات الكبار والمراهقات في ذات المشهد، الأمر الذي يدعو للتساؤل، إذا أرادت أي منهن الحجاب فلماذا اختارت هذه الأنماط؟ ولتعلم هؤلاء أنها تسيء إلى دينها، وتكون قدوة سيئة، ذلك لأنها تساهم في نشر العدوى السلبية، وليتها تؤثر على نفسها فقط!!

واستدركت بالقول: لكن الموضوع  يُنذر بخطر سلوكي على المجتمع، ما الفرق بين هؤلاء وبين من تمشي في الشارع شبه عارية؟ برأيي لا فرق بينهم، لأن كلاً منهنَّ تعمل على لفت أنظار الشباب، وتعمل على نشر الفتنة، وتعمل على نشر هذه العدوى السلبية، ولتتذكر كلٌ من هؤلاء أن الله يُحصي كل شيء!

وقالت عربيات: من مظاهر العدوى السلبية المنتشرة في كافة المجتمعات، توجه الشباب والطلبة والعائلات والسيدات لتشجيع كرة القدم، تحديداً دوناً عن باقي أنواع الرياضة، بشكلٍ غريب عجيب، وكأن اللحاق بكرة على أرضية الملعب هدفاً سامياً!

ولفتت قائلة: “لستُ ضد الرياضة، ولكني أتساءل عن كرة القدم تحديداً، يُصرف عليها الملايين، وتستقطب الشباب اليافعين وتعمل على هدر الوقت نتيجة تسليط الضوء عليها بشكلٍ غريب، تُرى لو تمَّ صرف جزءاً من تلك المبالغ للفقراء والمساكين الذين لا يجدون لقمة العيش في العالم، فهل يمكننا أن نرى متسولين؟! لذلك أرى أنها عدوى سلبية بكل ما تعني هذه الكلمات من معنى، ذلك لأنه ما زال هناك بيننا متسولين،ولم تتحرر فلسطين،وهنا أتساءل كيف يمكن أن نرتقي يوماً وقد أصبحت  أهدافنا أرضية؟!”.  

إقرأ أيضًا: أجيالٌ خارج التغطية.. مستشارة تربوية ترصد ظاهرة مقلقة لـ”كوارث مجتمعية”

وأضافت عربيات أنّ العدوى السلبية طالت النشرات الجوية التي نسمعها ونراها عبر المواقع المتخصصة بالنشرات الجوية وعبر الوسائل الإعلامية، فانتشرت عبارة “حالة عدم الإستقرار” لترافق هطول الأمطار، وكأنَّ الغيث من السماء عدم إستقرار!، هذه الرسائل السلبية منعت عنَّا غيث السماء، وصار فصل الربيع والصيف بدلاً من الشتاء، وإنني أتمنى على هؤلاء تحليل حالة الجوّ بصورة علمية،بعيداً عن الرسائل السلبية، وكأن فصل الشتاء أصبح ضيفاً ثقيلاً – للأسف – ، ألا يعلم هؤلاء أنه لولا فصل الشتاء لما كان الربيع؟

عدوى المناهج

وأشارت إلى أنّه لا بد أيضاً من التركيز على العدوى السلبية التي أصابت المناهج التعليمية، إذ تمَّ اختزال كثيراً منها، فأصبحت مناهج هزيلة ضعيفة لا ترقى لمستوى أفضل في التعليم، هذه العدوى جاءت بحجة دفع الطلبة للبحث، بعيداً عن التلقين، لكن ما حدث فعلاً هو تقزيم ومسخ للفكر والثقافة والتعليم، الأمر الذي سينشأ عنه أجيالاً لا تعرفُ شيئاً عن تاريخها أودينها أولغتها، ولا عن القيم التي يجب أن يتربُّوا عليها، فقد غابت القدوات التربوية في كثير من المدارس الخاصة والحكومية، وصار معظمها مرتعاً خصباً لانتشار العدوى السلبية في شتَّى المجالات، وفي كثيرٍ من السلوكيات!

وشددت على أنه “من هنا علينا أن ننتبه، بل نتنبَّه لمخاطر العدوى السلبية التي أصابت المجتمع في كثيرٍ من المفاصل التربوية والسلوكية، ليس فقط التنبيه، بل يجب أن تُستبدَلَ هذه العدوى بأخرى إيجابية، تعملُ على إعادة بناء الأجيال والمجتمع بطريقة فُضلى وترتقي بالجيل الحالي والقادم لمستوى الأمل”.

وأكدت عربيات في نهاية حديثها لـ “البوصلة” على أنه يجب علينا مكافحة العدوى السلبية كما نكافح الأمراض المعدية التي تفتك بالمجتمعات، علينا الدفاع وبقوة عن المخالفات المرورية المتعلقة باستخدام الهواتف الخلوية، وعلينا نشر الوعي لعدم الإساءة للتربية الإسلامية أو المناهج التعليمية، وعلينا الكثير الكثير،  لكن فتك الأمراض يختلف عن هذه العدوى، ذلك لأنه فتكٌ بالأجساد، بينما مظاهر العدوى السلبية تفتك بالأرواح والأخلاق والقيم، وإذا لم نبدأ بالعلاج، سوف نصل إلى متاهةٍ فكرية، عندئذٍ لا ينفعُ الندم!

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: