د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

نقاط على الحروف في مطلع الشهر الثاني لطوفان الأقصى

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:


قضايا كثيرة خطيرة وملحة أثارتها حرب غزة الكاشفة الفاضحة التي أكدت المؤكد وحكمت في كثير من مواطن الخلاف .. حرب غزة وضعت على الطاولة من جديد ما كنا طويناه يأسا من جدوى الخوض فيه، أو إحساسا بأنه صار مستعلنا لا يحتاج إلى مزيد إيضاح، أو خوفا من آثار نبشه،فإن الكلمة في ثقافة القرن الحادي والعشرين صارت تخيف أكثر من صاروخ لا نملكه أصلا ، والحروف المحتاجة إلى نقاط لا تحصر في مقال ، وما لا يدرك كله لا يترك جله ، فإليكم هذه الحروف المنقطة وأرجو أن تكون واضحة عسانا نخرج من هذه الأيام أمة أخرى تعرف ما لها وما عليها وتنفض عن نفسها غبار تبعيتها الجلية لعدوها بعد عقود من استقلال صوري لمجموعة دولنا التي صاغوها لتكون كل واحدة عاجزة عن الحياة وحدها ولتكون أعجز من أن تتحد ولو فكرت في ذلك:

١) دولنا تحتفل باستقلالها جميعها وبقيت فلسطين منذ أكثر من قرن محتلة ، لكن تضاعيف الأحداث والمواجهات سنة بعد سنة تظهر استقلال مشروع فلسطين وعزة أهلها كما تظهر مدى تبعية غيرها من دول العرب برغم علَمها المرفوع ونشيدها الوطني المسموع وسفاراتها المفتوحة في الدول التي ما تزال تمارس عليها وصاية سياسية واقتصادية وثقافية ، مما أفقد هذه الدول القدرة على رفع صوتها عاليا في وجه من أغاظتهم حرية فلسطين وأغضبهم استعصاؤها على التركيع برغم الترويع والتجويع.

٢) صنع على عين السياسة العربية خذلان الفلسطينيين في المعركة -برغم ما يقدم من مساعدات استهلاكية- وجعل جزء من أبنائها معول هدم لوحدة قرارها الث و rري وظهور التنسيق الأمني مع عدوها فاستُخدم أبو رغال -النسخة الفلسطينية- لللمضي في مخطط هدم مسجدها والتآمر على مصيرها.

٣) أقصر طريق للوصول إلى تجريد الأمة من قدرتها على البقاء في ساحة الشرف إقناعها بضرورة دعم السياحة والترويج لها بإقامة المهرجانات “الفنية” والبرامج الترفيهية التي تقتضي انعتاقا من الموروث الأخلاقي المثبّت لقواعد الحكم الرشيد منذ الدولة الإسلامية الراشدة إلى أن نجح المستهدفون لرشدها في جعله “موديلا” قديما ، ثم جعل المطالبين بالعودة إليه مارقين مهددين للأمن والسلم الدوليين.

٤) ولما أراد صناع هذا “الانقلاب الحضاري” القيمي أن يحافظوا على منعة مشروعهم القائم على اجتثاث الأصول فقد عملوا على محاربة القدوات في حياة الناس وتصويرهم بأبشع صور التخلف والانتهازية، واتهامهم بالخروج على ولي الأمر لتخويف الناس منهم ومنعهم من الالتفاف حولهم ، وعليه فإنهم خطر على المنابر إذا صعدوها وعلى المنتديات إذا تحدثوا فيها ، وأدواتهم لا بد من مراقبتها ، فللمساجد أوقات تفتح فيها ثم تغلق وللخطب والدروس ضوابط ، حتى إمامة المصلين يمنعون منها إلا بضوابط وأذونات رغم شهرتهم بإتقان القرآن تلاوة وفهما وقبولهم علميا وشعبيا ، وذريعة التضييق على حركة الفعل المسجدي ومنع إقامة الفجر العظيم وتحويل المسجد إلى مكان مراقب بشدة لإقامة ركعات طيارة يمضي أثرها مع إغلاق المكان الذي أديت فيه بعد أدائها هو المحافظة على الفرق في المحصلة بين الجامع والجامعة والكُتّاب والمدرسة والمعلم الشيخ والمعلم الأفندي.

٥) المعركة الثقافية معركة وجود وهوية ، ومناهج التعليم التي نحنّ إليها كانت تحدّث العربي عن تاريخه إسلاميا وعربيا ، وكانت تركز على أهمية المقدسات الإسلامية والمسيحية في حياته ، ولا مانع لتطويع الجيل الجديد من الدفع بمشاريع مناهجه الدراسية إلى معاهد ومؤسسات أجنبية لتكون أكثر تطبيقا لمناهج البحث الحديثة التي ترقى بمستوى تفكير الطالب وتوسع مداركه ، ومتى تم ذلك فقد عصفوا بلغة الجيل ودينه وثوابته لأنها جميعا ليست لغة تلك المؤسسات المرتزقة ولا دينها ولا ثوابتها.

٦) لكي يقتنع الضحية بحاجته إلى الأغيار في تفاصيل معاشه لا بد أن يحس بأنه فقير يملك الأغيار إغناءه ، ضعيف يلوذ بقوة الأغيار ، ولا بد في سبيل ذلك أن يقتنع بأنه بلا موارد وأن أعظم موارد بلاده هو العنصر البشري ، ليظل حراثا عاجزا عن توفير تكاليف أدوات حراثته ، فبلاده بلا بترول ولا ماء ولا معادن برغم وجودها الحقيقي الأكيد لكن القرار السياسي الغالب أن يبقى كنزنا الوافر هو هذا المواطن العاثر.

٧) يعلم كل عاقل أن الدين مصدر همة صاحبه وإصراره على الحياة الكريمة ، لذلك لا بد وفق قواعد اللعبة الدولية أن يبقى المسلم بعيدا عن دينه ، فدينه هو الذي سيخبره بأن السكوت عن نهب ثرواته حرام ، وأن التهاون في الدفاع عن مقدساته خيانة ، وأن العدو الظالم ليس له إلا السيف ، وأن الذل والهوان والتقصير في حفظ الثوابت ليست في قاموس المسلم العزيز ، أتريدهم بعد ذلك ألا يحاربوك وألا يبعدوك عن ح م ا س و الم ق ا و مة وألا يعتبروا ترديدك لأسمائهم ومصطلحاتهم محظورا وطنيا فأنت إذا ركنت إليهم متهم في ولائك وإذا حملت علَمَهم فقد شكّكت في انتمائك .
إن ممارسة العلاقة مع فصيل من الفصائل الفلسطينية بحجة أنه هو الممثل الوحيد للكل الفلسطيني هو إغلاق لعين الحقيقة عن فصيل هو الذي يملك الثقل على الأرض ويملك القدرة العملية على النكاية بالعدو على طريق التحرير فتطنيشه وإهماله دلالة واضحة على الرغبة في إقصائه والإطاحة بمشروعه المنتج الوحيد.

٨) تشكل علاقة العرب مع الغرب أكبر تحدّ لوجود هذه الأمة على الخريطة ، فما لم تكن علاقة ندية وإن على سبيل تعامل دولة مع دولة ، لا تعامل قوة عظمى مع كانتوت تحت حمايتها ، فإن هذا هو الذي يستبيح الأرض لأن تكون قاعدة عسكرية أو محمية اقتصادية سياسية فإنه شرعنة لاحتلال يفرض ما يشاء من اتفاقيات وتفاهمات هي محض إملاءات أو قُل عقود إذعان تفقد الكل العربي معنى وجوده .
ثم أما بعد …. فمشكلة غزة لم تبدأ في السابع من أكتوبر ولا قبل ذلك بخمس وسبعين سنة هي عمر الاحتلال الصهيوني ، لقد بدأت مشكلة غزة ومعها سائر العالم الإسلامي يوم هنّا على أنفسنا فهنّا على الناس ، يوم تآمرنا على ذاتنا قبل أن يتآمر علينا الناس ، وواقع غزة اليوم حصارا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا هو وليد تقصيرنا في الحفاظ على مكان لنا تحت الشمس منذ طمسنا وجود الإسلام في حياتنا كلها ، ولمّا استبان الصبح لذي عينين وسقطت كل محاولات إشغالنا عن أصالة مشروعنا الحضاري صار لزاما على خصوم الإسلام السياسي أن يتراجعوا خطوات إلى الوراء ليفسحوا الطريق أمام أدوات المقاومة الحضارية لصناعة حاضر عساه يعوض الكثير مما خسرناه في الماضي.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts