هل تريد أن تتذكر بشكل أفضل؟.. لا تحفظ كثيرا

هل تريد أن تتذكر بشكل أفضل؟.. لا تحفظ كثيرا

هل تريد أن تتذكر بشكل أفضل؟.. لا تحفظ كثيرا

نشر موقع “بيغ ثينك” الأمريكي مقالا قدّم فيه الكاتب تشاران رانجاناث، نصائح حول كيفية تحسين الذاكرة والاستفادة من المعلومات دون حفظها. 

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن جورج ميلر، أحد مؤسسي مجال علم النفس المعرفي الناشئ، كتب في سنة 1956 ورقة بحثية أسّست لنقطة أساسيّة حول الذاكرة تم التحقق من صحتها مرارًا وتكرارًا: وهي عدم قدرة الدماغ البشري على الاحتفاظ إلا بقدر محدود من المعلومات. ولفت ميلر النظر إلى استنتاجه القائل إنه يمكننا أن نستوعب حوالي سبعة عناصر فقط في وقت واحد. 

وتشير التقديرات الأحدث إلى أن ميلر كان متفائلاً للغاية وأنه لا يمكننا الاحتفاظ إلا بثلاث أو أربع معلومات في أذهاننا في وقت واحد. يساعد هذا الحدّ في الذاكرة في تفسير السبب، فعندما يقوم موقع ويب بنشر سلسلة عشوائية من الأحرف والأرقام لكلمة مرور مؤقتة – على سبيل المثال  “JP672K4LZ” – فسوف تنساها على الفور تقريبًا إذا لم تدوّنها.

يواجه رياضيو الذاكرة المحترفون نفس الحدود التي يواجهها أي شخص آخر، لكنهم يتغلبون على المشكلة عن طريق استغلال ثغرة كبيرة: لا يوجد تعريف محدد لما يشكل قطعة واحدة من المعلومات. يسمح لنا التقطيع بضغط كميات هائلة من البيانات إلى كمية يمكن التحكم فيها ويمكن الوصول إليها بسهولة.

ذكر الكاتب أنه على الرغم من أنك قد لا تكون على دراية بذلك، إلا أنك تستخدم بالفعل التجزئة في التعلم والتذكر اليومي. فعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تحفظ رقما خاصا بك من ثماني خانات. 

ما يجعل هذا التسلسل من الأرقام سهل التذكر نسبيًا هو أنه مقسم إلى ثلاث أجزاء لا تُنسى – نمط ثلاثة اثنان ثلاثة ويمكن التنبؤ به. ونتذكر أيضًا أرقام الهواتف المكونة من عشرة أرقام (نمط ثلاثة ثلاثة أربعة) بطريقة مماثلة. ومن خلال تجميع هذه الأرقام، نقلل كمية المعلومات التي يتعين على أدمغتنا التعامل معها بمقدار الثلثين.

أجريت بعض الأبحاث الأكثر إلحاحًا حول التقطيع في السبعينيات من قبل هيرب سايمون، عالم النفس في جامعة كارنيغي ميلون والرائد في مجال الذكاء الاصطناعي الناشئ. وقدم سايمون مساهمات في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل في الاقتصاد الذي أدى إلى حصوله على جائزة نوبل في سنة 1978، ولكن بالنسبة لي، فإن بحثه الأكثر إثارة للاهتمام كان حول الشطرنج. أصبح سايمون مهتمًا بتطوير خوارزميات الكمبيوتر لمحاكاة كيفية حل البشر للمشكلات لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي، واستخدم الشطرنج باعتباره التحدي النهائي الذي يجب حله.

عند النظر إلى اللوحة، قد يجد المبتدئون صعوبة في تتبع مواقع جميع قطعهم. في المقابل، يستطيع الأستاذ الكبير – وهو لقب يُمنح فقط لأفضل لاعبي الشطرنج – أن يستوعب بسرعة تكوين القطع على اللوحة، ويتعرف على الأنماط والتسلسلات المألوفة ويستجيب لها. ونتيجة لذلك، فإن المبتدئ يواجه صعوبة في كل حركة، لكن الأستاذ الكبير يمكنه تجاوز الفوضى وتوقع سلسلة كاملة من الحركات التي لم تُجرَ بعد.

عندما درس سايمون خبراء الشطرنج، وجد أنهم يستطيعون النظر إلى مجموعة من القطع على اللوحة لبضع ثوان فقط ثم إعادة إنتاج مواقع كل قطعة من الذاكرة. مع ذلك، فإنه عندما طُلب منهم أن يتذكروا مواقع قطع الشطرنج الموضوعة في مواقع عشوائية تنتهك قواعد الشطرنج، فقد انخفض أداء ذاكرتهم إلى مستوى الهواة. وتشير هذه النتائج إلى أن كبار أساتذة الشطرنج لا يتّمتعون بقدرات ذاكرة غير عادية بل يعتمدون بدلاً من ذلك على معرفة الأنماط والتسلسلات التي يمكن التنبؤ بها والتي تراكمت عبر العديد من المواقف التي قد يواجهها المرء في لعبة شطرنج نموذجية. 

وأكد الكاتب أنه كان لديه حدس مختلف. وبما أنه يدرك أن القشرة الجبهية تساعدنا على التركيز على الجوانب المميزة لحدث ما، فقد شكك في أن الخبرة تغير الطريقة التي نحرك بها القشرة الجبهية. وظلّت هذه الفكرة خاملة حتى قدمها طالب الدراسات العليا مايك كوهين إلى طالب جامعي رائع في علم النفس يدعى كريس مور. ومن خلال العمل معًا في وقت متأخر من الليل، طور كريس ومايك برنامج كمبيوتر لإنشاء سلسلة من الأشكال الثلاثية الأبعاد. بدت هذه الأشكال تشبه إلى حد ما سفن الفضاء، ولكنها اتبعت بنية ومنطقًا أساسيين، بنفس الطريقة التي تتمتع بها أنواع الطيور المختلفة أو أنواع السيارات بسمات معينة تختلف وسمات معينة تكون ثابتة إلى حد ما.

بعد ذلك، قام كريس ومايك بتجنيد مجموعة من الطلاب المتطوعين، الذين أصبحوا، على مدى عشرة أيام، “خبراء” في هذه الأشكال الغريبة، وتعلموا تحديد السمات المشتركة بين الأشياء وكذلك التمييز بين الاختلافات بينها. بعد التدريب، وضعوهم في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي لرؤية كيف أثّر هذا التدريب على أدمغتهم. وبينما كنا نسجل نشاط أدمغتهم، فإنه عُرض عليهم لفترة وجيزة أحد الأشكال الفضائية ثم طُلب منهم الاحتفاظ بصورة ذهنية له بعد اختفائه من الشاشة. وبعد حوالي عشر ثوانٍ، عُرض عليهم شكل آخر وسُئلوا عن ما إذا كان هو نفس الشكل الذي رأوه للتو.

بالنسبة لشخص ليس لديه أي تدريب، كان من الممكن أن يكون هذا الاختبار صعبًا للغاية، لكن أداء المتطوعين كان مثاليًا تقريبًا. ومثل أساتذة الشطرنج كـ هيرب سيمون، فقد طور المتطوعون طرقًا معينة لاستخراج المعلومات الأكثر فائدة حول ما كانوا يحاولون تذكره، ما سمح لهم بتجاوز قيود الذاكرة من خلال الاستفادة من خبراتهم. وكما توقعت، فقد أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أن النشاط في قشرة الفص الجبهي زاد بشكل كبير عندما اعتمد الطلاب على مهارات الخبراء لإبقاء تلك الأشكال الغريبة حية في ذاكرتهم.

وخلص الكاتب إلى أن الخبرة لا تتعلق فقط برؤية الأنماط، بل تتعلق أيضا بالطريقة التي نجدها بها. عندما نكتسب الخبرة في أي مجال، يمكننا استغلال ما تعلمناه للتركيز على أهم أجزاء المعلومات الجديدة التي نحتاجها.

عربي ٢١

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: