هل ستساهم فكرة دمج وزارتي “التربية” و”التعليم العالي” بتطوير العملية التعليمية؟

هل ستساهم فكرة دمج وزارتي “التربية” و”التعليم العالي” بتطوير العملية التعليمية؟

عمّان – البوصلة

أثارت الأفكار التي طرحها وزير التربية والتعليم عزمي محافظة نهاية شهر كانون الثاني من العام الحالي حول إمكانية العمل بخطة “دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي” جدلاً ونقاشًا لدى المختصين والخبراء والأوساط التعليمية، فبينما كشف استطلاعٌ أجراه المجلس الاقتصادي والاجتماعي مطلع العام 2023 تاييد الأغلبية من القيادات الحكومية لفكرة الدمج، إلا أنّ العديد من الخبراء والمختصين رأوا أنّ هذه الفكرة ستصب في صالح إضعاف العملية التعليمية برمّتها الأمر الذي سينعكس على مخرجات التعليم بشكل أسوأ ممّا يعانيه اليوم.

وأكدت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أنّ عملية دمج وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي في وزارة واحدة لن تصبَّ أبداً في مصلحة التعليم، مشددة في الوقت ذاته على أنّ هذه الفكرة لن تساهم في تطوير التعليم، بل إنها فكرة سوف تعمل على زيادة الضعف في مخرجات التعليم على قاعدة (ضعيف + ضعيف = أضعف).

المستشارة بشرى عربيات: التعليم تراجع منذ سنوات وفكرة الدمج ستعيدنا للوراء أكثر

إقرأ أيضًا: عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

وقالت عربيات: “تتراودُ إلى مسامعنا فكرة دمج وزارة التربية والتعليم مع التعليم العالي، ونتساءل هل يُعقل ذلك؟ وإن كان لا بدَّ من هذا فلماذا؟”.

وأضافت بالقول: ” نعلمُ جميعاً أن التعليم قد تراجعَ تراجعاً ملموساً منذ سنوات، ليس فقط التعليم المدرسي، بل أيضاً التعليم العالي في الجامعات، وربما كان من أبرز أسباب هذا التراجع هو مخرجات التعليم العالي الذي انعكس على المدارس، حين دخل سلك التعليم أعدادٌ لا بأس بها عبر سنواتٍ مضت وما زالت”.

سهونا عن التعليم!

ونوهت إلى أنّ “هذه النماذج لم تستطع أن ترتقي بالعملية التعليمية والتربوية، بل إنها لم تحافظ على المستوى الموجود على أقل تقدير، ذلك لأن معظم هؤلاء لم يختر المهنة، بل أن المهنة اختارت معظمهم بسبب عدم وجود فرص عمل أخرى، وبذلك فُرضوا فرضاً على حقل التعليم، ويبدو أنه كما قال أحد المسؤولين يوماً يبدو أننا سَهَونا عن التعليم! برأيي أننا كذلك فقد سهونا سهواً تبعه نومٌ لم نستفق منه بعد! إذ من المعلوم أن السَّهو حالة لا تستغرقُ وقتاً طويلاً، لكنه طال!”.

وتابعت حديثها بالقول: “منذ شهرين أو أكثر سمعنا وتابعنا لقاءات تناقش دمج الوزارتين، هذه الوزارات السِّيادية التي لا يمكن أن تصبح جسماً واحداً لا يحمل في طيَّاته إسم التربية أو التعليم، حيث سمعنا أنه سيتم تغيير الإسم بالكامل بعد الدمج لتصبح وزارة التنمية البشرية ! فهل يُعقل أن تكون هناك تنمية دون تربية أو تعليم؟ ولماذا أصلاً يُراد حذف مصطلحات التربية والتعليم من إسم الوزارة؟ وهل سيتم تسمية المعلمين والمعلمات ( بالتنموييِّن) مثلاً ! هذا أمرٌ غريبٌ وعجيب حقاً!”.

النقد البنّاء بهدف تحقيق المصلحة العامّة

وشددت الخبيرة التربوية على “أننا لا نتحدث عن هذا الموضوع أو غيره بهدف الإنتقاد، بل هو نقدٌ بنَّاء، والهدف هو المصلحة العامة، ونتحدث من خبرة طويلة واسعة في حقل التربية والتعليم، سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص،وسواءً بتدريس المنهاج الأردني أو المناهج الأجنبية لسنواتٍ طويلة، ناهيك عن خبرة واسعة في الإستشارات التربوية وغيرها من الخبرات في مجالات متعددة تخدم التعليم والمدارس الحكومية من شمال الأردن إلى جنوبه”.

 وقالت عربيات: لذلك أرى أن فكرة الدمج لن تساهم في تطوير التعليم، بل إنها فكرة سوف تعمل على زيادة الضعف في مخرجات التعليم، حسب المعادلة (ضعيفٌ+ ضعيف= أضعف)، مع عدم التقليل من أهمية بعض الجهود المبذولة في هاتين الوزارتين، لكن لا شك أن هناك ضعفاً”، لافتة في الوفت ذاته إلى أنّنا “نرى العديد من خريجي الدراسات العليا تحملهم الشهادات ولا يحملونها، يخطؤون في القراءة والكتابة والتعبير، أضف إلى ذلك شهادة أحد وزراء التربية والتعليم منذ سنواتٍ ليست بالبعيدة أن أكثر من مائة ألف طالب وطالبة في المرحلة الأساسية الدنيا لا يقرؤون ولا يكتبون، وبرأيي لو قمنا بعمل دراسة الآن للمراحل الأساسية والثانوية، لوجدنا المزيد مع الأسف الشديد !”.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

وختمت عربيات تصريحاتها بالقول: “رأينا ما حلَّ بالمناهج مؤخراً، نسخاً مكررة من كتب أجنبية بأسلوب الترجمة والنسخ واللصق مع عدم مراعاة مستوى الطلبة المتلقين، ومستوى المعلمين!  كما رأينا ما نتج عن الجائحة من فاقدٍ تعليمي ، يقال أننا سنتعافى منه بعد ثلاث سنوات، لكني لا أعتقد ذلك بسبب ما نسمع من قصص وحكايات عن عدم إلتزام كثير من المعلمين والمعلمات بتعويض ما فقده أبناؤنا الطلبة من تربية وتعليم، لذلك أرى أن عملية الدمج لن تصبَّ أبداً في مصلحة التعليم، ولنتذكر أن التعليم هو أساس بناء الأمم والمجتمعات، فالعلمُ يبني بيوتاً لا عمادَ لها، والجهلُ يهدمُ بيوتَ العِزِّ والكرمِ! حمى الله الأردن”.

الحكومة تناقش فكرة الدمج

وكان وزير التربية والتعليم، عزمي محافظة، قال نهاية شهر كانون الثاني، إن خطة دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي تناقش الآن في مجلس الوزراء، ومن المتوقع العمل عليها خلال الأعوام المقبلة.

وبين أن اللجان المشكلة للعمل على الدمج أنهت أعمالها، بحيث يكون للوزارة الجديدة أمين عام، و3 مجالس: للتربية والتعليم، وللتعليم العالي، وللتعليم التقني، وذلك خلال اجتماع لجنة التخطيط في الوزارة.

ترويج مسبق لفكرة الدمج

وكانت الحكومة استبقت حديث وزير التربية والتعليم عزمي محافظة عن خطة الدمج بالترويج لمخرجات الحوار الوطني حول خارطة تطوير القطاع العام، ضرورة دمج وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي وإنشاء وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية.

وبين المجلس الاقتصادي الاجتماعي أن تلك الفكرة حظيت بدعم أكثر من الثلثين من المشاركين في الحوار، حسب استطلاع المشاركين (70%)، وأكثر من ثلاثة أرباع (77%) في استطلاع القيادات الحكومية.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية: هدفنا الأسمى الارتقاء بمستوى التعليم وليس النقد

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: