خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

عمّان – البوصلة

حذرت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” من استمرار الانحدار بمستوى تعليم الأجيال الحالية والقادمة للغة العربية قراءةً وكتابةً في مدارسنا الحكومية والخاصة، مشددة على أنّ “الوضع سيء جداً، ويُنذرُ بخطرٍ على أجيالٍ بأكملها أصبحت مهددة بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة”، على حد تعبيرها.

وتسرد عربيات ما أطلقت عليها “حكاية طلابنا المؤلمة.. ما بين الخطّ والحظّ”، وترصد من خلالها أهم وأبرز الأسباب التي جعلت طلابنا لا يتقنون اللغة العربية، سواءً قراءةً أو كتابة، حيثُ فقد معظم الطلبة مهارات الكتابة والقراءة”.

وتوضح حديثها السابق “ما بين الخط والحظ” بالقول: إنه عنوانٌ مُستوحى من بيت شِعرٍ قرأتُه قبل سنواتٍ طويلة، حين كنّا نقوم بعملية تصحيح مبحث الفيزياء في امتحان الثانوية العامَّة، حيثُ كانت المفاجأة أن قام أحد الطلاب، بإعادة كتابة الأسئلة على دفتر الإجابة، ولكن لم يجيب على أي سؤال، للأسف الشديد ! وقد كتب هذا البيت في نهاية الدفتر: (خطِّي جميلٌ، لكنَّ حظِّي لا يُشبهُ خطِّي… فيا نُقطةَ الخاءِ رفقاً، على الطَّاءِ حُطِّي)، وقد كان الخطُّ جميلاً فعلاً، لكن لسوء الحظ أن ذلك الطالب حصل على علامة صفر في ذلك الإمتحان، لأنه لم يُجيب على أي سؤال كما أسلفت.

المستشارة بشرى عربيات: لحل يبدأ من إهتمام الأسرة بتدريب أطفالهم وأبنائهم على الكتابة والقراءة باللغة العربية بساعاتٍ محددةٍ

 وتستدرك عربيات بالقول: “ولو عقدنا مقارنة بين الأمس واليوم، لوجدنا فارق كبير بين الأجيال، قديماً كان الحظُّ أقل في فرص التعليم، وكان مستوى التعليم والتعلُّم أفضل، أما الآن تتوفر فرص كثيرة للتعليم، نظريا،  لكن غابت الدافعية والرغبة في التعليم والتعلُّم لدى كل من المعلمين والطلاب على حدٍّ سواء، وكانت النتيجة ضعفٌ في القراءة والكتابة والتعبير، وصار الخط أكثر سوءًا”.

حكاية طلابنا المؤلمة

ولفتت إلى “أنّ هذه القصة هي جزء من حكاية طلابنا المؤلمة، الذين أصبحوا لا يتقنون اللغة العربية، سواءً قراءةً أو كتابة، حيثُ فقد معظم الطلبة مهارات الكتابة والقراءة، وذلك لعدة أسباب ، ولعلَّ من أهمها عدم الإهتمام باللغة العربية داخل المدارس بجميع أصنافها، حكومية أم خاصة”.

إقرأ أيضا: مستشارة تربوية: “تحفيظ دون تحفيز”.. هكذا تتراجع المنظومة التعليمية باستمرار

وتتابع المستشارة التربوية بالقول: ناهيك عن انتشار البرامج الأجنبية التي دفعت باللغة العربية إلى الخلف بشكلٍ مخيف! والسبب لا يعود لعدم وجود مناهج لتدريس اللغة العربية، بل الأسوأ أن تلك المناهج تخاطب الطلبة بلغة عربية قوية، لا يتمكن الطالب من فهمها أصلاً، وفي المقابل يُطلب منهم كتابة نصوصٍ أدبيةٍ لا يفقهون عنها شيئاً، وإذا كان لا بد من الكتابة، فإنهم يستخدمون الأجهزة الإلكترونية، وبالتالي يكون الخط سيئاً جداً في مراحل دراسية متقدمة، فترى خط طالب في المرحلة الثانوية يُشبه خط طالب في الصف الأول الأساسي! ليس هذا فحسب، بل إنَّ الأخطاء الإملائية لا حصرَ لها!

وعبرت عن أسفها من أنّ البعض من هؤلاء الطلبة يقول مبرراً سوء الخط، أنَّ خطوط العباقرة والأطباء ليست جيدة وغير واضحة، والمضحك المبكي في ذلك أن هؤلاء الطلبة ليسو متميزين أكاديمياً! أضف إلى ذلك انتشار لغة ( الشات) في السنوات الأخيرة والتي استبدل فيها الناس الأحرف بالأرقام وغيرها من الأحرف التي برأيي كانت سبباً في إهانة كلاً من اللغتين العربية والإنجليزية! إذ يمكن القول باختصار أنَّ “لغة الشات أهانت اللغات”.

حلول تبدأ من الأسرة

وقالت عربيات في معرض تقديمها للحلول: إذاً المشكلة واضحة، وبدأت تطفو على السطح، لذلك لا بدّ من وجود حل لهذه المشكلة، والحل يبدأ من إهتمام الأسرة بتدريب أطفالهم وأبنائهم على الكتابة والقراءة باللغة العربية، ولا بأس من تحديد ساعة معينة للجلوس معهم.

إقرأ ايضًا: مستشارة تربوية لـ “البوصلة”: يجب تضافر الجهود لتوفير بيئة تعليمية آمنة جسديًا ومعرفيًا

واستدرك المستشارة التربوية بالقول: أما عن دور المدرسة فهو دور كبير جداً، يبدأ بعدم تهميش اللغة العربية في الغرف الصفيَّة، وعدم إهمال تدريبات الكتابة.

كما لفتت عربيات إلى أهمية عقد مسابقات في الخط العربي والقراءة، وتفعيل دور الإذاعة المدرسية لتشجيع الطلبة على القراءة والتعبير، مهما كان مستوى الطالب.

وشددت عربيات في ختام حديثها لـ “البوصلة” على ضرورة الإسراع والبدء بحل هذه المشكلة لا سيما وأنّ “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وعلينا أن نبدأ ولا ننتظر مزيداً من التراجع في القراءة والكتابة بين الجيل الحالي والقادم، فالوضع سيء جداً، ويُنذرُ بخطرٍ على الأجيال المهدَّدين بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة!”.

إقرأ أيضًا: مستشارة تربوية تثير تساؤلات مهمّة قبيل انطلاق عامٍ دراسيٍّ جديدٍ

(البوصلة)    

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: