نشرة “فَاعتبِرُوا” 120

نشرة “فَاعتبِرُوا” 120

فَاعتبِرُوا

بقلم د. عبدالحميد القضاة

جلَدُ الفاجرِ وعجزُ الثقةِ

كتب غيورٌ عن خبرين أثارا في نفسه الشجون، أولهما حضور كبير لفرقة رقصٍ في بلاد الحرمين، وطوابير طويلة تصطفُ لحجز مقاعد في الحفل، وثانيهما أنّ متخصصة في علم الحديث تُعلن عن دورةٍ في السنة الشريفة؟  فيسجلُ الكثيرات، لكن من حضر أختان فقط .

هذه المفارقة العجيبة ذكّرتُه بالمقولة المنسوبة لعمر رضي الله عنه حين قال:: أشكو إلى الله جلَد الفاجر وعجز الثقة، يعني قوة الفاجر في فجوره، وضعف الصالح في نصرة الحق.

ذكّرته كيف أننا نشكوا من تفوق أعدائنا علينا عسكرياً، ومكر أذنابهم ومحاربتهم لديننا ومنعهم لكثير من أبواب الخير، لكن ما نفعله نحن المسلمين بأنفسنا أسوأ وأكثر إيذاء .

ذكّرتهُ بصرخات البعض: أين العلماء، لماذا لا نراهم يردون على الشبهات؟، حتى إذا قام العلماء وبذلوا ودعوا الناس لحضور مجالس العلم اختفى هؤلاء الصارخون اللائمون.

ذكّرته بكلمةً قالها له أحد أصدقائه: “الشواذ كانوا منبوذين مُجَرَّمين بالقانون في الغرب، لكنّهم صبروا على باطلهم، وجاهروا بقذارتهم، وخططوا وعملوا حتى انقلب الحال في سنوات، فأصبح من ينتقدهم مُجَرَّما بالقانون في الدول الغربية، بينما نحن المسلمين أتباع الحق ليس عندنا مثل مثابرة أهل الباطل، وذكّرتهُ بقول تعالى ” وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا “، فما ضرنا كيد أعدائنا إلاّ لنقصِ صبرٍ وتقوى فينا نحن المسلمين.

نزيف الأعمار

لما سمع عكاشة أن سبعين ألفا سيدخلون الجنة بغير حساب، أسرع فقال: يا رسول الله، ادع الله أن أكون منهم قال: أنت منهم، فقال آخر: ادع الله أن أكون منهم قال: سبقك بها عكاشة… فبين دخول الجنة بغير حساب، وبين التعرض للحساب والمساءلة لحظة واحدة، هي التي كانت بين سؤال عكاشة رضي الله عنه وصاحبه، وهكذا الأمور مع الله تفرق فيها اللحظة وتؤثر فيها التسبيحة، وتقدم المرء أو تؤخره دعوة أو دمعة، أشد الناس ندماً في الآخرة هم المهدرون لأعمارهم، حتى وإن دخلوا الجنة، فبين الدرجة والدرجة في الجنة قراءة آية، وبينهما في العلو كما بين السماء والأرض، والأعمار تحسب بالأنفاس، والجنة غراسها ذكرالله تعالى، أوقفوا نزيف الأعمار، فالمعالي لن يبلغها مُدمن راحة.

الجلد يتكلم

يوم القيامة سيتكلم الجلد بقدرة ربه، وما يدرينا إذا بجلودنا الآن ما يُسجل ويصور كما هو ثابت في خلايا الذاكرة التابعة لجهاز المناعة، والله تبارك وتعالى يقول في محكم التنزيل:” حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون “،” هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: